* محمود السعدني : عدت الى الشارع عاطلا مفلسا بعد شهر واحد من الثورة * الصحفي الذي صنع مجده من مرافقة الملك والاخر الذي كان يضحكه و الثالث الذي استمتع بإهانته كلهم هبوا ليدافعوا عن الثورة وهكذا عدت والثورة لم يمر عليها سوي شهر واحداً إلي الشارع عاطلاً مفلساً ولكن بأمل جديد.. أن الأمور لن تلبث طويلاً حتي تعود إلي الوضع الطبيعي الذي ينبغي أن تكون عليه..! ولم لا..؟ وأنا من جيل الثورة.. هؤلاء الكتاب الكبار تعفنوا تماماً.. وتورطوا في النظام الملكي حتي أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من النظام.. الصحفي الكبير الذي كان كل مجده أنه يرافق جلالة الملك في رحلاته للخارج.. والذي تلوك الالسنة سيرته علي أنه كان يوماً ما عشيقاً لجلالة الملكة الأم..!.. والصحفي الكبير الآخر الذي كان يجلس علي مائدة الملك ليضحكه حتي يستلقي الملك علي قفاه.. والصحفي الكبير الثالث الذي أراد الملك أن يمزح معه فدفعه إلي حوض السباحة وهو في كامل ملابسه.. ثم خرج من حمام السباحة يشكر جلالة الملك..!.. علي هذه اللفتة الكريمة التي خص بها صاحبة الجلالة الصحافة دون سواها من الهيئات.. هؤلاء السادة أصبحوا جميعاً بهوات وباشوات.. بعضهم يحمل نيشان محمد علي..!.. لابد أن الثورة ستنحيهم عن الطريق لُتفسح لجيل العبد لله طريقه في الصحافة.. والأقلام التي سبحت في بحر النفاق لجلالة الهلفوت الذي يتربع علي العرش لابد ستتواري الآن خزياً عن أعين الشعب.. ولكن.. ما أغرب الحياة.. نفس الأقلام هبت تقاتل من مواقع الثورة وكأنها هي التي صنعت كل شئ.. وراحت هذه الأقلام تكتب بشراهة عن مجون الملك وجنون الملك.. والملك علي الشاطئ الاخر من البحر الأبيض المتوسط.. أخيراً تأكد أصحاب هذه الأقلام أن كل شئ قد انتهي بالفعل.. فتحولوا إلي دود يأكلون من الجثة التي تحولت إلي جيفة.. وطاف بنفسي المذعورة خاطر كئيب.. وهو أن كل شئ سيبقي في غابة الصحافة علي ما هو عليه.. الوحوش في الصدارة.. والموهوبون يتخبطون في الظلام.. هذه التدوينة هي مقطع من كتاب الراحل العبقري الفذ الصحفي محمود السعدني “الولد الشقي”.. والتي مهما حاولت أن أصف ما حدث ويحدث في الإعلام عامة والصحافة خاصة بعد ثورة 25 يناير.. لن أستطيع أن أكتب أروع وأفضل مما كتبه السعدني واصفاً الصحافة عقب ثورة 23 يوليو 1952.. قد نستطيع إستبدال عدة مصطلحات أو كلمات فتتناسب تماماً مع ما يحدث الآن.. ولا أعرف هل ما يحدث الآن هو تكرار للسيناريو ذاته الذي أدي لإنهيار القيم الصحفية وإعتلاء المزيفون عرش الصحافة حتي يومنا هذا.. هل لا تعرف مصر التجديد في ردود أفعالها تجاة الأحداث المتعاقبة ولا يمكن أن تقوم ببث مباشر للتغير.. وإنما تعتمد علي الشرائط المسجلة في ذاكرة وأرشيف البلد.. “لقد خرجت من تجربتي الأولي في الصحافة بحسرة.. وفقدت تلك الصورة الزاهية الألوان عن صاحبة الجلالة وبلاطها.. وأدركت أن البلاط هو الواجهة.. ولكن في القفا بدرونات ومزابل ومطابخ ذات رائحة عبقة”.. محمود السعدني ك. ك 19 – 8- 2011 نقلا عن مدونة كبفي كده لينك المدونة http://kefeekedaa.blogspot.com/2011/08/blog-post_4040.html