ظهرت مؤخرا حركة "تمرد" لسحب الثقة من الرئيس المصري محمد مرسي، وقد نالت هذه الحركة استحسانا من قبل فريق كبير جدا من الشعب المصري، الذي وجد فيها طريقة مناسبة وسلمية للتعبير عن عدم رضائه على أداء السلطة التنفيذية، في حين هاجمها البعض وخاصة أنصار النظام القائم وشككوا في قانونيتها وفاعليتها رغم أن جماعة الإخوان أطلقت حملة موازية باسم "مؤيد" وأطلقت الجماعة الإسلامية حملة "تجرد"، مما يعد اعترافا ضمنيا بقانونية حملة "تمرد" وفاعليتها، كما تسعى السلطة إلى تقويض حركة شباب تمرد بالقبض عليهم ومطاردتهم. والحقيقة أن حملة تمرد لسحب الثقة هي الآلية التي يمكن للناخبين إنهاء فترة إشغال المسؤول المنتخب لمنصبه قبل الانتخابات التالية. ويطلب من المؤيدين عندئذ جمع عدد معين من التواقيع دعما لإجراء سحب الثقة .ومن الاعتيادي أن يكون عدد التواقيع المطلوبة هي جزء من عدد الأصوات المدلى بها لصالح المسؤول الخاضع لسحب الثقة لدى الانتخابات الأخيرة. ولدى حصول طلب سحب الثقة على العدد الكافي من التواقيع ، يعرض الموضوع على الناخبين على ورقة الاقتراع لكي يحددوا أولا ؛ إذا ما كان ينبغي سحب الثقة عن المسؤول من عدمه ، وثانيا ؛ من الذي سيخلف المسؤول إذا ما نجح إجراء سحب الثقة. ومما تقدم، يتبين أن سحب الثقة آلية معمول بها في دساتير العديد من الولاياتالأمريكية التي تستخدم آلية سحب الثقة على جميع مسؤولي الولاية المنتخبين، ومسؤولي المقاطعة والمسؤولين المحليين صعودا إلى مكتب حاكم الولاية. وقد يخضع القضاة أيضا إلى حملات سحب الثقة . وفي بعض الولايات قد يخضع أيضا المسؤولين من غير الخاضعين للانتخابات إلى سحب الثقة، مثل الموظفين الإداريين، وقد استخدمت هذه الآلية في ولاية كاليفورنيا في العام 2003، حيث كانت الأسس لسحب الثقة هي التقصير والمخالفات الخطيرة. وقد كان مطلوب من المؤيدين جمع تواقيع 12% من الأصوات في الانتخابات الأخيرة. في حين تطلبت العديد من الولايات الأميركية 25% من الناخبين لدعم سحب الثقة ؛ كما ان نسبة ال 12% في كاليفورنيا هي الادنى فيما بين الولايات. كما تطبق آلية سحب الثقة في فنزويلا على رئيس الدولة المنتخب. والجدير بالذكر أن فكرة حملة "تمرد" قد بدأت بفكرة أخرى تم طرحها على الفيس بوك لسحب الثقة من أعضاء مجلس الشورى الذي يسن قوانين لا تعبر عن مصالح الشعب وتحول دون تحقيق أهداف الثورة فضلا عن عدم كفاءة أعضائه والتشكك في الدور التشريعي الذي يقوم به والذي كفله له الدستور الباطل والذي جاء باستفتاء مزور، وقد لاقت هذه الفكرة استحسان قطاع من الشباب الذي طور الفكرة إلى سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وهنا يجب لفت النظر إلى ملاحظتين: الأولى: أن سحب الثقة يجب أن يتوازى معه طرح بديل للمسؤول الذي تهدف المبادرة إلى سحب الثقة منه، ومن ثم اقترح أن تقوم كل محافظة من المحافظات السبعة وعشرين بترشيح خمسة من أبنائها وأن يتم إجراء انتخابات لاختيار واحد منهم للترشح لمنصب الرئيس ثم يتم إجراء انتخابات على مرحلتين بين السبعة وعشرين مرشح على أن تكون المرحلة الثانية بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات، ومن ثم حتى تأخذ الحركة طابعا جاديا وذي رؤية للمستقبل حتى لا نكرر مشهد (شفيق ومرسي) مرة ثانية. الثاني: ضرورة التحقق من صحة التواقيع، خاصة في ضوء التشكيك في صحتها من قبل المعارضين لها، ولذا وجب الدعوة لتشكيل لجنة قانونية محايدة للتحقق من صحة التواقيع والرقم القومي، وقد أوضح المتحدث باسم حركة تمرد بأنهم بعد جمع 15 مليون توقيع سوف تتوجه الحركة إلى المحكمة الدستورية العليا، كما طالب بأن ترسل مؤسسة الرئاسة مندوباً لمراجعة التوقيعات، أو حتى إرسال مندوب من الأممالمتحدة لمراجعتها إن أرادت، على حد قوله. مما لاشك فيه أن حركة تمرد ليست معيار لسحب الثقة من الرئيس المصري ولكنها لسحب الثقة من جماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسي، كما أنها سوف تحول دون أي محاولة لتزوير أي انتخابات مستقبلية سواء كانت رئاسية أو تشريعية فهي ستكون بمثابة مقياس لوجود وشعبية هذا التيار على الأرض وبمنتهى النزاهة لأنها باختصار نجحت في أن تصل إلى كافة ربوع الجمهورية من ريف وحضر ولكل فئات الشعب المصري وهو ما فشلت فيه المعارضة حتى الآن والتي تحاول أن تنقض على ثمار حركة "تمرد".