تصدر قريبا عن المركز القومي للترجمة، النسخة العربية من كتاب "صورة لمصر.. رحلة في عالم الجماعات الإسلامية المتشددة- صورة جديدة لأسامة بن لادن"، الكتاب من تأليف مارى آن ويفر، ترجمة نشأت باخوم، مراجعة نسيم مجلي ومن تقديم محمد عفيفي . الكتاب عبارة عن محاولة من الكاتبة، أن تروى قصص وحكايات المصريين بنفس أصواتهم ومن خلال عيونهم أيضا، وهي تحاول من خلاله الإجابة على السؤال الصعب ، هل كان من الممكن لمصر أن تخسر معركتها مع الاسلام المتشدد؟ المؤلفة، ماري آن ويفر، كاتبة صحفية وباحثة متخصصة في شئون جنوب شرق أسيا والشرق الأوسط، معظم مقالاتها حول ظاهرة المد الجهادي الإسلامي. وتتبنى المؤلفة، وجهة النظر معظم المحللين الغربيين، والتي تقول أن نشوء ظاهرة الإسلام السياسي، كانت بسبب سقوط الاتحاد السوفيتي، الذي خلف فراغًا فكريًا كبيرًا، ومن هنا انطلقت الأفكار التي ادعت أن التخلف والتردي في المستوى الإقتصادي والاجتماعي، يعود إلى ابتعاد المسلمين عن التطبيق الصحيح الدين، وتأثر حكومتهم بالسياسة الغربية، لذلك فلا بد من وجود بديل، والذي تمثل في الجماعاتالتي تؤمن بالإسلام كنظام سياسي للحكم، وأن الشريعة من الممكن أن تصلح لإدارة مؤسسات الدول. وتكمن أهمية الكتاب، في أن الكاتبة توقعت، أن الإخوان سوف يصلون إلى السلطة عبر الطرق السياسية البطيئة، فعلى رغم الانتقادات والحملات الأمنية ضد هذه الحركات، واعتبارها جماعات محظورة، فإنها سوف تتمكن من الوصول للحكم، كما تنبأت الكاتبة من خلال ثنيات الكتاب بثورة 25 يناير، بل وتوقعت أن الشرطة لن تستطيع الوقوف امام هذه الثورة، وأن مبارك سيطلب تدخل الجيش، وسينحاز الجيش إلى الشعب. تتحدث المؤلفة أيضا بالتفصيل، عن خطط الإخوان للوصول للحكم، فإنهم موجودون بالفعل ضمن التيار الرئيسي للحياة السياسية، وطرحهم لأنفسهم كبديل مقبول، وقد ظلت الجماعة هي الأقوى صوتًا بين كل الحركات الإسلامية، وقد أنجزت بالفعل تقدما ملحوظا نحو هدفها للاستيلاء على السلطة، فقد سيطروا على عدد كبير من النقابات ومنظمات الطلبة، وتستطرد: "مبارك" هو من ساعد بسلبيته هذه الحركات على الاستمرار، ولكن عندما بدأ المسلحون في الهجوم على الأقباط وحرق محلاتهم وحرق الكنائس، وبعدها الهجوم على السياح والمفكرين، عندها فقط تيقن "مبارك" من ضرورة المواجهة الحتمية، وتتقاطع الأحداث مع محاولة اغتيال الكاتب العالمي "نجيب محفوظ"، وعزل منطقة إمبابة عن العالم، كإمارة إسلامية في 1992، و مذبحة الأقصر. لم تنس الكاتبة أن تجرى حوارًا مع الرئيس مبارك، من أهم ملامحه، أنها أثارت غضبه، عندما تحدثت عن نبذ الإخوان للعنف، وهل إذا كانت لديه نية في رفع الحظر عن الجماعة، فكان رده أنه لن يسمح بجزائر جديدة في مصر، وأنه سيأتي اليوم ويفضحهم، وركز الحديث عن أن شبح أفغانستان يطارد مصر، حيث أن كل الإرهابيين المتطرفين الذين سبق وتدربوا في افغانستان سوف يهرولون للانضمام لحماس، وسوف تكون غزة قنبلة موقوته على الحدود. في سياق أخر، تتحدث المؤلفة، في فصل كامل، عن "أسامة بن لادن"، ونشأته الأرستقراطية، وكيف عمل مع المخابرات السعودية، لتمويل الجماعات المسلحة، قبل أن ياتي إلى بيشاور، كمجاهد بنفسه، أيضًا وضعه لثروته الشخصية التي تقدر الآن بنحو 250 مليون دولار، تحت تصرف الجماعات الإسلامية المتطرفة، ثم تتحدث عن المفكر "نصر أبو زيد" ودعوى الحسبة. تقول المؤلفة، لم أقصد من كتابة هذا الكتاب أن يكون بحثًا أكاديميًا أو حسابًا دقيقًا، أنه ببساطة رحلة امرأة عبر الجماعات الإسلامية المتشددة، وتستطرد، هذا الكتاب عن رحلتنا المشتركة: رحلتهم هم، رحلة الرئيس مبارك، ورحلة الشيخ عمر عبد الرحمن، والمفكرين وسكان الأحياء الفقيرة، والماركسيين والشيوخ والراقصات والطبالين والأمهات اللائي فقدن أولادهن في كلا الجانبين، في حرب انتقامية بصورة متصاعدة بين قوات أمن "مبارك" والإسلاميين المسلحين، تحت قيادة الشيخ عمر عبد الرحمن. وبحسب المؤلفة، فإن زيارة الرئيس السادات للقدس، كانت من اللحظات المستحيلة بعيدة الاحتمال في التاريخ العربى الاسرائيلي الحديث، ثم توجهه إلى كامب ديفيد، لإجراء مباحثات تمهيدية لعملية السلام، وبينما كان "السادات" يغادر القاهرة، كانت انتخابات الطلبة في جامعة الإسكندرية تجرى، وكانت نقطة تحول، فقد اكتسحت الجماعات الإسلامية كل التيارات الأخرى، وسيطرت على اتحادات كليات القمة. وبدأت الجماعات وبسرعة في فرض إرادتها، فقد منعت بالقوة تدريس "داروين" ومنعت الاحتفال بالأعياد الوطنية، فعلى سبيل المثال (تم النظر إلى عيد الأم، على اعتبار أنه عيد وثني)كانت تلك أول مرة تعبر الحركة الإسلامية المصرية عن نفسها بمثل هذه القوة في الشمال، فقد بدا وكأنها أقتصرت في السابق على القرى والمدن الصغيرة في صعيد ووسط مصر، وبصورة خاصة في جامعة أسيوط والمناطق المجاورة التى شهدت نشاطا متناميًا للإخوان المسلمين لعدة سنوات. ترى المؤلفة، أن هذا التيار قد كسب أرضا ذات قيمة، بتكثيف نشاطاتهم المعارضة لعملية السلام في الشرق الأوسط بصفة عامة، وضد حكم "السادات" العلماني بصورة خاصة، ولكن برغم صرخات الإسلاميين المعارضة والمحتجة –هذا الاعتراض الذي بدأ يكتسح العالم الاسلامي كله – ففى مارس 1979 وفي مروج البيت الابيض، أصبحت معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل حقيقة واقعة. أخبار مصر- البديل