أصدر المركز التنموى الدولى تقريرا اليوم، عن الأداء الرئاسي خلال العام الأول من حكم الرئيس محمد مرسى، وتضمن تحليلا لخطاب الرئيس مساء أمس، واصفا إياه بالانتكاسة الحقيقية للحقوق والحريات. وذكر التقرير أن الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية، الخاص بكشف حساب الإنجازات والإخفاقات الرئاسية في عامها الأول، شمل خللا وضعفا رئاسيا واضحا، فاستمر لمدة 156 دقيقة، كأحد أطول خطابات الرؤساء المصريين عبر التاريخ، شمل 98 تصفيقة بواقع 3 تصفيقات كل 5 دقائق، بشكل جعل منه حوارا من أجل الدعاية الرئاسية وحمل الخطاب تناقضات واضحة، تمثلت في ثنائية الاعتذار تارة وإلصاق الاتهامات لأطراف أخرى؛ لفشل الأحزاب السياسية في احتوائه واحتواء طاقاته وتحويلها لطاقة إيجابية، وأن الجماعة لا تنفرد بالسلطة، ولكن المعارضة هي من لا ترغب في الحوار أو التعاون مع الرئاسة، وترفض كافة المناصب التي تعرض عليها. ووصف الشارع بأنه منقسم فقط بين المؤيد والمعارض، وأن هذا أمر طبيعي في نظره وأزمات الطاقة مفتعلة، والنظام السابق والعملاء والمحرضين هم سبب افتعالها، وأنه لا توجد أزمة حقيقية، واأقى بالفشل في استرجاع أي أموال من الخارج على عدم تعاون الدول الخارجية، وأن وأسباب أزمة السياحة، تكمن في الطرف الثالث والإعلام، والمظاهرات لا تعبر عن مشكلات الشارع. ولفت التقرير إلى استخدام الرئيس خطابا تشهيريا ببعض معارضيه بشكل عكس حجم الاستهانة بالنظام القانوني للدولة، فسرد الرئيس مجموعة من الاتهامات لأسماء بعينها من المسئولين السابقين والقضاة وغيرهم، وأصحاب القنوات في شكل واضح لاستغلال المنبر الإعلامي، الذي وفره المنصب الرئاسي في أغراض انتقامية تعرض الرئيس للمسائلة القانونية، في وضع يعكس استهانة واضحة بالقانون وبسلطات الدولة، كما حمل الخطاب جملة من التهديدات للمعارضين وغيرهم بشكل جعله يهدد بالمحاكمة العسكرية لمن يتعدوا عليه، مكررا أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو في حد ذاته انتكاسة للحريات والحقوق. وركز الخطاب على التعمد الواضح في إظهار السلطة القضائية في وضع فاسد يلزم تطهيره وكذلك إلصاق الاتهامات بتورطها في إفلات رموز النظام السابق من المحاكمة وتسببهم في الزج بالوطن في صراعات. وأشار التقرير إلى التلاعب بأرقام اقتصادية خلال الكلمة بشكل عكس توجه لاستغلال بعض القصور المعرفي للكثير من المواطنين بالمعلومات الاقتصادية، خاصة عندما عرض حجم الزيادات في المرتبات والمعاشات وغيرها، وعندما ادعي أنها تعادل زيادات 60 عاما مضت دون أن يتطرق لأية حقائق أو يتطرق للأزمة التي وضعها لحكومته في كيفية الحصول على المبالغ اللازمة لسداد تلك الالتزامات أو لحجم المديونيات التي تتحملها الدولة نتيجة قراراته الانفعالية غير المدروسة. اعتمد الرئيس في وضع غطاء لمديونياته المرتفعة بشكل لم يسبق في عام واحد والمقارنة بالرؤساء السابقين، في محاولة منه للإفلات من الحساب، وفي تجاهل تام منه لحجم المديونات الداخلية والخارجية، التي خلفها حكمه في عام، لانه اقترض11 مليار دولار من الخارج، بالإضافة 278.5 مليار جنيه من الداخل. وذكر الرئيس انخفاض البطالة بنسبة 1%، بينما ارتفعت البطالة بنسبة 1% على أقل تقدير، لتصل من 12.5% - 13.5% في عامه الأول، كما لم يذكر معدل التضخم بعدما انخفضت قيمة الجنيه مقابل الدولار، ليصل من 0.16 – 0.14. وأوضح التقرير أن القرارات التي اتخذها الرئيس بنهاية خطابه، أزمة في حد ذاتها مثل قرارا وحدة مكافحة البلطجة وقطع الطرق تحديا واضحا للحق في الإضراب والتظاهر بشكل يعكس محاولة لقمع مخالفيه، ولا يعطي أي حلول لمشكلات قطع الطرق التي أضحت ثاني وسيلة احتجاجية يستخدمها المتظاهرون للضغط على الدولة من أجل تحقيق مطالبهم . ومثلت قرارات المصالحة الوطنية ولجنة التعديلات تحركات متأخرة، تحمل صيغة محاولات لتهدئة الأزمة والظهور بشكل الرئيس الديمقراطي، لكنها متأخرة بشكل يفقدها كافة احتمالات التنفيذ مثل قرار توكيل المحافظين في إقالة رموز النظام السابق وتوكيل الوزير المختص في سحب التراخيص من بعض محطات البنزين تعديا واضحا على القانون بشكل يخالف نص الحكم المبطل لإبعاد رموز الوطني المنحل من العمل السياسي وكذلك تحديا بمنح سلطات للمحافظين تدخل في نطاق السلطة القضائية. وقال التقرير إن استخدام عبارات السخرية والاستهزاء والاتهام بكثرة وبشكل يعكس كبرياء وغطرسة جوفاء، لا تستند سوى على الخوف الواضح من الأحداث المقبلة ومحاولة الظهور بمظهر القوة في مواجهة معارضيه، لكنه استخدمها بشكل نم عن المزيد من الضعف وعدم احترام المنصب الرئاسي وما يتطلبه من احترام لكافة المواطنين والانتماءات والفئات. ورأى التقرير أن رئيس الجمهورية الحالي تجاوز في كافة مناحي إدارة الدولة بشكل ديمقراطي، وفتح جبهات النار والخصومة مع معظم شركاء الوطن، وكان غير قادر على الاعتراف بأخطائه أو انتهاج أي مسارات جديدة لمعالجة الأوضاع القائمة، بل كان خطابه عاكسا لمدى غياب قدرته على تقبل الآخر أو إدارة دولة بحجم مصر أضحت في عهده دولة متسولة لا تمتلك من يمثلها وشعبها حق التمثيل.