توصل ألفريد نوبل لاختراع الديناميت لغرض نبيل، وهو تسهيل حفر المناجم، فإذ به يبيد عقولا وأجسادا فاقت الحصر وقتها، وعلى سبيل الاعتذار فكر نوبل فى تخصيص جائزة باسمه تمنح سنويا لأفضل شخصية قدمت جهودا فى مجال السلم، ثم الفكر والأدب والعلم. وكما تدور الأرض دارت الجائزة من تشجيع السلام إلى عباءة السياسة، لتفجر قضية الشرق الأوسط والعرب والمسلمين والإنسانية كلها إلى قيام الساعة، وهى القضية الفلسطينية، هذه الرؤيا تؤكد الوجه السياسى لجائزة نوبل.. فما هى ملامح هذا الوجه؟ فى ذكرى تولى ونستون تشرشل منصب رئيس وزراء بريطانيا بطل الحرب والانتصار على النازية، وبطل الصهيونية الذى أصدر الكتاب الأبيض الذي يؤكد فيه حق الصهاينة فى فلسطين. وبدأت علاقة تشرشل بالصهاينة عندما زار خلال رئاسته وزارة المستعمرات في العام 1921 مصر وفلسطين، واطلع خلال زيارته على المشكلة التي يعاني منها الفلسطينيون نتيجة خطورة وعد بلفور على مستقبلهم، واستمع تشرشل إلى المشكلة من الوفد العربي برئاسة موسى كاظم الحسيني الذي طالب بإلغائه، وبعد عودته إلى لندن بشهر اندلعت مواجهات بين الفلسطينيين واليهود، وفي صيف العام نفسه توجه وفد عربي إلى لندن لمقابلة تشرشل، لكن تشرشل استخف بهم ولم يعر طلبهم أي اهتمام. أصدر بعدها تشرشل الكتاب الأبيض ووافق عليه البرلمان البريطاني عام 1922، وقد تضمن الكتاب الأبيض شرحا من وزارة المستعمرات لطبيعة السياسة البريطانية في فلسطين وتفسيرها لوعد بلفور، وجاء فيه أن الغرض ليس تحويل جميع فلسطين إلى وطن يهودي، بل إقامة هذا الوطن في جزء منها، على ألا يؤدي ذلك إلى إخضاع السكان العرب أو اختفاء اللغة أو الثقافة العربية، كما نفى في الكتاب حجة العرب بتعهدات بريطانيا إلى الشريف حسين بن علي وأصر على استثناء فلسطين من التعهدات، وأكد الكتاب تمسك بريطانيا بوعد بلفور وبأن وجود الشعب اليهودي في فلسطين يقوم على حق. وقد حصل تشرشل على نوبل فى الأدب عام 1953، ويقول الشاعر عبد الرحمن الأبنودى: وهل كان بيجن يستحق جائزة نوبل عن السلام؟ إن بها شق كبير سياسى، فنادرا ما يأخذها أديب عظيم مثل نجيب محفوظ. وأضاف المترجم والسياسى خليل كلفت أن تشرشل كان بطل الحرب والانتصار على النازية، وإن جائزة نوبل ليست بريئة من السياسة ونحن نعلم الاتفاقات التى حدثت بين تشرشل والصهاينة، وهنا تشابكت السياسة والأدب فى حصوله على الجائزة، ومع أن تشرشل له كتابات فى السياسة بأسلوب انجليزي رفيع، ولكنه لم يكن روائيًّا حتى يستحق نوبل فى الأدب.