أودعت محكمة جنايات القاهرة، حيثيات حكمها في قضية التمويل الأجنبي، الصادر بمعاقبة 27 متهمًا غيابيًا بالسجن 5 سنوات، ومعاقبة 5 آخرين حضوريًا بالحبس سنتين، ومعاقبة 11 آخرين بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ، وتغريم كل متهم 1000 جنيه، وغلق جميع مقارات وأفرع "المعهد الجمهوري الحري، الديمقراطي الأمريكي، فريدم هاوس، كونراد ايناور الألمانية"، على مستوى محافظات الجمهورية، ومصادرة أموالها والأوراق التي ضبطت بها. قالت المحكمة في حيثياتها "النظام البائد قزم من مكانة مصر الإقليمية والدولية، وانبطح أمام المشيئة الأمريكية في مد لسور التطبيع بين مصر وإسرائيل، ظهر على السطح " التمويل الأجنبي" لمنظمات المجتمع المدني، كأحد مظاهر هذا التطبيع، بدعوة الدعم الخارجي، والحوار مع الآخر، ودعم الديمقراطية والحكم، ومنظمات حقوق الإنسان، وغيرها من المسميات التي يستترون في ظلها. اطمئنت المحكمة إلى شهادة كل من الدكتور فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولى الأسبق، والسفير مروان زكي بدر، المشرف على مكتب وزيرة التعاون الدولي، وأسامة عبد المنعم شلتوت، مدير شئون المنظمات غير الحكومية بوزراة الخارجية، وليلى أحمد بهاء الدين، نائب مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان، وعزيزة يوسف، رئيسة الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات بمنظمات التضامن والعدالة الاجتماعية. بالإضافة إلى تحريات الأمن الوطني والرقابة الإدارية والأموال العامة، وما جاء بتقرير لجنة تقصي الحقائق وما قرره المتهمين أمام قاضي التحقيق بقيامهم بتأسيس هذه الفروع من تلك المنظمات، وتمويلها من المراكز الرئيسية للمنظمات بالولايات المتحدةالأمريكية، وكذلك من ألمانيا، وما أسفر عنه الضبط والتفتيش لمقر المنظمات الذي تم بمعرفة النيابة العامة. تناولت المحكمة في الحيثيات الرد على دفاع المتهمين، بشأن الاعتذار بجهل المتهمين بالقانون، بأن العلم بالقانون الجنائي والقانونين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة، ومن ثم لا يقبل الدفع بالجهل والغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي، وأن قانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية رقم 84 لسنة 2002 ذو جزاء جنائي. كما تناولت المحكمة أيضًا ما أثارته هيئة الدفاع عن المتهمين، من الاتهامات باعتبارها مسندة للمتهمين تحكمها المواد التي جاءت في قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002، واللاحقة في تاريخها على المواد المضافة لقانون العقوبات وهي الأصلح للمتهمين، وبحسبان أن مواد الاتهام الواردة بقانون العقوبات ملغاة بموجب نص المادة 7 بالمواد إصدار قانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية. وردت المحكمة على هذا الدفع بقولها: القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة لقانون لا حق ينحي أحكامه، وأن تغيير الدستور لا يلغي الجريمة التي مازالت في نظر المشرع معاقب عليها. كذلك ردت المحكمة بشأن ما أثاره دفاع المتهمين عن المنظمة الألمانية كونراد اليناورد، من تقادم الجريمة التي يحاكم بشأنها المتهمين بمضي المدة، بأنهم أداروا بغير ترخيص من الحكومة المصرية فرع لمنظمة ذات صفة دولية، وتسلموا أموالًا مقابل ارتكابهما تلك الجريمة، وأن الجريمة المسندة إليهم ليست تأسيس فرع لمنظمة، ولكن إدارة فرع لمنظمة. وبشأن تقديم بعض المنظمات بطلبات أمام وزارة الخارجية للحصول على تصاريح بالعمل منذ عام 2005، ولم يبت فيها، مما يعد تصريح ضمني بالعمل، قالت: لا يجوز لأي منظمة أجنبية ممارسة العمل في مصر أو فتح فروع لها إلا بعد إبرام اتفاق نمطي مع وزارة الخارجية المصرية، وإرساله لوزارة التضامن والعدالة الاجتماعية ليقوم بتسجيل فرع المنظمة بالوزراة، وأنه لا يترتب على مجرد تقديم الطلب أي آثار قانونية تجيز لتلك المنظمات الأجنبية غير الحكومية العمل في مصر. وطالبت المحكمة النائب العام بإجراء التحقيق مع المنظمات والجمعيات والكيانات التي تلقت تمويلًا من بعض الدول العربية والأجنبية، والتي ورد ذكرها في لجنة تقصي الحقائق، أسوة بما تم مع المنظمات المعنية بهذا الحكم، وبسرعة إنهاء التحقيق مع كل من مكن المتهمين الأجانب من الهرب.