"جون بركنز" فى كتاب "الإغتيال الاقتصادي للأمم ".. يكشف العالم السري للمؤسسات المالية الدولية ودور قراصنة الاقتصاد في تنفيذ لعبة أمريكا الشيطانية اقتصاد المملكة يزداد خضوعا للمصالح الأمريكية مع تبعية النظام السعودي لأمريكا خطة استعمارية تنفذها عصابات امريكا نهبا للدول النامية وتحويلها إلي مجتمعات فقيرة مشردة يفخر "موقع البديل" بعرض هذا الكتاب ، الذى يجب على كل غيور، ومحب لتراب هذا الوطن أن يسعى ليس فقط إلى قرائته واستيعاب مافيه من حقائق ولكن توضيحها إلى ذويه حتى يتبين للكافة حقيقة الدسائس ، والشرر المستطير، الذى يحاك ويخطط له من أعداء هذا الوطن ، وللمنطقة..ونأمل أن يتم تدريسه بمناهج وزارة التربية والتعليم ،والكتاب ترجمة ومراجعة : مصطفي الطناني – د- عاطف معتمد ، وتقديم الخبير الاقتصادى الدكتورشريف دلاور.أصدرته ، مكتبة الأسرة – الهيئة العامة للكتاب عام 2012. وإلى التفاصيل المثيرة.. "ارتكبت الكثير من الجرائم في حق الإنسانية ، فلا أستطيع أن أنسي أنني كنت واحدا ممن تسببوا في دفع الإكوادور نحو الإفلاس ، بل أسهمت أيضا في غزو واغتيال جواتيمالا وبنما ، والأفظع من ذلك أنني تسببت في موت الآلاف من البشر لأنهم لايجدون من الطعام ما يسد رمقهم". هذه الإعترافات أفضي بها القرصان الإقتصادي " جون بركنز" في كتابه "الإغتيال الإقتصادي للأمم " والذي يكشف فيه عالم المؤامرة والفساد العالمي الذي يسعى طول الوقت لتحويل دولة نشأت منذ 240 سنة ، تعرف باسم امريكا ، إلي امبراطورية كونية تلتهم كل ما يأت في طريقها في سبيل السيطرة علي شعوب العالم.. يكشف لنا "بركنز" الوجه الشيطاني للإمبراطورية الأمريكية المجنونة والمدمرة للعالم من خلال عمله كقرصان إقتصادي في إحدي الشركات الإستشارية الأمريكية الكبري.. يعرف " بركنز" مفهوم القرصان الإقتصادي ، في بداية كتابه فيقول " قراصنة الإقتصاد هم خبراء محترفون، ذوو أجور مرتفعة مهمتهم ، أن يسلبوا ملايين الدولارات بالغش والخداع من دول عديدة في سائر أنحاء العالم ، ويحولون المال من البنك الدولي و"هيئة المعونة الأمريكية" وغيرها من مؤسسات المساعدة الدولية ، ليصبوه في خزائن الشركات الكبري وجيوب حفنة من العائلات الثرية التي تسيطر علي الموارد الطبيعية للكرة الأرضية . وسائلهم لتحقيق ذلك تشمل اصطناع التقارير المالية وتزوير الإنتخابات ، الرشوة ، الإبتزاز، والجنس والقتل ، إنهم يلعبون لعبة قديمة ، قدم عهد الإمبراطوريات لكنها تأخذ أبعادا جديدة ومخيفة في هذا التوقيت ، زمن العولمة"." كانت وظيفة "جون بركنز" كقرصان اقتصادي تتحدد في قيامه باقناع دول العالم الثالث بقبول القروض الهائلة من أجل تحسين البنية التحتية – قروض أكبر بكثير مما تتطلبه الأمور- وأن يضمن أن مشروعات التنمية ترتبط بعقود مع الشركات الأمريكية – فقط – مثل شركة "هوليبيرتون" و"بكتل" ، وبمجرد ما تقع هذه الدول في مستنقع الديون ، تقوم حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية ، ووكالات المنح الأجنبية المتحالفة معها بالسيطرة علي اقتصاد تلك البلاد وتضمن أن البترول وغيره من المصادر الطبيعية تسير في طريقها لخدمة أغراض بناء الإمبراطورية الأمريكية. وكان بيركنزيقوم من خلال عمله في شركة " مين" الإستشارية بإعداد الدراسات والتي بناءا عليها توافق المنظمات المالية علي تقديم قروض للدول النامية المستهدفة بغرض تطوير البنية الأساسية وبناء محطات الكهرباء والطرق والموانيء والمطارات والمدن الصناعية ، بشرط قيام المكاتب الهندسية وشركات المقاولات الأمريكية – وحدها – بتنفيذ هذه المشروعات وفي حقيقة الأمر فإن الأموال بهذه الطريقة لا تغادر الولاياتالمتحدة حيث تتحول ببساطة من حسابات بنوك واشنطن إلي حسابات شركات في نيويورك أو سان فرانسيسكو، ومن ناحية أخري تتكون مجموعة من العائلات الثرية ذات النفوذ السياسي والإقتصادي داخل الدولة المدينة وهذه الطبقة الثرية يرتبط بقاءها بالتبعية طويلة الأمد للولايات المتحدةالأمريكية ، والأسوأ من ذلك أن عبء القروض والديون يحرم الفقراء من الخدمات الإجتماعية لعقود قادمة ، ويزداد الفقراء فقرا والأغنياء ثراءا وتوحشا.. ويحقق قرصان الإقتصاد أكبر نجاح عندما تكون القروض كبيرة لدرجة تضمن عجز الدولة المستدينة عن سداد ما عليها من ديون ، وفي هذا الوقت يسلك القراصنة سلوك المافيا حيث يطلبون رطلا من اللحم مقابل الدين ، وتتضمن قائمة طلباتهم واحدة أو أكثر من التالي ، والسيطرة علي تصويت الدول في الأممالمتحدة ، انشاء قواعد عسكرية أو الهيمنة علي موارد الثروة كالبترول ، وبالطبع يبقي المستدين مثقلا بالدين وبذلك يضاف بلدا آخر إلي الإمبراطورية الكونية.. يري "بيركنز" أن هذه الإمبراطورية العالمية تعتمد علي كون الدولار يلعب دور العملة القياسية الدولية ، فالولاياتالمتحدة هي التي يحق لها طبع الدولار وبالتالي يمكنها تقديم القروض بهذه العملة مع إدراكها الكامل أن معظم الدول النامية لن تتمكن من سداد الديون. وحسب تفسير بيركنز " فإن النخبة الأمريكية لا تريد بالفعل قيام الدول بالسداد ، لأن ذلك هو السبيل إلي تحقيق أهدافها بعد ذلك من خلال مفاوضات سياسية وإقتصادية وعسكرية"" حقا إنها لعبة شيطانية تنفذها الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي مرتدية ثوب العفة والطهارة ، ومتنقلة بعصاباتها من المؤسسات المالية الدولية نهشا في لحم الدول النامية وسعيا لنهب خيراتها وتحويلها إلي مجتمعات فقيرة مشردة مع الإحتفاظ بعلاقات قوية بقادات هذه البلدان وحكوماتها المتواطئة في الغالب مع السياسة الأمريكية.. بدأت رحلة "بيركنز" كقرصان إقتصادي عام 1971 وكانت إندونيسيا هي أول الدول التي سعي الي تدميرها باسم التنمية هو وغيره من قراصنة الإقتصاد حتي تقع فريسة في أيدي الولاياتالمتحدةالأمريكية ، ففي ذلك العام 1971 اشتد عزم الولاياتالمتحدة علي استمالة "إندونيسيا" لإبعادها عن الكتلة الشيوعية ، وقد أسست واشنطن جزءا من استراتيجيتها علي فرضية أن ذلك الفوز في إندونيسيا قد يحدث أثرا إيجابيا في أرجاء العالم الإسلامي خاصة في الشرق الأوسط الملتهب.. وكانت مهمة بيركنز الأساسية هي تطوير خطة لكهرباء جزيرة "جاوة" علي أن يكون عمر الخطة 25 عاما ، لكنه تأكد مع مرور الوقت أنهم موجودون في هذه البلد لأسباب دنيئة و شخصية حيث يقول " كنا نناصر السياسة الخارجية الأمريكية مدفوعين بالجشع الذي يمحو أية رغبة في تحسين ظروف حياة الأغلبية الساحقة من المواطنين الإندونيسيين فكان هدفنا الحقيقي هو .."الإستيلاء علي موارد اندونيسيا فقط" من تدمير "اندونيسيا" إلي "الإكوادور" حيث يعترف "بيركنز" بأنه وزملاءه، توصلوا إلي دفع "الإكوادور" نحو الإفلاس فخلال ثلاثة عقود ارتفع حد الفقر من 50 % إلي 70% ، وارتفع الدين العام من 240 مليون دولار إلي 16 مليار دولار ، وتخص "الإكوادور" اليوم قرابة 50 % من ميزانيتها لسداد الديون ، وأصبح الحل الوحيد أمام هذه الدولة لشراء ديونها هو بيع غاباتها إلي "شركات البترول الأمريكية".. حيث يكشف "بيركنز" أن هذا الهدف كان السبب الرئيسي في التركيز علي "الإكوادور" وإغراقها بالديون نظرا لكون مخزون غابات الأمازون من النفط يحتوي علي احتياطي يعتقد أنه منافس للشرق الأوسط. ويذكر "بيركنز" أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تستطع السيطرة علي "الإكوادور" إلا بعد اغتيال المخابرات الأمريكية لزعيمها " خايمي رولدوس" الذي وقف في وجه أمريكا ووضع خطة وطنية إصلاحية لتنمية بلاده بعيدا عن الخطط الأمريكية المدمرة، واستمات لتوعية بنى وطنه بالوقوف فى وجه التبعية الأمريكية .. وكذلك أيضا لم تستطع "أمريكا" إدخال "بنما" الي الإمبراطورية الأمريكية إلا بعد اغتيال زعيمها المناضل والثائر " عمر توريخوس" الذي كافح من أجل الفقراء ،والذي كان عائقاً في وجه الهيمنة الأمريكية الشاملة ، ففي عهد "توريخوس" لم تعد "بنما" دمية في يد واشنطن أو أي يد أخري ، فلم يستسلم "توريخوس" أبدا للإغراءات التي عرضتها موسكو أو بكين فكان يؤمن بالإصلاح الإجتماعي ومساعدة الذين ولدوا فقراء لكنه في نفس الوقت لم يكن يؤيد الشيوعية، حيث كان مصمما علي كسب الحرية ، وبعد اغتياله علي يد المخابرات الأمريكية سقطت "بنما" في أيدي القوات الأمريكية التي قامت بقصفها في 20 ديسمبر 1989 ووصف هذا الهجوم علي "بنما" بأعنف قصف جوي علي مدينة منذ الحرب العالمية الثانية.. يستفيض "بيركنز" في حديثه عن "العلاقات الأمريكية السعودية" ، حيث يقول أنه بعد الحظر الكامل لبيع البترول للولايات المتحدةالأمريكية الذي فرضته المملكة العربية السعودية والكثير من الدول العربية أثناء حرب أكتوبر 1973 ، بدأت واشنطن تدرك الأهمية الإستراتيجية للمملكة العربية السعودية للإقتصاد الأمريكي ، وهنا بدأت مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين ، ويذكر "بيركنز" أنه في هذه الفترة سعت أمريكا لاستعادة أموالها المدفوعة في البترول مرة أخري ، فبدأت واشنطن في التفاوض مع السعوديين وعرضت عليهم مقايضة المساعدة التقنية والمعدات والتدريبات العسكرية مقابل دولارات البترول ، وأهم من ذلك كله ضمان عدم تكرار حظر البترول مطلقا ، وقد أسفرت المفاوضات عن إنشاء "وكالة التنمية" الأكثر غرابة في التاريخ…!!! وهي اللجنة الأمريكية السعودية للتعاون الإقتصادي ، وابتدعت هذه اللجنة مفهوما جديدا في برامج المساعدة الأجنبية المتعارف عليها فهي تعتمد علي الأموال السعودية لتمويل الشركات الأمريكية في بناء المملكة العربية السعودية !!!. وبالتأكيد لم يكن هدف الولاياتالمتحدةالأمريكية من علاقاتها مع السعودية ، هو اغراقها في الديون ، بل كان الهدف هو إيجاد طرق تضمن إعادة أكبر نسبة من الدولارات المدفوعة في البترول مرة أخري إلي أمريكا ، وجعل اقتصاد المملكة يزداد خضوعا للمصالح الأمريكية وبناء علي ذلك تزداد تبعية النظام السعودي لأمريكا .. ويختم "بيركنز" كتابه بقوله " رغم كل التهديدات التي تعرضت لها بسبب هذا الكتاب إلا أنني أشعر براحة كبيرة اليوم فقد صممت علي نشره لكي نستفيق ونشرع في تصحيح المسار الذي تتجه إليه الحضارة الإنسانية فلاشك أنه حين يدرك أعداد متزايدة منا كيف وتنتهي بأنظمة تحتضن العبودية ، نخطط كيف نستعيد بناء دورنا في هذا العالم الذي تسبح أقليته في الغني وتغرق الأغلبية في الفقر والتلوث ، بل سنقوم بتكريس أنفسنا للإبحار باتجاه التعاطف الإنساني والديمقراطية وإقرار العدالة الإجتماعية". بقى أن نتعرف على الكاتب "جون بركنز" ، وهو خبير اقتصادي ولد في ولاية نيوهامبشير بالولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1945 ، حصل علي درجة البكالوريوس في كلية إدارة الأعمال بجامعة بوسطن عام 1968 ، تطوع في فيالق السلام بالإكوادور في الفترة من 1968 – 1970 ، حصل علي وظيفة رجل اقتصادي في شركة استشارات دولية 1971- 1980 ، أسس جمعية الحالمون بالتغيير لمساعدة السكان الأصليين بمختلف بلدان العالم في الحفاظ علي القيم الثقافية لمجتمعاتهم.