انتمى لجيل يمكن ان نطلق عليه الجيل المسحور على غرار الطابق المسحور فى اى عمارة او مبنى وهو الدور الذى لايحسب عند عد ادوار العمارة يعنى يبدأون العد عند الدور الثانى بعد ترك البدروم ودور او دورين يطلق عليهم الميزان اى ادوار مسحورة اى غير معدودة والحكاية ببساطة اننى من جيل كان المسؤلون ينظرون اليه قبل ثورة 25 يناير 2011 على انهم كى جى 1 أى فى روضة الاطفال اى سنة اولى فى مرحلة الحضانة كل ذلك رغم ان بعضنا تجاوز الاربعين بل واقترب من الخمسين واحيان كثيرة يرقص حول الستين عاما لماذا ؟ الاجابة بسيطة وموجعة مادام رأس الدولة قد جلس على مقعد الثمانينات من العمر اقصد طبعا الرئيس الاسبق المخلوع حسنى مبارك بل وتجاوزه بثبات يحسد عليه… فلابد ان تتوقف عجلة الزمن عن كل الاجيال بعده وبعيدا عن الفلسفة والتأمر والسخرية وبشكل انسانى يكون السؤال :- كيف ينظر رئيس جمهورية او حتى اى انسان تجاوز الثمانين لشخص عنده 60 عاما ؟ اعتقد انه يراه عيل لم ينضج بعد !! يحدث ذلك مع كل مسؤل فى اى مكان عندما يكون الفارق بينه وبين اى موظف معه 5سنوات فما بالك لو كان 10 او 20 او 30 عاما!! وفى الاسرة عندنا يرى الاب والام اولاده صغارا لايستطيعون تحمل المسؤلية ولايفهمون الحياة حتى لو وصلوا لسن المعاش او كان لهم احفادا !! هذه سنه الحياة فى الاسرة لكن سنة الحياة فى الدول والامم والمؤسسات والكيانات الكبرى … امر مختلف تشيخ وتهرم وتصاب بالخسائر اذا شاخت قياداتها وتنموا وتزدهر اذا كانت قياداتها شابة ولذلك لم يكن غريبا عندنا ان نرى فى عهد مبارك وقد ظهر واضحا فى العشر سنين من حكمه ان يكون بعض الوزراء أوحتى رؤساء الشركات والهيئات والذين من المفترض خضوعهم لقانون الاحالة للمعاش عند الستين قد تجاوزوا الخامسة والسبعين من العمر وهم على رأس هذه الكيانات ودون سند من القانون العادى الذى يتعطل بارادة الحاكم العجوز ويغمض الجميع عيونهم لنفاق الحاكم او خوفا وطمعا بل ووصل الامر الى سن قوانين استثنائية للمد لبعض القيادات مثل زكريا عزمى فى جلسة علنية لمجلس الشعب او غض الطرف والطناش عن بعض رؤساء الشركات الكبرى فى الطيران او قناة السويس او البنوك … الخ الذين تجاوزوا السبعين وفى الصحافة كانت هناك الامثلة الصارخة منها وصول ابراهيم نافع وبعض القيادات الصحفية الى منتصف السبعينات دون ان يتركوا مناصب القيادة فى مؤساستهم ووصل الامر الى وضع اى احكام قضائية ضد استمرارهم فى مناصبهم فى الادراج وثلاجة الحكومة !! لذلك ماتت اجيال كثيرة …. بل قتلت مع سبق الاصرار والترصد بعد ان دفنت احلامهم فى الوصول الى اعلى المناصب فى مؤساستهم . والامر لم يقتصر على المناصب العليا فى الصحافة والاعلام بل دحرت وماتت اجيال كثيرة فى مؤسسات كثيرة فى القضاء والجامعات وغيرها … كل ذلك جعلنى اقف منذ اكثر من 7سنوات امام اللكاتب الكبير محمد ابوالحديد عقب تعيينه رئيسا لمجلس ادارة الجمهورية فى اجتماع عام قائلا : اخجل من نفسى عندما اضبطنى وقد اقتربت من ال45 عاما متلبسا بالحلم بتولى منصب مهم فى الجمهورية وانا ارى زملاء اعزاء لى اقتربوا من الستين ولم يحصلوا الا على السراب !!! وقتها غضب منى اساتذتى الكبار خاصة عندما قلت :- لن نتعامل مع من علمونا الصحافة مثلما يتم التعامل مع خيل الحكومة … عاتبونى بل وخاصمنى بعضهم بعض الوقت لانهم ظنوا اننى اسخر منهم او اطالب بالتخلص منهم والحقيقة اننى لم اكن اقصد ذلك ابدا بل قلت بالحرف الواحد يظل هؤلاء الاساتذة معنا معلمين لنا ومصابيح تنير لنا الطريق … لكن دون تولى مناصب ادارية … قلتها بصدق ولم يكن لى مطمعا لاننى كما قلت " كنت اخجل من الحلم بتولى منصب وزملائى الاكبر منى بسنوات يجلسون على دكة الاحتياطى وقد اقتربوا من سن المعاش او تخرج بعضهم من الحياة كمدا وحسرة قبل ان يصلوا الى المعاش !! وهذا الكلام لم يكن يعنى اننى ضد وجود الكبار كاساتذه لنا علمونا وتربينا على ايديهم ، بل على العكس .. لماذا ؟ لان الكثير منهم "طبطبوا "على اكتافنا وقت حاجتنا الماسة اليها ، لاننا لم نكن اصحاب واسطه او محسوبية او "ظهر" يسندنا ونستند عليه لان الكثير من هؤلاء الاساتذة منحونا الفرصة ، والفرصة فى الصحافة صعبة المنال.. ولم يقف الامر عند ذلك بل وصنعوا من صدرورهم دروعا ضد بعض السهام الحاقدة او الغادرة التى كانت كفيلة فى وئدنا فى المهد هؤلاء كانوا بحق اباء المهنة الذين يستحقون منا تقبيل الجبين لكن هل معنى ذلك ان نظل فى عيونهم عيالا رغم اقترابنا من الخمسين والستين ؟ هذه هى الاشكالية وبيت القصيد .. فى البيت والعمل اباء البيت والعمل يحتفظون فى ذاكرتهم بصورة لنا ونحن نحبو ولا يريدون ان يقتنعوا اننا كبرنا وهرمنا بل وصرنا على اعتاب الشيخوخة لماذا لانحاول جميعا ان نقترب لنظهر جميعا فى الصورة ؟ كيف ؟ على الاساتذه بعد الستين فى مهنة الصحافة وهم فى مقام الاباء ان ينظروا الى ابناءهم فى فخر … يقفون بجوارهم وهم يتحملون مسؤلية القيادة بعد ان يسلموهم الرايه … يظل الاساتذة معنا لكن بعيدا عن عصا القيادة نستفيد بخبرتهم ونتعلم من حكمتهم اذا ضل بنا الطريق لكن بدون وصاية علمونا واجعلونا نخطىء وانتم بجوارنا حتى اذا نزلنا يوما ما الى البحر لانجد انفسنا غرقى فى القاع هذه سنة الحياة وبدون تعصب او تزيد او خروج عن التقاليد العائلية يبقون معنا كتابا ومفكرين يبقون معنا مستشارون وخبراء يبقون معنا وعلى مكاتبهم لكن بعيدا عن المناصب فلا يعقل ان يتجاوز الكثير منا الخمسين دون منصب او مسؤلية كانت هذه هى قضيتنا التى لم تحسم بعد مع اساتذتنا حتى قامت ثورة 25 يناير بعد ثورة 25 يناير ورغم مشاركة كل فئات الشعب المصرى فيها وانا وجيلى فيها وجدنا البعض فى البدايه يحاول تصدير صورة مفادها ان الشباب فقط من قام بالثورة وهم اصحابها لم نكن نفهم المغزى والمعنى ؟ وقتها قلنا وايه يعنى مازلنا فى مرحلة الشباب بعد ان عشنا طول عمرنا عيالا فى النظام السابق وبعد فترة وجدنا ان مصطلح الشباب يقف عند الاربعين ولايتزحزح !! يا نهار اسود !! انا شخصيا صرخت قائلا : - يعنى انا كنت عيل فى النظام السابق وشيخ فى النظام الحالى!! - يعنى انا اتسرقت واتنصب على !! كنت اصرخ معبرا عن جيلى واجيال كثيرة … تم نشل عمرها واحلامها ولم يحصدوا الا الوهم !! انتظروا فى الطابور الذى لايتحرك قبل الثورة ! وبعد الثورة وجدوا من يخرجوهم من الطابور وببساطة! كنا قبل الثورة عيالا وبعد الثورة شيوخا يانهار اسود لقد هرمنا فى اماكنا يتجاذبنا الاساتذة من جهة ومكبلين تجاهم بما نحمله لهم من حب واحترام ولا نستطيع الرد ويتجاذبنا من الطرف الاخر جيل شباب يقترب من الاربعين ولم يجرب بعد ويريد ان يأخذ حقه بعد ثورة قالوا انه صاحبها وحده ولا يريدوننا ان نرد ترى ما هو مصيرنا ؟ سؤال صعب هل سنكون نحن خيل الحكومة بعد ان رفضنا ان يكون اساتذتنا هكذا ؟ هل سندفع الضريبة وحدنا؟ بين خجل واحترام لكبار علمونا وبين اجيال تاليه من حقها ان تجد لنفسها مكانا بعد ثورة على كل شىء هل سنظل فى الدور المسحور من الحياة حتى يكتب الله امرا كان مفعولا ؟ هذه هى المعضلة !!! من عنده اجابة يرحمكم الله ؟! [email protected] [email protected]