لا شك أن توفيق عكاشة، صاحب فضائية عفواً دكانة(الفراعين) يمثل ظاهرة عجيبة وغريبة ابتلينا بها فى الإعلام المصرى والعربى عموماً, ليس لأنه يثير الضحك والبكاء والاستياء والغثيان فى آنٍ واحد وكأنه يصلح بين زوجين على مصطبة شيخ البلد, بل لأنه يمثل الكذب فى أزهى صوره والنفاق فى أوضح معانيه. صحيح أن الإعلام لم يكن بعيداً عن لعبة الخداع والتدليس على الرأى العام, لكنه يحاول (أى الإعلام ) دائماً أن يتلبس برداء المهنية والحياد ظاهرياً فقط, لكن ظاهرة توفيق عكاشة أشد فجاجة لأنه ببساطة من مخلفات عصر مبارك وسيّده صفوت الشريف الذى ضبط منحنياً ليقبل يديه فى (يوتيوب شهير على شبكة الإنترنت). لتوفيق عكاشة طريقة فريدة يطل بها على جمهوره وهى طريقة (المونولوج) أى حوار من جانب واحد لا يحتاج إلى محلل سياسى أو مفكر وخبير استراتيجى, ولم لا وهو جهبذ عصره وفلتة زمانه فهو زعيم الأساتذة والمفكرين الذى يعرف كل شىء ويفتى فى كل شىء فأصبح يهرف بما لا يعرف. عكاشة علمانى الفكر والموقف ويرفض تدخل الدين فى السياسة بأى حال من الأحوال، كباقى المنتسبين للعلمانية والليبرالية, تراه يسب ويلعن السلفية والسلفيين ومعهم الإخوان المسلمين بطبيعة الحال تارةً, ثم ينقلب على آرائه ويعلن حالفاً بأغلظ الأيمان أنه على استعداد أن يدافع عن السلفيين والشيخ محمد حسان حتى الموت تارة أخرى, ناهيك عن تناقضاته وترديده للأكاذيب ثم التراجع عنها والقائمة تطول ليس مجال ذكرها الآن. ما أعنيه هنا هو استشهاد عكاشة فى (دكانة الفراعين) على مدى حلقتين متتاليتين الأسبوع الماضى بادعاءات شيخ سلفى يعمل أستاذاً للحديث فى جامعة الأزهر يدعى (محمد سعيد رسلان) ضد جماعة الإخوان المسلمين حال فوز مرشحهم للرئاسة د محمد مرسى، أنهم سوف يحتكمون أو سيحكمون مصر بالوصايا العشرين للشيخ حسن البنا، رحمه الله، لا بالشريعة الإسلامية مهاجماً وساخراً من البنا وجماعته,غافلاً ومتغافلاً كيف سيحكمنا الفريق أحمد شفيق ولى أمر الفلول؟! وهل سيحكمنا بشريعة الصوفية، التى ينتمى إليها والده رحمه الله، ويهاجمها الشيخ رسلان دائماً فى دروسه؟! أم سيحكمنا بالشريعة الغربية الفرنسية التى حكمنا بها من سبقه؟! الشيخ محمد سعيد رسلان يتزعم فرقة تنتسب زوراً إلى المنهج السلفى تقول بأن الأصل فى الأشياء التحريم وليس الإباحة عكس القاعدة الفقهية الشهيرة, وتكفير وسب كل من ينتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين، أصل كل بلاء فى العالم الإسلامى، واصفاً إياها بالنص بالفرقة المبتدعة, والرافضة والخوارج, وسفّه فكر الإمام المرحوم حسن البنا، والشيخ المرحوم سيد قطب، فى سخرية فجة لم يسلم منها سوى أعداء الدين وفلول مبارك – الشيخ رسلان وفرقته لا يعترف بالثورة، ويعتقد بحرمة الخروج على الحاكم مهما كان السبب, وبحرمة الانتخابات والديمقراطية ومجلس الشعب التى لا تقيم شرع الله، الذى كان يطبقه ويقيمه سيّده ومولاه مبارك وتلميذه شفيق حتى وصل به الأمر إلى تحريم (رباط العنق أوالكرافت) بدعوى أنها تشبّه بالكفار من الفرنجة – حتى وصل به الأمر إلى سب والسخرية من أكابر فضلاء شيوخ الدعوة السلفية أمثال (الشيخ الدكتور محمد عبد المقصود ونعت الشيخ محمد حسان ب(أبو الليف)، وكذلك الشيخ المحدث أبو إسحاق الحوينى والإعلامى السلفى، دمث الخلق، الدكتور وسام عبد الوارث- فمنهج الرجل وفرقته ببساطة قائم على السخرية والتحريم بمباركة جهاز أمن الدولة لضرب خصمها اللدود (الإخوان المسلمين). يبدو أن الشيخ توفيق عكاشة وجد ضالته فى الشيخ رسلان ليضرب التيار الإسلامى الصامد فى وجه الفلول والهدف واضح لكل ذى عينين هو الانقضاض على الثورة بالاستعانة بتيار إسلامى آخر مناهضاً وكارهاً للإخوان المسلمين لإعطاء نوع من المصداقية (هكذا يتصور) على طريقة لا يفل الحديد إلا الحديد ذلك أنه لا يجيد سوى الردح والشرشحة. أعتقد أنه لا فرق بين التيار العلمانى، وهذا التيار التكفيرى فى فصل الدين عن الدولة، فالأول يتكلم فى الفضائيات والمؤتمرات والثانى يتكلم فى المساجد فقط، ويترك السياسة لمن يفهمونها – يبدو أن الحزب الوطنى المنحل له جناحان, الأول حليق اللحية والآخر بلحية وجلباب.