الشهيد جمال أبو سمهدانة أسس حركة لجان المقاومة الشعبيةعام 2000 مع تفجر انتفاضة الأقضي لتسهم في تخريج جيل من المقاومين الفلسطينيين.. كان من أبرز المطلوبين لسلطات الاحتلال. وكبدهم خسائر طائلة مادية ومعنوية وعسكرية. ولعب أبو سمهدانة دورًا ملحوظًا في شتات المقاومين الفلسطينيين, وضمت حركته أعضاءً سابقين من الفصائل الفلسطينية الرئيسية خصوصا فتح بالإضافة لأعضاء جدد أفرزتهم الانتفاضة، اغتيل أبو سمهدانة في غارة إسرائيلية الخميس2006/6/8 خارج بلدة خان يونس جنوبغزة.. وأقامت إسرائيل احتفالية كبري بعد استشهاده. وينحدر أبو سمهدانة الشهير باسم أبو عطايا من أسرة مناضلة ومقاومة، والده الحاج عطايا من أعيان مدينة رفح بقطاع غزة البارزين، وشقيقه صقر من بين الشهداء، وأخوه سامي من أبرز قيادات فتح خلال الانتفاضة الأولي عام1987 واعتقل جيش الاحتلال والده وأخاه عام 1969 حيث قضي والده في المعتقل خمس سنوات، وولد أبو سمهدانة عام1963 في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة حيث قضي طفولته وفي رفح أنهي الثانوية العامة والتحق بقسم الجغرافيا في كلية الآداب في الجامعة الإسلامية بغزة، لكنه لم يكمل تعليمه، واضطر إلي الفرار من القطاع للخارج عبر مصر بعد مطاردة القوات الإسرائيلية له في مطلع الثمانينيات. حيث كان يقود مجموعات عسكرية. وبمناسبة الثاني من فبراير ذكري الثورة الفلسطينية التقي "البديل" والدة الشهيد جمال أبو سمهدانة أشهر أمهات قادة المقاومة ومنبع ايمانهن و صبرهن وكان لنا معها هذا الحوار. صفاء غريب سمعنا عنه كثيرا في الحكم والكتب التراثية أول مايلفتك لأول وهلة تطل عينيك علي هذا الوجه الهادئ.. طوال الطريق قبل لقائي بأم الشهيد كنت اتوقع اما بائسة حزينة علي فراق أصغر أبنائها علي يد اليهود. ايمان ونور يشع ممن تري مقام أبنهائها في جنات جنات الخلد لا يفارقه الابتسام هكذا استقبلتنا.. انها أم الشهيدين التي لقبت بخنساء المقاومة الحاجة المصرية عواطف عبد العزيز أبو سمهدانة، من حملت وربت في كنفها أبناءها أبطال فلسطين المجاهدين وما انهزمت تلك الصابرة ولا ضعفت وسط حياة المطاردة لولديها جمال وصقر وهما في عمر الزهور والطفولة كان قد ترعرعا في بيت كله قيم وأخلاق ومقاومة وساهمت بنفسها في تربية هذا النشء المبارك علي حب الإسلام والوطن إلي جانب زوجها المقاوم الحاج عطايا فخرج من عرينها اثنان من المقاتلين في سبيل الله والدفاع عن فلسطين. أم صقر والدة الشهيد الأمين العام للجان المقاومة الشعبية الشيخ جمال عطايا أبو سمهدانة الذي اغتالته طائرات العدو الصهيوني قبل6 سنوات وكذلك والدة الشهيد صقر عطايا أبو سمهدانة الأبن البكر لها الذي استشهد في جنوب لبنان أثناء الوجود الفلسطيني في الثمانينيات من القرن الماضي. عائلة الشهيد الشيخ أبو عطايا في دائرتها الخاصة هي عائلة شهداء ومقاومين استشهد أخوه طارق في انتفاضة الحجارة وتنقل أخوته ووالده في السجون الصهيونية بتهمة مقاومة الكيان الصهيوني. تقول والدة الشهيد الشيخ أبو عطايا في حديثها التي أحبت أن يكون عن أبنائها جمال أبو سمهدانة القائد المجاهد الذي لقبه الفلسطينيون بأسد بيت المقدس الذي زلزلت عملياته أركان العدو الصهيوني, والذي اعتبرته إسرائيل الرقم الثاني علي قائمة المطلوبين في قطاع غزة بعد القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف كان ابني جمال ثوري منذ الصغر ويرفض الاحتلال الصهيوني بكل أشكاله وكذلك كان حال أخيه الأكبر الشهيد صقر أبو سمهدانة. أخذوا الشجاعة وحب النضال والمقاومة عن والدهم عطايا أبو سمهدانة كان في الشرطة مع الإنجليز وعمل 13 عامًا معهم ولم يأخذ أي ترقية لأنه كان يساعد الفلسطينيين عندما يعلم بأن هناك هجوما علي منزل أحد الأهالي كان يسبق الدورية ويبلغ أهل الدار ويبعثر الأشياء بالدار ويخبر الدورية أنه قام بالتفتيش ولم يجد شيئا ودول ناس غلابة حتي لايدخلوا ويرهبوا النساء والأولاد. وتصمت الأم الصابرة ويرتفع صوتها وهي تقول: كان هناك مشنقة في كل بلدة أقامها جيوش الاحتلال لإرهاب الأهالي ومن كان يفتش بيته ويجدون لديه سلاحا كان يعدم فورا، وكان رجلا سياسيا خدم الشعب منذ بداية الاحتلال. وكان حسني الصاوي الحاكم عقب حرب 48 تابعا للإخوان المسلمين وكان يحب الشيخ عطايا أبو سمهدانة ويتعجب من حب الشعب له ويسانده في سبيل تحقيق الحرية للفلسطينيين وعام67 يوم الاثنين دخل اليهود وكانت حرب الأيام الستة كما أطلق عليها اليهود وفي ذلك الوقت كان الشيخ عطايا ينتظر حمولة سلاح آتية من دير البلح لمعسكرات الوسطي والمغازي إلا ان جيوش الاحتلال هجمت علي المنزل وفتشته ووجدوا سلاحًا ألماني الصنع وتم القبض عليه واعتقل وحكم عليه 5 سنوات يتوقف كلامها قليلا تسترد أنفاسها العطرة ثم تقول: هاجم صقر في مرة من المرات تجمع للادارة المدنية الصهيونية قرب سوق السبت بمدينة رفح بالقنابل اليدوية، كنت يومها في سوق رفح, وسمعت الناس يتحدثون أن صقر هو من ألقي علي اليهود القنابل فقلت أنتم لاتعرفون صقر، هو طفل صغير ولا يستطيع ذلك, وخرجت من السوق، والكل يذكره وعمله البطولي وكنت خائفة عليه وعندما عدت إلي المنزل اخذت بالدعاء له ان يحميه الله من كل سوء وجاء اليهود يبحثون عنه وكان بالصف الاول الثانوي, وتم القبض عليه وأدخلوه السجن الحربي للضغط الشديد عليه وتعذيبه إلا أنه تحمل ولم يعترف على أصدقائه. وعادت تبتسم وهي تقول: حضرنا في المحكمة ودخل صقر بمشيته العسكرية إلي قاعة المحكمة وقال بصوت عال: السلام عليكم فقلت له وعليكم السلام ولم يرد من بالقاعة خوفا من القاضي الصهيوني فقال لهم جمال: لماذا لا تردوا السلام هو احنا سارقين دجاجة لا تخافوا منهم وردوا السلام بصوت عال احنا محبوسين علشان فدائيين، وتم الافراج عنه بكفالة مالية بعدما أعجب القاضي بشجاعته, وخرج بعد35 يوما واستقبله الاهالي استقبالا رائعا لشجاعته وصبره. وأرسل فرات الصهيوني مسئول الاحتلال في ذلك الوقت الجنود للقبض عليها, والتحقيق معها لتعترف عن مكان ابنها صقر. كان الحديث مع الحاجةأم صقر عن شهيدها البكر صقر ذي شجون وهي تتابع بعينها مسيرة حياة أطفالها الصغار، وأنهم رجال شامخون مقارنة بمن هم في سنهم الذين لا هموم لهم ولا يفكرون كما يفكر أبناؤها الصغار في الهموم وحب الاوطان والمقاومة. وتعود بنا إلي طفولة الشيخ جمال أبو عطايا فتقول: ولد في20 أغسطس 1963 ما كان يشبه أقرانه بالمطلق من حيث الاهتمامات فكان تفكيره أكبر من سنه في كل شيء وكانت كراهية الاحتلال تسري في دمه منذ الصغر وهو يري والده ما ان يخرج من السجن إلا ويدخله مرة أخري وكان يصلي في مسجد العودة وصاحب أخلاق عالية. حادثة في المدرسة كان منذ طفولته تري فيه معالم قائد بتفكيره الكبير الذي يفوق سنه ففي يوم جاءت شكوي علي جمال من المدرسة التي يدرس فيها مدرسة بئر سبع عام1981 حيث خرب وقلع الورد وهدم نجمة علم اسرائيل التي كانت تتوسط الورد وعندما ذهب والده إلي المدرسة, واعترف جمال بذلك ولم ينكر وقال: يا أبي هذا الورد أحضره من احتفال الوداع لليهود في مستوطنة ياميت في سيناء وهذه المدرسة فلسطينية وليست لليهود, لذا لانريد نجمة اسرائيل في مدرستنا. عملية البنك الصهيوني وتستفيض الحاجة أم صقر في الحديث فتقول: قام اليهود بافتتاح بنك لهم في مدينة رفح ويطل هذا البنك علي حارتنا حارة صلاح الدين فجاء جمال والغضب واضح عليه رافضا ما حدث وبعد أيام قام بحرق سيارة بنك مدير البنك الصهيوني جاء اليهود للبحث عنه، وبعد أيام تم اعتقاله1982 هو وثلاثة من الشبان أصحابه, وتم نقلهم إلي السجن المركزي في غزة. صمود في التحقيق وتشير الحاجة: وصلتنا أخبار عن تعذيب قاس لجمال علي عملية حرق سيارة مدير البنك الصهيوني وقال لنا أحد الاخوة من عائلة اسعيفان كانوا يخرجون جمال جمال من غرف التحقيق وهم يحملوه علي البطانية من شدة التعذيب إلا أنه لم يعترف وظل صامدا واعترف اثنان من زملائه. وفي يوم من الأيام وبعد أشهر من اعتقال جمال جاء لنا اتصال علي مكتبه الأخ الفاضل روحي صبح رحمة الله عليه بعد أن جاء الجيش الصهيوني وقلع عمود التليفون الخاص بحارتنا بالكامل كاسلوب عقاب للعائلة لان صقر اتصل بنا من أثينا ليخبرنا بأنه خرج من غزة بخير وهو في طريقه إلي لبنان. وكان التليفون, الذي جاء لنا علي مكتبه روحي صبح من مدير السجن ليخبرنا أن محاكمة جمال غدا وقال: احضروا معكم أموالا فهناك احتمال ان يخرج جمال من السجن بكفالة وهذا بعد أن صمد في التحقيق ولم يعترف علي شيء وبحمد الله تمكنا بعد خروجه من السجن من ارساله إلي مصر، ومن ثم إلي لبنان عام1984 والتحق بالمقاومة الفلسطينية. واستطردت قائلة: التحق جمال بكلية الحقوق وازدادت مطاردة الصهاينة له وأصبحت الحياة لا تطاق، وكأنه لايوجد في غزة سوي جمال أبو سمهدانة فقررنا تهريبه من غزة عند شقيقها في مصر ومنها إلي تونس وعمل هناك مع الأخ أبو جهاد رحمة الله عليه ثم توجه لدراسة العلوم السياسية في المغرب وحصل علي تقدير عام جيد جدا إلا أن السلطات المغربية منعته من دخول البلاد فأرسله الاخ جهاد إلي المانيا عام1989 فدرس الهندسة العسكرية لانها سوف تفيده في قضيته. طارق أبو سمهدانة وتوجه إلي العراق عام1991 تزوج ورزقه الله بأربعة أولاد وبنت وسافر إلي ليبيا وعلم بخبر قتل شقيقه طارق أبو سمهدانة الذي استشهد في التسعينيات فقد كان طارق ابن زوجي وشقيق أبنائي في المقاومة أيضا وتم القبض عليه وحبسه وكان ذلك بعد زواجه بأربعة أشهر فقط، وبعد خروجه من السجن بأسبوع واحد تم قتله عندما كان يمر من أعلى سطح المنزل إلي سطح جيراننا لمقابلة زملائه حيث رصدته طائرة الاحتلال، وأطلقت عليه وابلا من الرصاص وتم نقله إلي المستشفي وحضر لنا جثة هامدة وكانت والدته ضرتي في السجن فأحضروها في الثانية صباحا بعد منتصف الليل وأخبروها بمقتل ابنها وأمرونا بدفنه ليلا حتي لاتحدث مشكلات في الصباح عندما يعلم أهالي غزة لانه كان محبوبا بينهم. وتستكمل أم عطايا رجع جمال إلي قطاع غزة وشارك في الانتخابات التنظيمية عام 1996 ونجح لاختيار أغلبية قيادة أقليم حركة فتح له في مدينة رفح، وكان يرفض اتفاقية السلطة مع اليهود أوسلوا حيث كانت نقطة سوداء في تاريخ المقاومة الفلسطينية من وجهة نظره واعتقلوه وقتها1997. وعينه رئيس الدولة المراقب العام الجديد لوزارة الداخلية والامن الوطني الفلسطينية برتبة عقيد وكان هذا المنصب أعلي وأهم من الوزراء. وجاءت انتفاضة الاقصي وخرج جمال وأعلن تنظيمه لجان المقاومة ألوية الناصر صلاح الدين وانضم حوله الشباب ومنذ ذلك الوقت ازداد خوفي عليه وكنت أتابع كل طائرة تمر فوق دارنا وكل خبر يذاع في التليفزيون والراديو ومع كل انفجار كان ينقبض قلبي وأقول: هذا جمال فقد تعرض لخمس محاولات اغتيال وكان الله ينجيه دائما وكان هو يحزن لانه كان يتمني الشهادة وكان كلما أصيب يسرع أحبابه يحرسون المستشفي حتي يخرج لهم سالما. الدبابة الميركافا وأضافت فجر الدبابة الميركافا التي تحدث بها اسرائيل العالم, وكانت اسرائيل تدعي أنهاالدبابة التي لاتقهر وكبدها خسائر عظيمة، وتمكن جمال من تفجير ثلاث منها حيث كانت الطائرات الاسرائيلية تقصف علي المنازل صواريخ ولا تنفجر فكان يأخذها ويفكر كيف يستفاد منها وصنع صاروخا محليا وملأه بالرمال الساخنة وزرعه لكي ينفجر أثناء مرور الدبابات وكان قد درس عن أنواع الدبابات التي تمر بالمنطقة وعلم نقاط ضعف الميركافا، التي كانت تحمل جنودا كثيرة داخلها. وأخذ الاعلام ينتبه له بشكل كبير جدا وكانت أكبر صفقة مع الهند وكانت هناك صفقات كثيرة سوف تعقد لشراء تلك الدبابة حتي فجرهال جمال فألغت الدول كل صفقاتها ورفضت شراء الدبابة شكل معارضة قوية ضد فتح وكانت أهدافه أقرب نسيبا إلي حماس وانتخبته حكومة حماس المراقب العام لوزارة الداخلية، وهو منصب أرقي من منصب الوزير وكان يوفق بين هذا المنصب ومنصب قيادة المقاومة، عارض اتفاق أوسلو ونشق عن فتح وأسس الوية صلاح الدين وكان جميع الفلسطينيين يكنون له كل الحب والاحترام والتقدير. خبر استشهاده كان جمال حزين جدا علي الاوضاع الفلسطينية بسبب النزاع الداخلي بين الفلسطينيين, الذي أبيح فيه بيد الفلسطيني بيد الفلسطيني، وكان دائما يصرخ في مؤتمراته قائلا: من يحب فلسطين يعمل من أجل حريتها أولا وأخيرا وسلاح المقاومة يجب أن يكون بعيدا عن أي أسباب لاقتتال داخلي ويجب أن يظل دائما موجها نحو الاحتلال. ويرتفع صوت الام المؤمنة بفخر وهي تقول: كان يخطط لشيء ما فأرسلنا أنا وزوجته وأبناءه إلى مصر لزيارة أشقائي وكان ذلك يوم الخميس الموافق6 أغسطس 2006 وكنت أتابع مؤتمر المجر م بوش الذي كان يفتخر بقتله الزرقاوي, وحزنت عليه كثيرا وعقب اعلان ذلك الخبر بنصف ساعة تقريبا دخلت بنت أخي الغرفة وهي تبكي فقلت، لها أنت زعلانه علي الزرقاوي فقالت ليس الزرقاوي ياعمتي فقلت لها يبقي ابني جمال الحمد نال الشهادة ولاحظت انها تعجبت من ردي لانهم في مصر غير معتادين علي اي هيك أمور ولكنني كنت والحمد الله صابرة، وتستكمل كلماتها بود شديد توجهت للوضوء فلحقت بي وقالت ياعمتي لقد صليت العشاء فقلت لها لاتخافي أنا بكامل وعيي وأعرف أنني صليت العشاء ولكن سأتوضا من أجل ان اصلي صلاة الشكر لاستشهاد جمال.. وتكمل توجهت الله عز وجل بالدعاء أن يربط علي قلبي ويصبرني في مصيبتي وقلت يارب يامن ربط علي قلب أم موسي وهي ترمي بولدها في اليم، أربط علي قلبي وصبرني لانني أم هذا البطل. وتوجهت إلي رفح ودخلت في استقبال أكثر من رائع من الجانبين المصري والفلسطيني وسارعت إلي المستشفي وكان معي ابه الصغير يحيي فوضعته علي صدره وقلت له هذاابنك يسلم عليك ياجمال فابتسم جمال, وهو ميت وتفاجأ زملاءه وظلوا يكبرون الله واكبر وخرج مئات الالاف لتشييع جنازته هو وثلاثة من رجاله وكانت جنازة مهيبة.