انتقد المشاركون في ندوة "القوانين المقيدة للحريات والرقابة على المصنفات الفنية" التي أقيمت بالمجلس الأعلى للثقافة أمس "الأربعاء"، في إطار مؤتمر المثقفين، استمرار شخصنة عمل الرقابة، وتغير أدائها وفقا لشخصية الرقيب – إن كان فنانا أو موظفا معاديا للفن، وطالبوا بتقنين عمل جهاز الرقابة وتحريره من الخضوع لشخصية الرقيب، وكفالة الحريات بشكل قانوني. فيما رأى آخرون أن مشكلة الرقابة في المنح لا المنع، واتهمها البعض بالمساهمة في إتاحة المجال للإسفاف، وأشار د. أشرف توفيق – أستاذ السيناريو بمعهد السينما – إلى أن جهاز الرقابة جهاز حكومي موجود في غالبية دول العالم، وأن مشكلة الرقابة ليست في التابوهات والمنع، وإنما فيما تسمح به من أعمال تفسد الذوق العام. وقال الرقيب الأسبق الناقد علي أبو شادي: إن تحرير النص كمفهوم وإبداع من القيود هو مسؤلية المجتمع، فإذا تم الاحتكام إلى آراء الرقباء تختلف الأذواق، وإن مواجهة الإسفاف هي مسؤلية اجتماعية، ولا بد أن يلعب الإعلام والنخبة دورا في مواجهته، فمثل تلك الأعمال موجودة في أماكن كثيرة حول العالم. وأضاف أن التفاهة ليست سببا للمنع، وهذا دور المجتمع، الذي يجب أن يحمي قيمه وتقاليده، فالرقابة حَمَتْ كثيرًا من الأفلام من السيف المسلط على الإبداع بدعوى عدم تشويه سمعة مصر، ولكن المشكلة ليست في القوانين، وإنما في ضرورة تمتع الرقيب بالإيمان بحرية الفكر والإبداع، والقدرة على اتباع القانون دون إجحاف بالحرية. وطالب الفقيه الدستوري محمد نور فرحات بإلغاء سلطة الرقابة على العمل قبل إعداده دون معايير واضحة تلتزم بها الرقابة، والعودة إلى المادة 19 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، وانتقد التفاف الدساتير العربية على الحريات، وأنها تأخذ باليسار ما تعطيه باليمين، فبعض الدساتير تعلق نصوص الحريات على عدم المساس بأشياء كمبادئ الشريعة دون تحديدها، كما حدث فى دستور 2012، أو تنص على ممارسة كافة الحقوق بما لا يتعارض مع مقومات المجتمع وتقاليده وعقائده الدينية، دون تحديد ما هو المقصود بالقيم والتقاليد والعقائد، مطالبا بأن ينص فى الدستور على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص منضبط. وأضاف أن القانون المصرى يعاقب على جريمة غريبة توارثتها الأنظمة السياسية المتعاقبة، هى الحض على كراهية النظام، أو تغليب طبقات على بعضها، أو ترويج شائعات أو أكاذيب تضر بالسلم العام، وكلها عبارات غير منضبطة، وهناك عشرات النصوص منها: حيازة صور من شأنها الإساءة إلى سمعة البلاد، أو إهانة رئيس الجمهورية، والعيب فى حق ملك أو رئيس دولة أجنبية، وغيرها من التهم التى يجب أن نعمل على إلغائها؛ لأن الأصل هو الأباحة والاستثناء هو الحظر.