لم تكن عصابات الصهيونية هم المخطئون؛ فهذا دورهم المرسوم، لكن أصحاب القضية هم "المجرمون"؛ عملوا لدى الصهيونية؛ طمعا في فى عروش كاذبة؛ لكنهم أُكلوا حينما أُكل الذئب الأبيض ولم يدركوا حتى الآن. لقد كانت نكبة "48"، هى التجلى الأول ل "وعد بلفور" البريطاني عام 1917، ومن باب الإنصاف فإنه منذ تبلور الملامح الأولي للصهيونية صوب فلسطين، بدأت تتخذ الخطوات الفعلية لتحقيق هذا الهدف الذي خدم العرب فيه بكل جداره وأدوا دورهم على أكمل وجه. وبدأت الصهيونية تحقيق حلمها عبر الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية عام 1840، مرورا بفترة الانتداب البريطاني وصولا حتى يومنا هذا، كان يتولى في البداية تنفيذ هذه المشاريع؛ أثرياء اليهود في مختلف أنحاء العالم الذين تبنوا أفكار الصهيونية، حتى أضحت تنفذها الحكومة اليوم. ومع حلول عام 1921 تأسست عصابات "الهجانة الصهيونية" بهدف الدفاع عن اليهود لتكون بعد ذلك حجر أساس الجيش الإسرائيلي، وظلت هذه المنظمة تأخذ الطابع المدني حتى عام 1929؛ فسعت لاستيراد السلاح وإنشاء الورش المحلية لتصنيع القنابل اليدوية والمعدات العسكرية الخفيفة وتزايدت أعدادها وكفاءتها يوما تلو الآخر إلى أن بلغت 10 آلاف مقاتل و40 ألف احتياط عام 1936. في منتصف شهر مايو عام 1948 خرج الصهيوني" ديفيد بن جوريون" معلنا عن قيام الدولة اليهودية بفلسطين تحت اسم "إسرائيل"، ليؤكد على نجاح مؤتمر الصهيونية الأول في مدينة بازل بسويسرا بقيادة "تيودر هرتزل" عام 1879، وكان إعلان "بن جوريون" بمثابة بداية صراع عربي صهيوني مازال مستمرا ليومنا هذا. وبعد تصريح "بن جوريون" بدأت أولي معارك العرب ضد الكيان الصهيوني؛ شاركت فيها كل من مصر والسعودية والأردن والعراق وسوريا ولبنان ضد ميليشيات الصهيونية المسلحة على رأسها "الهجانة والبلماخ والإرجون" وعدد من المتطوعين اليهود من خارج حدود الانتداب البريطاني على فلسطين. أرسلت مصر نحو 10 آلاف مقاتل، والأردن ما يقرب من 4.500 جندي، والعراق شاركت في الحرب يوم 29 إبريل بنحو 2.500 عسكري، وسوريا أرسلت 1.876 بين الجنود والضباط، ولبنان ما يقرب من 900 مقاتل، والسعودية أرسلت 3 دفع مجملها 760 فرد عسكري برتب مختلفة. ونظرا لافتقاد الجيوش العربية للتنظيم والتدريب الجيد، فكان الانتصار حليف الجماعات الصهيونية الغاصبة، كونها الأكثر تسليحا وتنظيما في ذلك الوقت.