"حركة الجهاد الإسلامية بفلسطين" نشأت كثمرة حوارا فكريا وتدافعا سياسيا شهدته الحركة الإسلامية الفلسطينية أواخر السبعينات من القرن الماضي، بقيادة مجموعة شبابية فلسطينية أثناء تواجدهم كطلاب علم في الجامعات المصرية، وعلى رأسهم مؤسس الحركة الشهيد الدكتور "فتحي الشقاقي". ونتيجة لحالة الإهمال التي شهدتها القضية الفلسطينية كقضية مركيز ومحورية للعالم والحركة الإسلامية جاءت فكرة الحركة الجديدة "الجهاد الإسلامي بفلسطين" عن الشقاقي لحل هذا الإشكال. وفي أوائل الثمانينات، بنى "الشقاقي" وعددا من إخوانه الفلسطينيين القاعدة التنظيمية لحركة الجهاد، وبدأ التنظيم خوض غمار التعبئة الشعبية والسياسية في الشارع الفلسطيني بجانب الجهاد المسلح ضد العدو الصهيوني، كحل وحيد لتحرير فلسطين، واغتيل "الشقاقي" على يد الموساد في مدينة "سليما" بمالطة في 26 أكتوبر عام 1995، وخلفه في قيادة الحركة "عبد الله شلّح" حتى الآن والمقيم في العاصمة السورية دمشق. يقول الدكتور "سمير غطاس" مدير منتدى الشرق الأوسط والخبير للشئون الفلسطينية، إن الحركة كانت جزءا مما سمي ب"المجمع الإسلامي" الذي أنشأته جماعة الإخوان المسلمين في غزة، وأطلقوا عليه هذا الاسم بتوصية من الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يحتضنهم ليكون هناك تيارا يتصدى لباقي حركات المقاومة في فلسطين، وكان هناك تيارا من الشباب داخل المجمع الإسلامي يرفض أن يكون أداة في أيدي الاحتلال. ومع بداية الثورة الإيرانية، ازدادت قوة هذا التيار داخل المجمع مما أدى إلى تفكير عدد كبير من الشباب إلى تشكيل حركة الجهاد الإسلامي وأبرزهم " فتحي الشقاقى" و"عبد العزيز عودة" وكان هؤلاء على علاقة مع قيادات الثورة الإيرانية وقيادات حركة فتح العسكرية. وتم إنشاء الحركة وتبنت الكفاح المسلح ضد الاحتلال، وحدث خلاف مع المجمع الإسلامي وكان الإخوان المسلمين في غزة يعادونهم منذ اليوم الأول من تكوينهم ويصفونهم بتحالف الشيعة والشيوعيين، في إشارة إلى (الجهاد وفتح) في هذا التوقيت. والتزمت الحركة بالكفاح المسلح وتلقت دعما قويا من إيران، ومنذ تكوينها شرعت في تنفيذ العديد من العمليات الاستشهادية أهمها في "الخضيرة" والتي قتل فيها عددا كبيرا من ضباط الاحتلال، وكانت تنسق ميدانيا مع حركة فتح. واستطاعت الحركة أن تنأى بنفسها عن الصراعات السياسية، فبعد توقيع اتفاقية أوسلو، اغتيل "الشقاقى" في مالطة بعد مغادرته ليبيا، مشيرا إلى تورط عناصر ليبية وغير ليبية في قتله، وتولى قيادة الحركة "رمضان شلح" (أبو عبد الله) حتى الآن ويقيم في دمشق، ورفضت الحركة عام 1994 المشاركة في الانتخابات، لكنها لم تهاجم السلطة ولم تقع في خلاف مع حركة فتح. في عامي 2004 – 2005 انعقدت عدة لقاءات في القاهرة وقبلت الحركة المشاركة فيها، وتم الاتفاق على إعادة تفعيل منظمة التحرير، وقبلت الحركة من حيث المبدأ، لكنها رفضت الدخول في السلطة. وقال غطاس، إن للحركة تواجد قوى داخل غزة ويحظى قادتها باحترام كبير، إلا أنها لم تستطع أن تجاري حركة حماس نظرا للتدفق المالي الهائل الذي تنفقه قطر والشيخ يوسف القرضاوي الذي يجمع المليارات للحركة. وتطرق غطاس إلى الحديث عن العروض العسكرية التي نظمتها حماس خلال الأيام الماضية، وأوضح غطاس أن حماس نظمت عرضين عسكريين في القطاع، الأول شاركت وحدها فيه وتم الهتاف باسم "مرسي" ورفع علامة رابعة، ثم دعت بعد أربعة أيام فصائل المقاومة إلى تنظيم عرضا شارك فيها جيش الإسلام وما يسمون أنفسهم بالمجاهدين والجناح العسكري للجبهة الشعبية التي انسحبت منه بعد رفع علامة رابعة والهتاف لمرسي، فضلا عن رفض حركة الجهاد المشاركة في العرض، لأنها ترغب في الحفاظ على عدم التجاذب الحاصل مع الجانب المصري. من جهته يقول الدكتور "مصطفى مجدي" باحث متخصص في الشئون الفلسطينية بمركز البحوث العربية، إن كل تنظيمات الجهاد نشأت في أعقاب الثورة الإيرانية واقتداءً بنموذجها، وسمحت لهم العلاقة في توفير التدابير المالية والتسليح. ومنذ تأسيسها رفضت حركة الجهاد القبول بالمرحلية في حل القضية الفلسطينية، وهو ما كان جزءا من تناقضها مع حركة فتح، وسببا لتقاربها مع حركة حماس، وكانت وسيطا بين حركة حماس وإيران لتوفير الدعم المالي والتسليح. وأشار مجدي إلى أن الحركة غير مؤمنة بفكرة المشاركة في الانتخابات ومصممة منذ الإنشاء على الكفاح المسلح ضد العدو الإسرائيلي، وهو ما كان سببا في حدوث فجوة مع حركة حماس التي كانت تشارك، واتسعت بعد وصول حماس للسلطة وممارستها لقدر من الاستعلاء على الفصائل الفلسطينية ومحاولتها تقليل دور حركة الجهاد داخل القطاع، وزادت هذه الفجوة بسبب موقف حماس من النظام السوري. وأكد مجدي على أن حماس اليوم كتفت حركة الجهاد عن ممارسة أية عمليات مسلحة ضد إسرائيل، مضيفا أن حركة الجهاد مدركة أكثر من غيرها من خطورة إظهار قطاع غزة رفضا ما يحدث في مصر وتصويره انقلابا عسكريا كما تفعل حماس. ولذلك لم تشارك في المسيرات العسكرية الأخيرة التي نظمتها حماس، لأنها تعلم خطورة خنق القطاع ولا تملك الدافع الأيدولوجى مثل حماس.