أثارت الأنباء التي تتحدث عن اقتراب موعد تسليم رأس النظام القطري السلطة لابنه تميم الأحاديث مجددا عن خفايا العائلة الحاكمة في الإمارة الخليجية الصغيرة. الغوص في خفايا العلاقات بين أشخاص العائلة الحاكمة ورموز السلطة في قطر يدعو للبحث في كتاب "سراب وشيوخ يرتدون الأبيض" الذي سربه "الجيش السوري الإلكتروني" بعد أن حصل عليه من البريد الإلكتروني لوزارة الخارجية القطرية ونشرته شبكة عاجل الإخبارية. يعاني الديوان الأميري في الدوحة " من تمزقات حادة بين الفئات المتناحرة بحيث أن الأمير كان يجهد لفرض احترام سلطته، ذلك أن وراء النزاعات العائلية والخلافات المالية التي لا مفر منها، كانت تبرز خلافات سياسية حقيقية، لدرجة أن البعض كان يأخذ على الشيخ حمد مواقف دبلوماسية مرتبكة، بينما آخرون كانوا يلومونه على التغيير السريع المفروض على البلاد. وكانت قدرتهم على تحمل صورة الحداثة التي يريد الأمير إعطاءها عن قطر تتراجع يوما بعد يوم إذ كانوا يرون أنها لا تتناسب مع التقاليد التي يتعلقون بأهدابها و لكن خصوصا لأنها تتناقض مع مصالحهم،" يقال إن موزة والدة ولي العهد تميم قد ساهمت الى حد بعيد في إقناع زوجها بالاستيلاء على السلطة عام 1995. وبرز نفوذها في الحياة العامة في العام التالي عندما قرر زوجها أمير قطر تعديل تسلسل الخلافة، حيث أبعد ابنه البكر من زوجته الأولى وابنة عمه وعين مكانه جاسم، بكر أبنائه من زوجته موزة، ويروى أن الزوجة الثانية الطموح "موزة " روجت لوجود علاقات خطيرة بين ابنها جاسم والإرهابي السعودي أسامة بن لادن، ولأنه فقد حظوته لدى والده، فقد وضع لفترة قيد الإقامة الجبرية. والإمارة التي هي كناية عن قرية كبيرة تتشكل من قبضة من القبائل، منها قبيلة آل ثاني التي هي الأكبر عددا إذ أن 40 بالمائة من القطريين ينتمون إليها، وتتحدر قبيلة آل ثاني من قبائل بني تميم الوهابية التي وصلت إلى قطر بداية القرن الثامن عشر، وتمركزت في منطقة زبارة، في الغرب، قبل أن تنتقل، في أواسط القرن التاسع عشر، إلى الدوحة، عاصمة قطر الحالية. وعرفت قطر الانقلاب مرتين وفي الحالتين، كان أحد أفراد عائلة آل ثاني هو الذي يقوم بالانقلاب على آخر من العائلة نفسها، فالأمير السابق خليفة بن حمد آل ثاني هو والد الأمير الحالي الشيخ حمد، وخليفة نفسه وصل إلى السلطة من خلال قيامه بانقلاب، بعد أشهر قليلة على استقلال قطر، على ابن عمه أحمد بن علي، في سنوات حكمه الأولى. ففي يونيو 1995، استفاد حمد من وجود والده في أحد قصوره في سويسرا ليعلن نفسه أميرا للبلاد بهدوء ودون إهراق قطرة دم واحدة حيث نفى حمد والده الذي أقام فترة في سوريا قبل أن يسمح حمد له بالعودة إلى قطر عام 2004، وتم الانقلاب بدعم وزير الخارجية الحالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي كان عين في هذا المنصب في العام 1992. وتقول الرواية إن الشيخ خليفة سمع بنبأ تنحيته عن العرش وهو يستمع لنشرة الأخبار في إحدى الإذاعات، والآن، يرجح أن الشيخ حمد قد يسمع نبأ تنحيته، في حال ألمت به مثل هذه المصيبة، من قناة الجزيرة.