اعتبره الكثير من الخبراء والساسة ركيزة قوية في مساندة القضايا العربية والفلسطينية ، لم يتأرجح موقفه تجاه تلك القضايا منذ بزوغ نجمه في عالم السياسة، فلم يتراجع عن مواقفه بل كان أول من ارتدى الكوفية الفلسطينية بمظاهرة تندد بالعدوان الغاشم على قطاع غزة آواخر ديسمبر عام 2008 وحتي يناير من عام 2009 .. عن رئيس فنزويلا "هوجو تشافيز" نتحدث. رحل عنا بالأمس الرجل "اللاتيني" الذي اعتبر القضية الفلسطينية منذ اعتلائه للسلطة محوراً رئيسيا في حياته السياسية ، فضلاً عن إيمانه وتقديره للمقاومة كسبيل لتحرير الأراضي المحتلة . لم يتردد الزعيم الفنزويلي في اتخاذ قرار لم يستطع الكثير من قادة الدول العربية اتخاذه ، في وقت حرص فيه المخلوع حسني مبارك وحكام العرب من وراءه على العلاقات الخفية - العلنية ، حفاظاً على ملكٍ لم يدم وعلى عروش لا تساوي صرخة طفل لبناني أو فلسطيني دُهِس أو أستشهد أبويه فكبر يتيماً وحيداً ثم قيل عنه "مُنّبتاً". تشافيز طرد السفير الصهيوني من بلاده واستدعى سفيره بتل أبيب مع اندلاع عدوان جيش الاحتلال على قطاع غزة فبقي هو وزالت ممالك ومناصب سيزول تباعاً ما بقي منها ، ولم يخنع لأي ضغط صهيو-أمريكي مثل باقي الرؤساء. وقتها أعلنت حكومة تشافيز أن سفير الكيان الصهيوني "شخص غير مرغوب في وجوده"بالأراضي الفنزويلية ، كاشفاً عن خفض مستوى التمثيل مع تل أبيب إلى حده الأدنى ، ومصرحاً بأنه"لا فائدة من التعامل مع إسرائيل". بل وذهب تشافيز إلى أبعد من ذلك حين قال "لو كان لهذا العالم ضمير حي لجر الرئيس الإسرائيلي إلى محكمة دولية ومعه الرئيس الأميركي، يقولون إن الرئيس الإسرائيلي شخص نبيل يدافع عن شعبه! فأي عالم عبثي هذا الذي نعيش فيه؟ ". لم يأت لقب الزعيم الناصري من فراغ ، لكنه جاء تيمناً بمواقفه التاريخية وسياسته المناهضة للاحتكارات الرأسمالية والأمبريالية العالمية ، فضلاً عن منهجيته في تأسيس مجتمع الكفاية والعدل على درب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. لقد كان حقا الصوت العربي في أمريكا اللاتينية بعد تحويل نفسه "محطة إعلان" للقضايا الفلسطينية والعربية في وقتٍ تخلى فيه قيادات العرب عن قضاياهم وتناحروا فيما بينهم حول الركائز الأساسية في قضايا الشرق الأوسط ، ليظهروا بصورة اللامسؤول إزاء تلك القضايا. وفاة تشافيز ليست كارثة حلت بفنزويلا أو أمريكا اللاتينية فقط ، بل إنها ضائقةُ ألمت بالعروبة كلها ، فقد سجله التاريخ عربياً أكثر من العرب أنفسهم ، لقد افتقدنا نحن العرب ذلك الصوت الصارخ في وجه الهيمنة الأمريكية ومنبراً للقضايا العربية. Comment *