أظهرت وثائق إسرائيلية سرية تم كشفها، أمس الخميس أن خلافات نشأت بين جهازي الاستخبارات الإسرائيليين، "الموساد " وشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، في أعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا وادعى الجهازان، أنهما لم يتوقعا المذبحة بعد أن سمحت إسرائيل لقوات الكتائب اللبنانية، بدخول مخيمي اللاجئين الفلسطينيين في بيروت. وسمحت الرقابة، لأرشيف الدولة الإسرائيلي أمس، بنشر أجزاء أخرى من محاضر جلسات الحكومة الإسرائيلية خلال فبراير عام 1983، التي ناقشت تقرير لجنة التحقيق الرسمية التي حققت في مجزرة صبرا وشاتيلا، وتعرف باسم "لجنة كاهان"، وأدى التقرير إلى إقالة وزير الدفاع في حينه أرييل شارون ورئيس "أمان" يهوشع ساغي. ويتبين من محضر جلسة الحكومة الإسرائيلية التي عقدت في 10 فبراير، ونشرته وسائل إعلام إسرائيلية، تعبير ساغي عن الإحباط الذي أصاب ضباط الجيش الإسرائيلي وخاصة في "أمان" جراء دفع هذه الشعبة الثمن وليس الموساد في أعقاب المجزرة بحق اللاجئين الفلسطينيين في المخيمين، التي وقعت ما بين 16 و18 سبتمبر من العام 1982، والتي سقط فيها نحو ألفي شخص من الفلسطينيين واللبنانيين. وتساءل ساغي خلال اجتماع الحكومة "كيف اتُهمنا أمام اللجنة، رغم أنه تبين أن تحذيراتنا وتقديراتنا بخصوص الكتائب كانت صحيحة، بينما الموساد، الذي أجرى الاتصال معهم (أي مع الكتائب)، والذي أقام جهاز أبحاث وتقويم موازٍ لأمان، لم يتضرر أبدا؟" وقال إنه يتحفظ على هذا الموقف للجنة، وأضاف ساغي أن ضباط "أمان" شعروا ب"ظلم فظيع" بسبب موقف "لجنة كاهان" وأنهم أبلغوه بأنهم "لا يريدون الخدمة في سلاح مهزوم"." ويظهر من محضر اجتماع الحكومة حجم التنسيق بين إسرائيل والكتائب اللبنانية، خلال اجتياح لبنان، وذلك من خلال أقوال شارون في هذا الاجتماع، بأن رئيس الموساد في حينه، ناحوم أدموني، لا يتحمل مسئولية شخصية عن المجزرة بادعاء أنه بدأ مزاولة مهام منصبه قبل فترة قصيرة من وقوعها. رغم ذلك، قال شارون "لا نختبر هنا الأشخاص فقط، وإنما نختبر الأجهزة، وهل يعتقد أحد أنه بمعالجتنا للأمور في لبنان، أو أنه خلال زيارة رئيس أركان الجيش (رفائيل إيتان) لمقر الكتائب في 15 من الشهر (سبتمبر 1982) وفي الساعة 3:30 فجرا، لم يكن شخص حاضرا من المستويات العليا الجدد للموساد. وأضاف شارون أنه "لو تضرر أحد ما من الموساد، فإنه مثلما حدث لأمان، سيعبر جهاز كامل آخر هزة، وأنا أعرف ذلك الشخص من الموساد وأعمل معه باتصال وثيق منذ وقت طويل. وتساءل شارون "ألم يكن هذا الرجل معي في مقر الكتائب، في 15 من الشهر (سبتمبر 1982) صباحا وعندما تحدثنا بهذا الموضوع (دخول الكتائب إلى صبرا وشاتيلا) أمرته بتنسيق الأمر مع قائد الجبهة الشمالية (للجيش الإسرائيلي)، وكان برفقتي في بِكفيا، عندما أبلغت بيار الجميّل وأمين الجميّل ما ننوي القيام به؟ ألم يترجم هو (مندوب الموساد) أقوالي، مثلما ترجم أقوال رئيس أركان الجيش في 15 من الشهر؟. وقال شارون أن "الموساد كان ضالعا في هذا الموضوع (دخول الكتائب للمخيمين) بشكل كامل، ولا توجد لدي ادعاءات ضد الموساد، فهو أيضا لم يقدر الحدث (أي وقوع المجزرة)، ولا أحد منّا قدّر أن هذا ما سيحدث، وجميع خبراء أمان والموساد، إضافة إلى قادة الحكم وقيادة الجيش الإسرائيلي، شهدوا بعد القسم بأن أحدا منهم لم يتوقع هذا الخطر. وقد أرغمت الحكومة الإسرائيلية رئيس "أمان" على الاستقالة بعدما قررت "لجنة كاهان" أنه "كان غير مبال جدا... ولم يظهر اهتماما في المواضيع التي كان يتعين عليه خلال فترة ولايته أن يهتم بها، والصورة التي تظهر من شهادة اللواء ساغي نفسه هي صورة انعدام مبالاة وانعدام اهتمام بارز وغض الطرف وسد الأذنين. ورغم أن رئيس الموساد أدموني بقي في منصبه لسبع سنوات أخرى لكن اللجنة قالت في تقريرها إنه "لم يزود الحكومة بتحذير واضح حيال الخطر الكامن بدخول الكتائب إلى المخيمات، وهو الدخول الذي لم يُبد رئيس الموساد حياله أية ملاحظة خلال تقييمه للوضع أمام الحكومة. وأضافت "لجنة كاهان" أن أدموني "لم يعبر عن أي تحفظ من دخول الكتائب للمخيمات... وبسبب العلاقة بين الموساد والكتائب حصرا، كان من واجب رئيس الموساد أن يتطرق إلى احتمال حدوث أعمال انتقامية ومن خلال تحليل العوامل المتعلقة بهذه العملية. Comment *