قررت الأستاذة الدكتورة رشا إسماعيل، مدير المركز القومي للترجمة، إصدار الطبعة الثانية من كتاب "التاريخ السري لتاّمر بريطانيا مع الأصوليين"، من تأليف مارك كورتيس، ومن ترجمة كمال السيد، بعد أن حققت طبعته الأولى نجاحًا كبيرًا، بحيث تصدر الكتاب قوائم الكتب الأكثر مبيعًا منذ صدوره. وصرحت مدير المركز القومي، في بيان صادر عن المركز، تعود أهمية الكتاب إلى أنه يمكن أن يكون وثيقة دامغة في مواجهة الادعاءات الإسلامية السلفية والإخوانية، التي تتهم القوى المدنية بأنها عميلة للغرب، في الوقت الذي قام فيه الغرب ممثلاً في بريطانيا وأمريكا برعاية؛ بل وتأسيس معظم الحركات الإسلامية، التي ترفع شعارات العداء له حاليًا، كما ترفع أيضًا شعارات حول استقلال الإرادة الوطنية. ويعرض الكتاب الدور القيادي لبريطانيا في التآمر مع الإسلاميين ثم تحول البريطانيين أنفسهم إلى أداه في يد الأمريكيين، تقوم بالأعمال القذرة التي يأنف الآخرون القيام بها، وبالإضافة إلى ذلك فهو يوضح الكثير من النقاط المسكوت عنها، ويعتبر هو الكتاب الأمثل لتفسير ما يحدث هذه الفترة في مصر والشرق الأوسط. ويتكون الكتاب من تسعة عشر فصلاً وعلى مدار 575 صفحة، يستعرض من خلالها المؤلف الوثائق الرسمية البريطانية التي رفعت عنها السرية، خاصة وثائق الخارجية والمخابرات، ليفضح تاّمر الحكومة البريطانية مع المتطرفين دولا وجماعات وأفراد، في أفغانستان وإيران والعراق والبلقان وسوريا ومصر وأندونيسيا ونيجيريا، وذلك لتحقيق مصالحها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية. ويوضح الكتاب أن بريطانيا نبذت من استغلتهم عندما لم يعد هناك جدوى منهم مثل أسامة بن لادن والجماعات الأفغانية. ويمتلئ الكتاب بالعديد من الأمثلة على استغلال أمريكا وبريطانيا لجماعات الإسلام السياسي، وتحالفهم معها في تنفيذ استراتيجيتهم، لكن السحر انقلب على الساحر في كثير من الأحيان، وانقلبت جماعات الإسلام السياسي على من قام بصناعتهم، الأمر الذي أثار حروبًا بين الطرفين، وجعل كلاً من بريطانيا والولايات المتحدة أكثر حرصًا في تعاملهما مع جماعات الإسلام السياسي، واستمروا في استغلال هذه الجماعات رغم صخب الأخيرة في إعلان عدائها للغرب. ويجيب الكتاب عن أسئلة كثيرة، خاصة في هذا التوقيت، حول كيف استعملت بريطانيا وأمريكا الإخوان المسلمين، وكيف أبرمت الصفقات مع طالبان والأصوليين، حيث كان التحالف مع هذه القوى ذو نتائج وخيمة، حيث أنه أسهم في صعود الإسلام المتطرف وتقويض القوى العلمانية القومية الأكثر ليبرالية، فلقد شجعت هذه السياسة الحروب والعنف والإطاحة بالحكومات الشعبية عادة، ودعم القوى الأشد رجعية، وكذلك إذكاء التوترات بين الدول والانقسامات الطائفية داخلها، ومع ذلك فإن هذا التآمر قد زاد خطر الإرهاب الذي يواجه العالم، وهو جانب غير أخلاقي صارخ للسياسة الخارجية التي جعلت الشرق الأوسط وباقي العالم أقل أمنًا.