من أشهر مقولات نابليون بونابرت عن الحروب والانتصارات والهزائم أن "النصر دائماً له ألف أب أما الهزيمة فيتيمة". بمعنى أنه عندما يحقق جيش ما أو شعب نصراً عسكرياً أو سياسياً يحاول كل القادة نسبة هذا النصر اليهم بشكل أو بآخر، وكل يزعم أنه لولاه لما تحقق هذا النصر، لكن عند الهزيمة الجميع ينفض يده منها ويحاول تحميل أطراف أخرى السبب المباشر فيها وهكذا فان الهزيمة دائما يتيمة وقلما تجد زعيما عسكرياً أو سياسياً يعترف بخطئه فى المعارك السياسية أو العسكرية التى فشل فيها، بل يحمل دائماً الآخرين وأحياناً يحاكم أو يعدم أو يسجن الآخرين فيما بات معروفاً لنا بكبش الفداء فى مفردات لغتنا العربية وتاريخنا العربى الحافل بالهزائم والنكسات، وربما كان الزعيم الخالد جمال عبد الناصر من الزعماء القلائل اللذين وقفوا أمام شعوبهم ليعلنها بكل صراحة عن تحمله مسئولية هزيمة 1967. عندنا فى الصعيد وفى انتخابات مجلس الشعب كان الكل يتهافت على المرشح الناجح ويقسم له بأغلظ الإيمان أنه انتخبه وأنه كان من مريديه ومحبيه ويحاول تعظيم دوره فى انجاح المرشح بفضل علاقاته وتربيطاته وإخلاصه، والمرشح الناجح يستمع وهو يعلم تماماً كذب محدثه أو محدثيه لكن ما باليد حيلة والضرورات غالبا تبيح المحظورات. لكن الغريب يا سادة ولأول مرة أرى أن معظم من انتخب الرئيس محمد مرسى يحاول بشكل أو آخر التنصل من هذا الفعل وكأنه ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون!. أعرف كثيرين من أبناء محافظتى انتخبوا الرئيس محمد مرسى لانهم انخدعوا فى شعارات الجماعة أو لأنهم من عاصرى الليمون أو لأسباب أخرى يتنصلون الآن من هذا الفعل وكأنه فعل فاضح فى الطريق العام. فالرجل لم يترك لمؤيديه أو لعاصرى الليمون أى مساحة يتحركون فيها للدفاع عنه خاصة وأن التخبط والتراجع فى أداء مؤسسة الرئاسة أصبح لا يختلف عليه اثنان. دعك من أهل وعشيرة الرئيس اللذين يدافعون بالباطل والحق عن أداء رئيس جعل من الدور المصرى فى المنطقة أشبه ببرنامج "ساعة لقلبك" بطولة أبو لمعة والخواجة بيجو وهو برنامج كان يضحك المصريين أيام الستينات. هل تعلم يا دكتور مرسى أنك جعلت الناس هنا يكرهون كلمة ثورة ويحنون إلى عهد مبارك الذي ثاروا ضده ليقعوا فى حكم جماعة فاشية لا ترحم ينتمى اليها رئيس هو بمثابة السكرتير التنفيذى لها؟. هل تدرك مصيبة ان يحن الناس لعهد مبارك الذي يقولون أنه كان على الأقل يوفر الأمن والحاجات الأساسية، عندما يكون لسان حال المصريين هو ما قاله الشاعر: دعوت على عمرو ومات فسرنى وعاشرت أقواماً بكيت على عمرو فهذا معناه أننا نعيش الهزيمة بكل معانى اليتم والقهر والحسرة فى مفرداتها!.