هي السياسة،تحالفات وانتقامات وهيمنة وسيطرة وتدمير، وصراعات قوى تدخر المال والنفوذ والسلاح لقيادة العالم تحت مسميات مختلفة،البعض يرجحها رسالة الديمقراطية والآخر يبلورها أيدلوجيا وآخرون يسيرونها دينيا تحت شعار خلاص البشرية بتفويض إلهي تحت عناوين مختلفة منها شعب الله المختار ومنها الجهاد ومنها رسالة يسوع. هي السياسة التي لا تتوانى عن دحر الأخلاق في قاموس الفضيلة،أن تكون سياسيا معناه أن تكون منافقا كاذبا متملقا وصاحب دسائس بقائك،منهم من يحمل رسائل الانسان وحقوقه كما الولاياتالمتحدةالأمريكية التي غزت العالم العربي وهيمنت على مصادره ومقدراته وثرواته،وحولت شعوبه الى دمى تتحرك بأيدي قياداته الفاسدة صاحبة التبعية بامتياز . سؤال يأخذ حيزه في تاريخ صراع القوى عندما كانت الشيوعية في أوجها خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية وبالتحديد فترة الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتي سابقا،وبقى الصراع بين قوتين تحكمان العالم الى أن فاز الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية بإسقاط القوة المضادة والانفراد في حكم العالم بقوة أحادية،ولكن لا تصلح الهيمنة دون خلق عدو ولو كان مفتعلا،وهنا لم تجد السياسة الأمريكية منفذا سوى الإسلام موطن المصالح في الشرق الأوسط،وعليه خلقت القاعدة وشاكلاتها وشخوصها، كحركات تطمح بإعادة الخلافة الإسلامية والعمل بأحكامها وشريعتها ،والمتوقع أن يؤيدها الشارع العربي الذي يميل للعاطفة في خياراته بعيدا عن المنطق والتحليل،وهذا بفضل الحكومات الدكتاتورية التي حكمت العالم العربي بعد الاستعمار ،بدورها امتهنت سياسة التجهيل والافقار،وعليه لا عجب ان ترى تأييدا مطلقا من قبل الشعوب العربية الباحثة عن الأمل في شعارات ومصالح الساسة خلفاء الله في الأرض ،وبذلك يحمل الدين استحقاتهم في الهمينة كأفيون للشعوب العربية وان أردتم هيروينها وكوكايينها أيضا. مثال على ذلك........في مرحلة معينة لا تهم المرجعيات سنية كانت أم شيعية،فحسن نصر الله وحزب الله في معركته ضد اسرائيل بطلا قومياً، أما في تأيده للأسد فهو في مفهومهم شيعي كافر لا يؤتمن،هذه هي العقلية العربية التي لا تستند على اي منطق في تحليل الاحداث والتغيرات،سذاجة عاطفية مبنية على ردات الافعال وتوجيهات الساسة. وأيضا القاعدة في 11 سبتمبر باسم الله، وبقوة خارقة قضت مضاجع الولاياتالمتحدة الدولة العظمى التي تقود العالم،حركة بدائية تستوطن جبال أفغانستان واليمن والسودان أكثر الدول العربية فقرا،يعيش مجاهدونها الصوفية والزهد في سبيل الجهاد وإعلان راية الإسلام، بقدرة قادر تخترق السيادة الامريكية في مبان تعد منارة امريكا "مبنى التجارة العالمي"،ولكن وبلحظة معينة وبعد سنوات طويلة من استثمار ال سي اي ايه لهذا العدو و بعد انتهاء صلاحياته، تظهر حنكة المخابرات الأمريكية وجنودها وببساطة مذهلة في العثور على بن لادن وقتله،انجاز يحسب لل سي اي ايه صانعته. أي سذاجة هذه التي يعاملنا بها الغرب ،لقد أنشئت القاعدة في نفس الفترة التي ظهرت بوادر انهيار الاتحاد السوفيتي،وعليه سقطت الحرب الباردة وسقط العدو المفترض،مصالح الغرب في الشرق الأوسط تفرض خيارات أخرى للسيطرة على المنطقة العربية وتعزيز مصالح اسرائيل في المنطقة ،وهو يعد الهدف الرئيس من وجودها، تحقيق أهداف الغرب في الهيمنة على الشرق الاوسط والحد من ظهور قوى تفرض نفسها كتركيا او ايران،ان وجود اسرائيل في المنطقة العربية بنظري هو مصلحة غربية بحتة،وعليه فان انهاءها مقرون بمدى الحاجة اليها،فلن يكون عبئا على الولاياتالمتحدةالأمريكية أو أوروبا أو روسيا استيعاب عشرة ملايين يهودي موزعين كأقليات دينية تعتنق اليهودية ولا مانع للدول العربية من استيعاب اليهود الشرقيين من اصولها،فكل له جنسيته وتوزيعهم على العالم لن يضيف الا ارقاما متناثرة فهم ليسوا بالكثر وليسوا لاجئين فكل منهم يحمل جنسية اخرى غير الاسرائيلية،ولكن البعد الأعمق هو الحاجة لاسرائيل لتحقيق مصالح غربية في المنطقة العربية. ما الذي أريد الوصول اليه؟..ان خلق القاعدة هو جزء من إيجاد عدو بديل عن الشيوعية لتغيير أجندة المنطقة العربية وإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد الذي تحدثت عنه كونداليزا رايس في بداية القرن العشرين،وكان مشروع السلطة الوطنية الفلسطينية والحكم الذاتي ضمن شروط أوسلو أول الخيارات لاعادة هدم الحركات الثورية في العالم العربي خصوصا ما يتعلق في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيلي، وهو الاتجاه الوحيد الذي كان يوحد العالم العربي حكومات وشعوب،ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وفي مرحلة معينية كان خطا أحمر لم يستطع الغرب اختراقه،خصوصا فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى مؤتمر مدريد،كانت فلسطين حلما للشعوب االعربية ووطنا ل 350 مليون عربي ،بدأت الحكاية باوسلو وانتهت عند أوسلو. المرحلة الثانية الفوضى الخلاقة......سمه ربيعا عربيا سمه خريفا سمه ضياع سمه ما شئت ولكن.. نعم كانت حكاية بوعزيزي الفعل الحقيقي العفوي لطموح الشباب العربي الذي ضاق ذرعا بالدكتاتورية والاستبداد والتبعية والفقر والعديد العديد،كان هو الخط الحقيقي لحلم هذه الشعوب نحو التغيير نحو البناء،ولكن اي حلم هذا الذي وللوهلة الاولى كان الصدمة المبررة لامريكا واسرائيل والعالم بأجمعه،ولكن وبدون الحاجة لوقت طويل،تقرر الولاياتالمتحدة ودون الانتظار الى اخراج سيناريوهات مخابراتها الجاهزة للفوضى الخلاقة في العالم العربي،وهنا والشيئ الوحيد المتوقع ان تهيمن الحركات الاسلامية على صناديق الاقتراع،لان مراكز الأبحاث الأمريكية المختصة بالعالم العربي استطاعت وبعد دراساتها المتعمقة والمتواصلة حول التحولات في العالم العربي توقعت اكتساح الاسلاميين لصناديق الاقتراع لعدة أسباب منها: العالم العربي بثقافته يطمح بعودة الإسلام والخلافة وهذا عليه اجماع من قبل المواطن البسيط بغض النظر عن نوع ومرجعية هذه الحركات الاسلامية،ليس مهما إخوان أو سلفيين أو وهابيين أو غيرهم،ومنبع ذلك يعود الى قناعة هؤلاء ان الحركات العلمانية في العالم العربي كافرة وعميلة للغرب ولاسرائيل.... الأمر الآخر مصدره عدم وجود خيارات أخرى خصوصا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار الشيوعية وضعف اليسار العربي. الشيئ الآخر قناعة الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية بأن هذه الحركات أكثر تبعية لها خصوصا بعد تجربة حماس في فلسطين،وهذا منبعه رغبة وتعطش هذه الحركات بالبقاء في السلطة و العمالة المطلقة لتنفيذ المصالح الأمريكية والاسرائيلية في المنطقة، بل على العكس تقوية اسرائيل عسكريا بحجة خطر هذه الحركات التي بأيدولوجيتها ستلقي باسرائيل في البحر ،وانهاء الخطر الايراني في المنطقة وفقاً لرؤيتهم. إن زيارة أوباما الأخيرة لإسرائيل وأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية واعطاء اشارات للرئيس الفلسطيني محمود عباس بالصمت و القبول بما يملى عليه والسكوت على تحديه للولايات المتحدة واسرائيل في التوجه للامم المتحدة او الانقلاب عليه مقابل نفوذ لحماس في الضفة يعني الفصل المباشرة لتحالفات المنطقة ما بين سني وشيعي،هذا يحتم اعتذارا من قبل نتنياهو لاردوغان لاعادة المناورات العسكرية بين البلدين لتتشكل المنطقة على اساس سني (تركيا، السعودية، قطر) في بوتقة واحدة.. وايران وحزب الله وسوريا بقيادة بشار الأسد اي العلويين والشيعة في بوتقة ثانية. ماذا يعني هذا..الضرورة القسوى بعد الفوضى الخلاقة في العالم العربي والتي افرزت تبعية الأنطمة الدينية الجديدة بقيادة الإخوان،إنهاء نظام الأسد وبالتالي إضعاف إيران والمقاومة الإسلامية في لبنان....حيث الثانية ليست بالصعبة ،فساسة لبنان بكل طوائفهم منتفعين من الدول التي يتحالفون معها ورأس مالهم حرب طائفية من السهل إشعالها. على الجانب الآخر سياسة قطر التي تطمح في إعادة ترتيب المنطقة ضمن مصالحها بأموالها، فجذب حماس الى بوتقة توجت بزيارة حاكمها الى غزة وحكاية ال 400 مليون دولار، وقصة مشعل وخلافه مع نظام الأسد وكل ما تعلق بها ،ما هي إلا خطط سياسية لإعادة ترتيب أوراق المنطقة بقيادة أمريكية ولكن بذراع إسلامي متحالف مع قطر،ولن يتحقق هذا إلا بالقضاء على الأسد وتفكيك سوريا وإنهاء نظامها المتحالف مع الشيعة.