اتق الله.. كلمة قالها لي أحدهم، لدعوتي الشباب إلى النزول ب30 يونيو. هو ليس إخوانيا، (ولا من الذين يحترمونهم)، لكنه واحد من أولئك الذين وهنت قلوبهم لمرأى الدم الذي بذر الإخوان مشاهده بإعلامهم (خلال اليومين الماضيين)، آملين أن يثمر خورا يحفظ عليهم سلطانهم، وروى صاحبنا تلك البذور بجهله (بحقيقتهم) فأينعت هذه الكلمة الموجهة لي.. اتق الله. قلت له قبل أن استمع لنصيحتك عليك أن تنصت لحديثي. أقرأت يوما في كتاب الظلال (والمعالم) الذي يرضعه الفرد الإخواني مع لبن أمه ولا يفطم عنه وإن بلغ سن الشيخوخة؟، آطالعت رسالات مرشديهم الأسبوعية؟، آصادقت رجال من الذين قضوا أعمارا طويلة بداخل تلك الجماعة، فقصوا عليك ما عاينوه بأنفسهم؟، أقرأت كتابات "المتساقطون على طريق الدعوة" (بالتعبير الإخواني) عن الجماعة، ك الشيخ الغزالي، مرورا بعبدالله النفيسي، وصولا لثروت الخرباوي، والمتحالفين معهم اليوم أمثال أبو العلا ماضي وعصام سلطان (طوال خمسة عشر سنة قبل الموجة الأولى للثورة)؟، أقرأت ما سطره الباحثون عن هذا التنظيم المخيف، كالنبيل الراحل حسام تمام رحمه الله الذي كان أبرزهم وأقدرهم على سبر غور الجماعة؟. لا والله، لم تقرأ، ولم تطالع، ولم تعرف، فلو حصّلت ما حصّلته عبر سنوات طوال لوقعت على ذات النتيجة التي أحادث بها الناس، وعلمت أن الإخوان لا ينتمون إلى وطنك "الجاهلي" بل إلى جماعتهم "المسلمة"، وأن ايمانهم بالحريات والديمقراطية أوهن من بيت العنكبوت. لو حصّلت ما حصّلته لأطلعك الله على الغيب، فأبصرت على صفحته، الإخوان وقد أرسى دعائم حكمهم تخاذلك وتخاذل أمثالك، فاحكموا قبضتهم على أجهزة القمع بالدولة، ثم انتزعوا عن شفهاهم تلك الابتسامة الصفراء المخادعة، ليعبس وجههم في وجه مجتمعنا، ويعملوا أدوات القمع التي تكون حينها قد "تأخونت" في هذا "المجتمع الجاهلي" حتي يخلص لهم "جماعة مسلمة" تدين بدينهم، حينها ستضيق بالمجتمع كافة السبل ليثور، وعندئذ فأدوات القمع (الجيش خاصة) لن تتهيب كما حدث في الموجة الأولى للثورة استباحة "المجتمع الجاهلي" الذي يريد هدم "الدولة المسلمة". لا أحادثك هنا عن كذب وإخلاف للوعد وتزييف للحقائق وفشل في إدارة الدولة..الخ، بل أحادثك عن وطن ودولة، تندفع أفكار مريضة في شراهة مجنونة لتقطيع أوصالهما. لا والله، ما أنت أخوف من الله مني، فأنا صدعت لوصيته، فعلمت ثم اجتهدت برأي الذي صاغه عقلي لا عاطفتي، (فلي أجر وإن كنت مخطأ)، أما أنت جهلت ثم جهرت برأي صاغته عاطفتك لا عقلك (فلا أجر لك وإن كنت مصيبا). نعم تجزع نفسي من إزهاق الروح التي حرم الله إلا بالحق، واضعا في حسباني مع ذلك تلك الحقيقة التي يسر بها التاريخ لكل صاحب عقل أن الثورات بل الدعوات العظيمة جميعها، السماوية منها وغير السماوية، لم تسر في أخاديد الواقع وخلجانه إلا ممزوجة بدماء معتنقيها، كأن المعاني النبيلة التي حملتها تلك الدعوات لا تثمن بغيره، بغير الدم. [email protected]