انقسمت الدول كما الأفراد إلى خندقين, خندق يدعم سوريا الوطن, رغم الاختلاف "أحيانا" مع الرئيس بشار الأسد, وخندق يدعم تدخلاً أجنبياً استعمارياً بدعوة نصرة ثورة وهمية وثوار مسلحين وتكفيريين من آكلي لحوم البشر. لم تكن الدول المؤيدة للتدخل العسكري في سوريا أوروبية فحسب, إنما هناك دول يطلق عليها دول عربية أيضاً تؤيد وتبارك التدخلات الأمريكية في دولة عربية شقيقة, ولم يكن لهم في درس العراق المجروح, أو ليبيا المنهوبة أسوة سيئة, ولم يدركوا أن أمريكا إذا دخلت بلداً نهبته وتركته مدمراً ذليلاً راكعاً للغرب. من هذا المنطلق رصدت "البديل" آراء بعض السياسيين عن أسباب انحياز هذه الدول العربية إلى تدخل أجنبي في شئون دولة شقيقة. قال "عاطف مغاوري" عضو المكتب السياسي بحزب التجمع, أن الدول الخليجية تساند التدخل العسكري في سوريا بحكم ارتباطها بالولاياتالمتحدةالأمريكية, رابطة المقاول والوكيل, كما أن نفس تلك البلاد حاولت جاهدة تحويل الصراع الصهيوني العربي إلى صراع مذهبي سني شيعي, مشيراً إلى أن الدول الخليجية هي التي استطاعت بنفوذها جعل ممثل ائتلاف المعارضة السورية يحضر مكان ممثل الدولة السورية في القمة العربية الأخيرة بالدوحة. وأضاف "مغاوري" أن الدول الخليجية هي التي ضغطت على الجامعة العربية لتجميد مقعد سوريا بها, واصفاً تلك الدول بوكيل الولاياتالمتحدة الذي ينفذ مشروع المقاول الأصلي, لافتاً إلى أن أضلاع المشروع العربي الكبير كانت بغداد, ودمشق, والقاهرة، ولذلك تلك الدول دون غيرها يتم استهدافها الواحدة تلو الأخرى فهي بلاد الثورة التي تواجه بلاد الثروة. وقال "أحمد بلال" القيادي باتحاد الشباب الاشتراكي أن بعض الدول الخليجية صنعت داخل جهاز المخابرات الأمريكي, وتحظى برعاية وحماية أمريكية, لهذا فإن تلك البلاد تنفذ ما يخرج عن البيت الأبيض دون تمييز أو مناقشة, فنفس الدول التي أيدت التدخل في العراق, وأعطت الغطاء لضرب ليبيا وهدمها, هي الدول التي تعطي الضوء الأخضر لاجتياح سوريا وضربها وإهداؤها إلى عناصر تكفيرية متطرفة قسمت سوريا إلى دويلات من الآن أسموها دولة العراق والشام تذهب للسنة, ودولة أخرى للشيعة, ودولة للأكراد, مشيراً إلى أنه في حالة رحيل بشار سيتم تطبيق الأمر على وجه السرعة. وأضاف "بلال" أن نفس ما يحدث بسوريا تحاول عناصر متطرفة تطبيقه في ليبيا, حيث أعلن منذ شهور عن تقسيم ليبيا إلى 3 دويلات وسط تعتيم إعلامي عام على الوضع هناك, وبهذا نكتشف أن الدولة الوحيدة التي ستخرج بفائدة من الأمر هي الكيان الصهيوني الذي تسعى الولاياتالمتحدة إلى تفتيت كل الدول من حوله وتدمير الجيوش العربية حتى يكون بالمنطقة جيشاً واحدا هو الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى الجيش التركي الحليف لأمريكا وعضو حلف الناتو, مشيراً إلى أن المؤامرة على المنطقة تشترك بها دول خليجية تابعة كلياً للولايات المتحدة وأهدافها. وقال "محمد شبل" أمين لجنة الشئون العربية بحزب الأحرار, أن تبعية بعض الدول العربية للولايات المتحدة شيئا ليس بجديد حيث أن الأنظمة الحاكمة في معظم الدول العربية, تخشى من الأساس الاختلاف مع أمريكا حتى لا يواجهون مصير من فعلوا ذلك من قبل, حيث كل من وقف في وجه أمريكا اختلقت له أمراً ما وحاصرته وخلعته من الحكم؛ بل وفي بعض الأحيان تسببت في ملاحقته وقتله. بينما الجانب الآخر هو المصالح المشتركة بين تلك الدول والتي نظامها ملكي لا جمهوري حيث تضمن الولاياتالمتحدة الأمن للملك من أخطار الثورات أو الاحتجاجات المطالبة بديمقراطية في شكل جمهوري, وتستفيد أمريكا من هذه الدول بالنفط الذي تنهبه. وأضاف شبل بأنه إذا كانت دولة كالسعودية ترى أن دعم المعارضة في سوريا هو دعم للديمقراطية وحقوق الإنسان فلماذا لم تدعم الثوار في البحرين وأرسلت جيشها بالاشتراك مع الجيش البحريني في حلف أسموه درع الجزيرة لقتل الثوار هناك وقمع الثورة؟ وإذا كان من حق كل الشعوب تقرير مصيرها كما تتدعي الولاياتالمتحدة لماذا لم تدين التدخل السعودي في البحرين وقتل مواطنين بحرينيين فقط لأنهم يريدون خلع النظام الحاكم وإقامة نظام ديمقراطي, مشيراً إلى أن الأمر لا يتعلق ببشار أو بحقوق الإنسان أو بالديمقراطية أو بأي من هذه الأشياء التي يطلقها أعداء سوريا، وإنما هي رغبة في تركيع سوريا المقاومة التي كانت ولازالت ترفض أي تعامل مع إسرائيل ولا تعترف بها وليس بها أي سفارة لإسرائيل, هذا إلى جانب وقف المساعدات التي طالما أعطاها نظام الأسد للمقاومة في لبنان المتمثلة في حزب الله, وفي فلسطين.