بدأ اليوم عهدا جديدا للاتحاد العام لنقابات عمال مصر بعد تغيير تشكيل مجلس إدارته أمس، حيث صدق وزير القوى العاملة على قرار ممثلي النقابات. وتعود دائما مشكلة هذا الاتحاد إلى أنه بدلا من أن يكون بيتا للعمال ودرعا لهم يحافظ عليهم ويقاتل من أجلهم، كن في علاقة وطيدة مع الأنظمة المتعاقبة على الحكم، وهو ما يأمل العمال في تغييره بهذه الحقبة، وأن يشهد الاتحاد التحرر المأمول وأن يكون قادرا على تلبية طموحاتهم. ومن هذا المنطلق حرصت "البديل" على رصد تاريخ الاتحاد منذ تأسيسه، والمراحل التي مر بها إلى أن وصل لهذا العهد المنتظر أن يكون مختلفا عما سبق. الاتحاد العام أسسه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عقب قيام ثورة 23 يوليو وبالتحديد يوم 30 يناير 1957، وكان أول رئيس له هو محمد عبد اللطيف سلامة، وهو من عمال البترول في الفترة من يناير 1957 إلى سبتمبر 1962، فكان وقتها شرط الترشح للنقابات أن يكون عضوا بالاتحاد الاشتراكي، وتولى بعده أحمد فهيم عبد المعطي، وهو من عمال النسيج في الفترة من سبتمبر 1962 إلى ديسمبر 1969، ثم استلم منه رئاسة الاتحاد عبد اللطيف مليجي بلطية وكان من عمال البنوك وشركات التأمين خلال الفترة من ديسمبر 1969 إلى أغسطس 1971. ترأس الاتحاد بعد ذلك صلاح الدين محمد غريب، وهو من عمال النسيج في الفترة من أغسطس 1971 إلى يوليو 1976، ومن الملاحظ أن جميع الرؤساء السابقين لم تتجاوز مدة رئاستهم الخمس سنوات على الأكثر. جاءت بعد ذلك فترة الرئيس الراحل محمد أنور السادات وتراجع الاهتمام بالعمال واتحادهم واستمرت القيادات في أماكنها لسنوات طويلة، وانتقلت شروط الانضمام للاتحاد العام إلى حزب مصر في عهد السادات، كما أصدر قرارا جمهوريا في 1977 بعد انتفاضة يناير بجعل رؤساء النقابات العامة مستشارين لرئيس الجمهورية في مجالاتهم. فتولى سعد محمد أحمد وهو من عمال الصناعات الغذائية، رئاسة الاتحاد من يوليو 1976 إلى يونيو1987، أي لأكثر من 10 سنوات، وعرف عنه مرافقة السادات في زيارته للقدس إبان اتفاقية كامب ديفيد. وبعده تولى أحمد أحمد العماوي، وهو من عمال الكيماويات، في الفترة من ديسمبر 1987 إلى نهاية إبريل 1992، وفي عهده كانت المقولة الشهيرة "إن الإضراب أبغض الحلال"، وفي عهده أيضا عندما رفض عمال الحديد والصلب زيارة إسحق نافون رئيس إسرائيل في نوفمبر 1990 اصطحبه العماوي والوفد المرافق له إلى شركة للكيماويات بأبو قير. وبعد انتهاء فترة العماوي خلال عهد مبارك والتي انتقل الاتحاد خلالها إلى قبضة الحزب الوطني حيث ترشحت القيادات العمالية بداخله على قوائم انتخابات الحزب الوطني وكان يعلن دائما مبايعته لنظام مبارك باسم النقابات والعمال تولى السيد محمد راشد وهو من عمال النسيج خلال الفترة من 30 ابريل 1992 وحتى 8 مايو 2006، وفي عهده وافق على المعاش المبكر والخصخصة، وكان يعلن أن الاتحاد شريكا في كل سياسات الإصلاح الاقتصادي. واستكمل هذه المسيرة حسين مجاور وهو من عمال البناء والأخشاب خلال الفترة من 9 مايو 2006 وحتى اندلاع ثورة 25 يناير 2011، حتى تمت الإطاحة به باعتباره من مؤيدي نظام مبارك واشتهر بخروجه في مسيرة تأييده يوم موقعة الجمل. ليأتي النظام الجديد بعد الثورة خلال المرحلة الانتقالية في محاولة لتطهيره من قيادات الحزب الوطني والمتعاونين معهم فقرر الوزير احمد حسن البرعي حل مجلس الإدارة وتشكيل لجنة مؤقتة لقيادة الاتحاد برئاسة أحمد عبد الظاهر. ولم يكمل عاما وسرعان ما أطاح به حكم الإخوان المسلمين وحكومة هشام قنديل ليتسلم جبالي المراغي رئاسة الاتحاد حتى 5 سبتمبر الجاري، وحاول نظام الإخوان السيطرة عليه وتعيين عناصر منهم بالنقابات داخله حتى قامت ثورة 30 يونيو لتطيح بالعناصر الإخوانية داخله وكذلك المتعاونين معهم. ليأتي كمال أبو عيطة الوزير الحالي ليتغير التشكيل ليكون برئاسة عبد الفتاح إبراهيم الذي دخل الاتحاد اليوم محمولا على الأعناق معلنا عن عهدا جديدا للاتحاد ومتعهدا أن تكون حقوق العمال هي انتماؤه الأول والأخير.