تسبب ارتفاع أسعار كافة السلع الغذائية في الأسواق المصرية في حالة من الضجر بين المواطنين؛ حيث اضطروا إلى تخفيض الكميات التي يشترونها، بينما غابت الفاكهة من موائد الفقراء وأصبحت «محرمة» عليهم؛ لأن أسعارها تفوق مقدرتهم وتعتبر بالنسبة لهم من الأشياء الترفيهية، فهمهم الأكبر هو توفير قوت يومهم من الغذاء، نعم هم لن يثوروا للمطالبة بحقهم في الفاكهة، ولكن من يتابع نظراتهم وهم يجولون في السوق، ويلمح خيبة الأمل في أعينهم بعد فشلهم فيما يشتهونه؛ لأنهم لا يملكون ثمنه، يدرك مدى ما يعانونه في مطلب بسيط أصبح بالنسبة لهم حلمًا بعيد المنال. هذا ما رصده «البديل» أثناء جولته في بعض الأسواق الشعبية بالقاهرة. تراوحت زيادة أسعار الخضر والفاكهة خلال الفترة الأخيرة مقارنة بالعام الماضى بين 60 و80% فى بعض الأصناف، منها البطاطس التى وصل سعرها إلى 5 جنيهات للكيلو، وسجل سعر البامية 8 جنيهات وسعر الطماطم جنيهين للكيلو، كما سجل سعر الخيار 4 جنيهات للكيلو، والليمون جنيهين للكيلو، وارتفع سعر المانجو من 9 جنيهات إلى 12 جنيهًا، والعنب 8 جنيهات، والجوافة 3.50 جنيهًا، كما تراوحت أسعار اللحوم بين 65 و70 جنيهًا للكيلو بزيادة 10 جنيهات عن العام الماضى. وقالت «أم هدى» (48 عامًا) وتعمل بائعة مناديل إنها صُدمت من الأسعار التي وصلت إليها كل السلع الغذائية، سواء كانت خضراوات أو لحومًا أو حتى فاكهة، والتي أصبحت حلم الفقراء في مصر، فلكي تجهز وجبة واحدة في اليوم تحتاج ما لايقل عن ثلاثين جنيهًا، قائلة بحسرة «30 جنيه ويكون الأكل قرديحي!!"، مشيرة إلى أنها أرادت أن تطهو أي لحوم حتى لو يوم في الأسبوع، فهذا يتطلب حوالي 100 جنيه لستة أفراد، وهذا الحال يفوق طاقة «الناس الغلابة»؛ لأن مكسبها في اليوم لا يتخطى العشرين جنيهًا، ويوجد مثلها الكثيرون، بل والأقل منها أيضًا. وتابعت «لا تهمنا السياسة ولا يشغلنا من يكون الرئيس، ولكن على من ينوي الترشح أن ينظر لأحوالنا، ويشعر بمن يكملون عشاءهم نومًا، فقد سئمنا من وعود مبارك وخطابات مرسي وصمت منصور، ونريد من يعمل على انتشال الفقراء والمستضعفين من الحال الذي أُجبروهم عليه، فلو غضبوا لن يبقوا على شيء؛ لأنهم عاشوا غرباء في بلدهم». وقال محمد حسن (52 عامًا) موظف بوزارة التموين إنه كان يأمل في تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور؛ لكي يعيش الجميع في راحة ويشعروا بآدميتهم وأن الدولة تهتم بأمورهم وتحرص على حياتهم ومعيشتهم، ولكن لم يفِ الرئيس المعزول محمد مرسي بوعده، ولم يطبق هذا القانون في العام الذي قضاه في الحكم، مشيرًا إلى أنه بعد ثورة 30 يونيو استغل التجار والبائعون الظروف التي تمر بها مصر وغياب الرقابة عليهم، وزادوا الأسعار للضعف في معظم السلع الغذائية، حتى أصبح الغني هو من يملك قوت يومه، وبات معظم الشعب المصري ينظر للخضراوات واللحمة وحتى الفاكهة وكأنها معروضة في «فاترينات»، فكل ما يفعله هو «الفُرجة» من بعيد، وممنوع عليه الاقتراب أو الشراء. وأضاف أن ما يحدث في الأسواق المصرية هو مهزلة بكل المقاييس، وأمور تنذر بغضب شعبي واسع، مؤكدًا أنه لن تحدث ثورة جياع؛ لأن المصريين لا يثورون من أجل الطعام والشراب، ولكن حالة الغليان التي يشهدها الشارع لها أضرار كبيرة، وتساعد على ازدياد السرقة والنصب والرشوة في كافة المصالح والهيئات، وحتى الأعمال الحرة والتجارة، وتساءل: «من يتحمل حرمان أسرته من أبسط حقوق الإنسان؟»، لا فتًا إلى أنه لا يشتري الفاكهة إلا في أضيق الحدود؛ لأن راتبه يكفي مصاريف الدراسة والطعام بالكاد، ولا مكان عندهم للرفاهية التي أصبحت متمثلة في «المانجو والعنب»!! وعبَّرت «نادية» (37 عامًا) بائعة في سوق السيدة زينب عن سخطها من غلاء الأسعار، وقالت إن البائع والمشتري كليهما يكتوي بنار الغلاء، مؤكدة أنه كلما كانت الأسعار أرخص، ساعد ذلك على رواج حالة البيع والشراء، أما عندما ترتفع الأسعار، فإن الخاسر هو التاجر والبائع؛ لأن حرارة الجو تجعل كميات كبيرة من الخضراوات والفواكه تتلف. وطالبت الحكومة ورئيس الوزراء بسرعة التوصل لحل هذه الأزمة؛ لأن الفقراء وحدهم الذين يعانون من كل «مليم» يزيد على السعر، ولا يشعر بهم مسئول واحد ويعطيهم حقوقهم، قائلة «ما ينفعش الناس تفضل تاكل من الزبالة بعد ثورتين، يعني هنعمل كام ثورة على ما الفقير يقدر يعيش في البلد دي؟!".