ساهمت الأحداث عقب ثورة 30 يونيو من أعمال عنف وتخريب، في تسليط الضوء على دور الهيئة العامة للاستعلامات، التي أنشئت في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر خصيصا من أجل "شرح سياسة الدولة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية على الصعيدين الداخلي والخارجي"، بالإضافة إلى "تقديم صورة مصر إلى الرأي العام العالمي" كما ورد على الموقع الرسمي للهيئة. هذه المهام جعلت سهام النقد توجه للهيئة في الوقت الذي نعاني فيه من تبعات الصورة الخاطئة عما يحدث في مصر التي تتبناها وسائل الإعلام الأجنبية. أكد الدكتور "صفوت العالم" الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، أن أسباب انحراف الهيئة عن دورها الأساسي يعود لعدد من المشاكل، أولها من وجهة نظره إسناد إدارتها منذ حوالي عشر سنوات لسفراء ودبلوماسيين سابقين، حيث أشار إلى أنه ليس من الضروري أن يكون الإعلام وهو أساس عمل الهيئة- من بين اهتماماتهم، وأكد أنه على الأرجح أن خبراتهم ستكون محدودة في هذا المجال. وأضاف العالم أن ثاني المشكلات التي تواجه الهيئة تتمثل في بعدها عن التطور التكنولوجي وعدم قدرتها على مواكبة هذا التطور، ودعا إلى تدريب وتوعية العاملين بها للتعامل مع الأجهزة الإلكترونية الحديثة ليتمكنوا من تأدية مهامهم. وأشار أيضا إلى الضرر الذي لحق بالهيئة نتيجة نقل تبعيتها لرئاسة الجمهورية، ما جعلها غائبة عن التنسيق مع وسائل الإعلام الداخلية والخارجية على حد وصفه. بينما رأى الدكتور "سعيد اللاوندي" خبير علاقات دولية، أن أسباب تدهور أداء الهيئة يعود إلى عهد النظام الأسبق حيث "كانت الهيئة كغيرها من المؤسسات لا تفعل شيئاً"، وأضاف أنها في أواخر عهد النظام الأسبق انحرفت عن دورها لتهتم فقط بصورة الرئيس الأسبق حسني مبارك في الإعلام الداخلي، واختزال الدولة في شخصه حسبما ذكر. وأضاف أنه في سياق تحسين أدائها، يجب أن تعطى صلاحية تعيين المستشارين الإعلاميين والثقافيين في سفارات مصر بالخارج، لإيجاد مزيد من التنسيق لتأدية دورها في توضيح صورة مصر للعالم. وشدد اللاوندي على أن الأزمة الأخيرة أوضحت دورها، وأظهرت "حالة شبه الإفلاس في المادة العلمية والثقافية التي تعانيها الهيئة في الآونة الأخيرة". فيما أشار الدكتور "أيمن عبد الوهاب" الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى أن القصور الذي أصاب الهيئة يرجع أساسا إلى المرحلة التي شهدت نقل تبعيتها إلى رئاسة الجمهورية، حيث أثرت هذه الفترة بشدة على قدرتها على حد وصفه. إلا أن أنه طالب بعدم ظلم الهيئة، لأنها تعاني من ضعف الإمكانات، مما يؤثر بالسلب على أدائها، وأشار إلى ضرورة بحث تطوير هذه الإمكانات لمساعدتها في القيام بدورها قبل أي تفكير في إلغائها أو تغيير نظام عملها. بينما رأى أنه عندما يتم تقييم دورها فإنه يجب أن يتم في إطار الأداء العام للسياسة المصرية، مؤكداً على أن التحرك هو تحرك الدولة ككل، فهو ليس تحركا سياسيا أو إعلاميا فرديا على حد وصفه. وأشار عبد الوهاب أيضا إلى الدور الذي تلعبه الهيئة على الساحة الداخلية، حيث طالب بإعادة النظر في التأثير الذي تلعبه داخل مصر.