اليماني: التعديلات الأخيرة على مواد النيابة الإدارية مدمرة للمكاسب القليلة التي حققها دستور 2012 مصدر بالمحاسبات :لم يطلب منا الانضمام للجنة الخمسين ونقوم بجهود فردية لتحقيق الاستقلال فصل جديد من فصول الصراع على المواد الدستورية الخاصة بالأجهزة الرقابية المعنية بحماية المال العام في مصر تصاعدت في الآونة الأخيرة، بعد انتهاء لجنة الخبراء العشرة من وضع مشروع مسودة التعديلات الدستورية، والشروع في بداية عمل لجنة الخمسين المشكلة من الأحزاب السياسية بنسبة 10%، وممثلين عن القوات المسلحة والأزهر الشريف والكنيسة والنقابات والاتحادات العمالية. الصراعات على مواد الأجهزة الرقابية ليست جديدة فقد مرت من قبل بخلافات وشد وجذب في دستور 2012 في ظل حضور أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات والنيابة الإدارية وهيئة الرقابة الإدارية في جلسات الاستماع التي خصصتها الجمعية التأسيسية للدستور الأولى، وكان بالنسبة للجهاز المركزي للمحاسبات رفض الأعضاء ما وصفوه عدم استقلالية الجهاز بعد أن نص الدستور على تعيين رئيس الجهاز من قبل رئيس الجمهورية بعد ترشيحه من غالبية أعضاء مجلس الشورى، الذي تم إلغاءه في الدستور الحالي. وبرر الأعضاء رفضهم لذلك بأن تعيين رئيس الجهاز من السلطة التنفيذية يعني خضوعه لإرادة الحزب الحاكم أولاً، الذي يقترحه رئيس الجمهورية ويوافق عليه مجلس الشورى ويعينه رئيس الجمهورية الذي قد ينتمي للحزب نفسه، كما أنه أدخل الأعضاء في إشكاليات حول تحديد طبيعة كلمة " المال العام" و "المال الخاص"، وما يعنيه ذلك من تحجيم لدور الجهاز المركزي للمحاسبات في الرقابة على المال العام للدولة. إلا أن هذه الصراعات انتهت بتحقيق 75% من إرادة أعضاء الجهاز على أن يتم استكمال مطالبهم في قانون جديد للجهاز مكمل للمواد الدستورية، إلا أن الصراعات لم تتوقف وانتقلت داخل الجهاز المركزي للمحاسبات الذي ينشط فيه كيانات شكلها أعضاء الجهاز تسعى جاهدة إلى تحقيق استقلاليته ورقابة فعالة على المال العام من بينها "رابطة رقابيون ضد الفساد" و"نادي الجهاز المركزي للمحاسبات" وقامت الأولى بعمل وقفات احتجاجية طالبت بأن يشارك الأعضاء في وضع قانون الجهاز وألا ينفرد رئيس الجهاز المستشار "هشام جنينة" بوضع القانون، وتمت إثر ذلك إحالة رئيس الرابطة وقتها إلى التحقيق. الجهة الأخرى التي تعد واحدة من الأجهزة الرقابية هي هيئة النيابة الإدارية التي دخلت في صراعات وقت إعداد دستور 2012 وحالات شد وجذب على أساس الرغبة الملحة لأعضاء هيئة النيابة الإدارية في وضع دستور يحمي المال العام ويكافح الفساد الوظيفي في الجهاز الإداري للدولة، متمثلاً في إفساح الطريق للنيابة الإدارية لبتر رؤوس الفساد واجتثاثه من جذوره وهو ما تحقق بالفعل إلا أن التعديلات الدستورية الجديدة أوجدت خلافاً جديداً بعد أن صوتت على نص النيابة الإدارية في اليوم المحدد لتسليم المسودة لرئيس الجمهورية بعد حذف هذا الاختصاص وبعد أن تم تحجيم النص الدستوري الخاص باختصاصها بالقانون حسب بيان أصدره نادي النيابة الإدارية منذ أيام خلال جمعية عمومية طارئة. من جهته قال المستشار "محمود اليماني" المتحدث الرسمى لنادى النيابة الإدارية بالمنصورة أن اللجنة عملت على إرضاء القضاة المنتدبين للجهات الحكومية، وكنا نأمل أن تعمل للصالح العام وتحظر ذلك الندب بالدستور لأن ذلك الندب ولّد في الماضي شعور لدى العامة بأنه هبة مقننة وفضل أنه من العوامل المؤثرة فى تعطيل سير العدالة. وأضاف : "أصدر نادي النيابة الإدارية بياناً أكد فيه أن التعديلات الدستورية جاءت مدمرة للمكاسب القليلة التي تضمنها هذا الدستور في تقنين حماية المال العام ومكافحة الفساد الوظيفي بالجهاز الإداري للدولة والذي قوامه 6.5 مليون موظف عام يخدمون الشعب بخدمات يومية". واعتبر النص المقترح من اللجنة بخصوص اختصاصات النيابة الإدارية صادماً للشعب لافتقاده حماية النيابة الإدارية من تغول السلطة التشريعية عليها جاعلاً اختصاصها بتحقيق المخالفات المالية والإدارية محكوماً بما ينص عليه القانون، مما جعل النص الدستوري مقيداً بالقانون في حين أنه كان حرياً أن يكون النص الدستوري محجماً للقانون. وأشار إلى أنهم لا يتطلعون إلى ميزات مادية ولكنهم يسعون إلى حماية المال العام ومواجهة الفساد الإداري بالدولة. وذكر مصدر بالنيابة الإدارية رفض ذكر اسمه ل"البديل" أن أخطر ما في التعديلات الدستورية هو إلغاء الحظر على ندب المستشارين بالجهاز الإداري للدولة، وهو ما يتسبب في إهدار المال العام مضيفاً أن النيابة الإدارية لن تمثل في لجنة الخمسين وهو ما يعني انتهاء التعديلات بالشكل الذي هي عليه الآن. من جهته قال مصدر أخر بالجهاز المركزي للمحاسبات – وهو أحد الأجهزة المنوطة بها الرقابة على المال العام في الدولة – ل"البديل" إن الجهاز المركزي للمحاسبات لن يتم تمثيله في لجنة الخمسين وهو ما يعني أنهم لن يستطيعوا تقديم متطلباتهم مشيراً إلى أن هناك جهود فردية قام بها أعضاء من خلال وضع مقترحاتهم على موقع لجنة الخبراء العشرة ولكن لم يتم التجاوب معها أو الاستماع إليها خاصة فيما يتعلق باستقلالية الجهاز.