* 30 طفلا على جهاز وحيد للتنفس الصناعي .. وحكيمة واحدة تشرف عليهم * التمريض يضع كل 9 أطفال على سرير واحد.. و5 ممرضات يشرفن على 70 طفلا * خطأ متكرر: أب يعود للمنزل ليجد ابنه أنثى .. ومدير الوحدة «يعد» بمحاسبة الممرضة * د. مجدي بدر الدين: قدمت 19 شكوى فعاقبوني بتعيين مدير مهمته أن يقول «كله تمام» * المستشفى أهدرت 4 ملايين جنيه على إنشاء غرفتين للأطفال وحين بدأ التشغيل احترقت لوحات الكهرباء الإسكندرية – شيماء عثمان : حكيمة واحدة، و30 طفلاً حديث الولادة، يتكدسون أمام جهاز للتنفس الصناعي، لا يعرف أحد حالته بالضبط. هكذا كان المشهد العام في قسم الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى الشاطبي بالإسكندرية، هناك حيث يوضع 9 أطفال في «عربة» واحدة، ليتكدسوا «فوق بعض» وسط إهمال طبي وتمريضي أصبح «علامة مسجلة» لمستشفى تستقل 48 حالة ولادة يوميا. «ما يحدث كارثة، والجميع لا يريد أن يتحرك» هكذا بدأ الدكتور مجدي بدر الدين أستاذ طب الأطفال وحديثي الولادة بكلية الطب، جامعة الإسكندرية، عن الأوضاع داخل مستشفى الشاطبي العام، التابع للجامعة. «حاولت إنقاذ الأطفال الذين ولدوا على يدي داخل المستشفى، وبعثت عدة خطابات إلى الدكتور محمود الزلباني عميد كلية الطب، إلا أن محاولة التنسيق بين الوزارات المختلفة لتوفير قدر أكبر من الرعاية للأمهات باءت بالفشل ،نظراً لازدياد حالات الولادة داخل المستشفى مما يشكل ضغطا عليها لعدم وجود مستشفيات أخرى تابعة للجامعة متخصصة في التوليد، وتستخدم المستشفى في تمرين أطباء الجامعة على إجراء عمليات الولادة». في 1963 كان عدد الولادات، يتراوح ما بين 25 إلى 30 يوميا، لترتفع حاليا، إلى معدل يتراوح ما بين 40 إلى 48 حالة ولادة يوميا. «كثافة حالات الولادة أدى لارتفاع رهيب في معدل الوفيات، بسبب تكدس الأطفال في الحضانات، كان آخرها حالة وفاة لطفل في 16 يناير 2011، وبعد ثلاثة أيام وفي 19 من الشهر نفسه، توفي طفل آخر». يرى د. مجدي أن ما يحدث «كارثة بكل المقاييس فالمستشفى تخصص غرفة انتظار بجوار غرفة الولادة لتكديس الأطفال بعضهم فوق بعض، ورغم أن الأمر الطبيعي أن يوضع كل طفل في سرير منفرد، إلا أن المستشفى تحشر كل 9 أطفال في سرير واحد، وهو أمر لا يحدث في أي مكان في العالم». أطفال شاء حظهم العاثر، أن تكدسهم أيدي الممرضات على حافة السرير، فسقطوا على الأرض ليفارقوا الحياة التي لم يكادوا يلامسوها لساعات حتى أصيبوا بنزيف في المخ، وتوفي بعضهم من «الزنقة». يرجع بدر الدين سبب «حشر الأطفال» بهذه الطريقة، إلى زيادة عمليات الولادة ونقص المستشفيات، «لم يكن أمام الأهالي سوى نقل أطفالهم إلى مستشفيات أخرى، أو انتظار نقل الأطفال إلى وحدة حديثي الولادة، وسط كم هائل من الفوضى». أحد الآباء، وبسبب تلك الفوضى، كما يحكي الدكتور مجدي، ذهب للمنزل ليتكشف أنهم أعطوه طفلة، بدلا من ولده، فعاد للمستشفى وتشاجر مع الإدارة، ووعد الطبيب المسئول عن قسم حديثي الولادة آنذاك بمجازاة الممرضة التي ارتكبت هذا «الخطأ المتكرر». «من الممكن أن يصاب أحد الأطفال بالعدوى من طفل آخر أو يتوفي، دون أن يدري أحد أو يتحرك مسئول.. وشخصيا تقدمت للعميد ب19 خطاب كان آخرهم في 19 فبراير 2011، دون أن يرد على أي من خطاباتي، بل ما حدث هو العكس، حيث عوقبت بتعيين العميد لمدير يترأسني وتكون مهمته الوحيدة، أن يقول للعميد إن كل شيء تماما في المستشفى، وفي إحدى المرات وعندما حاولت التحدث مع العميد مواجهته، اشتكاني إلى رئيس قسم الأطفال الذي يقل عنه في الدرجة، ورد على تحفظاتي على ما يحدث في المستشفى بأن هذه هي مسئولية رئيس الوحدة». من بين أسباب «مشكلة مستشفى الشاطبي» هو وضع 30 طفل من بين ال70 المتواجدين بالحضانات على جهاز تنفس صناعي واحد، تباشره ممرضة، أو حكيمة واحدة، في حين أن لكل طفل حكيمة عالمياً، حسب رواية الدكتور مجدي الذي يقارن بين الوضع في مصر ومثيله في الخارج قائلا:«في الخارج يعتني بالطفل الواحد ما بين حكيمتين إلى ثلاثة، لكن ما يحدث هنا هو إشراف 5 حكيمات فقط على 70 طفل، رغم أن 30 ممرضة يعملن في الفترة الصباحية وحده»، يطالب بدر الدين أيضا بتغيير رؤساء هيئة التمريض بالوحدة . اقترح بدر الدين على إدارة المستشفى، إجراء توسيع سريع، لوحدة حديثي الولادة من ناحية جناح 6، وهي أرض بالمستشفى مهجورة منذ 7 سنوات، وتتسع لحضانة أخرى. أما الإدارة فبدأت منذ 6 أشهر في إنشاء غرفتين داخل كل وحدة لتستوعب 12 حضانة بتكلفة 4 ملايين جنيه، وعندما بدأ تشغيلها اكتشفوا أن لوحة الكهرباء لا تحتمل الأجهزة واحترقت فور تشغليها، يسأل الدكتور مجدي، «مرة أخرى أهدرت المستشفى ملايين الجنيهات على لا شيء، وأين كانت الإدارة الهندسية وقت توسيع الحضانات؟». يختم بدر الدين روايته قائلا:«لا يمكن أن يستمر الوضع بهذا الشكل، وعلى إدارة الجامعة، التدخل، لأن هناك أرواحا بريئة تدفع ثمن الإهمال والفساد»