قرية "كتامة" أشهر قرى محافظة الغربية، لم تقف طويلًا في طابور الانتظار الحكومي، لم تنتظر المدد أو الهبات والمنح الحكومية، تحولت القرية الصغيرة التي تبعد عشرات الكيلو مترات عن القاهرة إلى مركز صناعي للأثاث ينافس "الدمايطة" حتى أصبحت يطلق عليها "دمياط الثانية". مدخل القرية الصغيرة لا يختلف كثيرًا عن العديد من قرى مصر.. لكن بضع خطوات تضعك داخل مجمع صناعي كبير تخصص في الأثاث والموبيليا بأنواعها ربما لا ينقصه سوي منفذ للتصدير لينافس عالميًّا وحلول لبضع مشكلات محلية، كما حددها الأهالي لا تخرج عن توفير أراض بعدما ضاقت الأماكن بالقرية الصغيرة.. ربما منطقة صناعية.. مع توفير الخامات للإنتاج وإنشاء نقابة للعاملين بالمهنة وغرفة تجارية مع رفع يد الحكومة عن القرية الممثلة في مطاردات الضرائب والمحليات. أهالي القرية تحدثوا ل"البديل": القرية دخلت مجال بيزنس الموبيليا من ثمانينيات القرن الماضي علي ضيق الحال ومحدودية الأراضي الزراعية بها وخلال سنوات استطاعت المنافسة وبقوة مع دمياط، شكى الأهالي من انعدام الخدمات والمرافق الأساسية مطالبين بتدخل الحكومة لتوفيرها في الوقت الذي طالب البعض بأن ترفع الحكومة يدها عن القرية مؤكدين أنهم تحدثوا مع مسئولي الاستثمار لمساعدتهم ودعمهم إلا أنه لم يأت رد من جانبهم، وأشاروا إلى أن أحد رجال الأعمال الصينيين هبطوا القرية للدخول بمشروعات مشتركة مع بعض المنتجين بها إلا أنه واجه معوقات الاستثمار ومشكلاته التي لا تنتهي. وطالب الأهالي بضرورة إنشاء نقابة للعاملين بالمهنة وغرفة تجارية تحمي مصالحهم وتدافع عنهم مع إقامة مصنع لتصنيع الأخشاب بدلاً من اللجوء إلى دمياط مع ما يمثله ذلك من عبء إضافي مقابل النقل الذي يصل إلى ألف جنيه للحمولة في المتوسط. وشكوا أيضًا من عدم وجود شهبندر أو كبير للمهنة يتولي تنظيم أعمالها ويعود علي الصنايعية في حال مخالفتهم أعراف السوق، مؤكدين حاجتهم إلى توفير الخامات بأسعار معقولة بعد الارتفاع الجنوني بها أخيرًا، وأماكن أيضًا للمحال والورش في ظل ارتفاع الأراضي والإيجار للأماكن المتاحة. قال إبراهيم سالم صاحب معرض للموبليا: نمتلك مهارة فنية عالية وأحدث الأساليب والتصميمات، لكن نحتاج لدعم من الحكومة لتطوير الإمكانات.. ونعاني من غلاء الخامات وهي مشكلة ليست في دمياط التي نستورد منها بواقي الخشب مثل أنواع السويك والزان والأبلكاج، فالبلد يلزمها مصنع خشب وفيه ناس اتكلموا مع وزارة الاستثمار وبعتوا جوابات ولم نجد إجابة، مضيفًا أن حجم الاستثمارات ضخمة فكل صاحب معرض لديه ورشة. وأكد الأسطى محمد محسون صاحب ورشة لصناعة الموبليا أن صعوبة الاستيراد والتصدير مع قلة الشحن مشكلة، فدمياط متفوقة علينا لتوافر وسيلة النقل البحري ونعانى أشد المعاناة من الارتفاع الجنونى فى أسعار الخشب بأنواعه. وأشار إلى أنه يساعد في الشغل ويشجع أصحاب الورش والمصانع علي تشغيل طلبة المدارس والجامعات لتعليمهم الصنعة في فترة الإجازة حتي يجد مهنة بعد التخرج ولتغطية مصاريف التعليم، مؤكدًا أنه لا يوجد عاطل بالقرية. وأكد الحاج إبراهيم المهدي العفيفى من كبار أصحاب المعارض أن البلد يتطور كل عام في مجال تصنيع الأثاث، لكنها ما تزال تعاني من عدة مشكلات أكبرها محدودية الإمكانات وعدم توافر الخشب وقلة الأفران لدهان الأثاث، مطالبًا باتحاد لأصحاب المعارض والورش وإنشاء جمعية لتوريد الخشب لتلبية الاحتياجات. وشكى كريم إسماعيل الجندي "عامل" من ارتفاع أسعار الإيجار للمحال مع زيادة الحركة التجارية في البلد بخلاف زيادة أسعار الخشب علاوة على مشاكل الضرائب كما شكى محمد حمادة عريضة "عامل" نعاني من الغلاء في كل شيء، المواد الخام والخشب والماكينات بخلاف الضرائب، قائلًا " أنا شغال بقالي 25 سنة زمان كانت الحاجات رخيصة، أما الآن هناك استغلال في كل شيء. وأشار رضا العماوي، أحد شيوخ المهنة القدامي، دخلت تلك المهنة القرية أوائل الثمانينيات، كنا نستورد المواد الخام ونعمل الشغل كله في طنطا والآن جميع مراحل الشغل تتم في (كتامة الغابة) لكن مشكلتنا الأساسية مع الضرائب التي نقدم إقرارًا ضريبيًّا لها كل سنة ولكنهم لايراعوننا. وطالب بإقامة منطقة صناعية وتوفير الخشب بطريقة منتظمة مع وجود نقابة للمهنة وغرفة تجارية لتنظيم علاقات التجار ببعضهم البعض. يقول أحمد حسينى صاحب معرض موبيليا بكتامة: إن هذه الصناعة استطاعت أن توفر الآلاف من فرص العمل لشباب القرية، بل إنها استطاعت أن تقضى على البطالة نهائيًّا، كما أحدثت حالة من الرواج الاقتصادي وأصبحت لها شهرة واسعة بعد أن أصبحت المنافس الأول لدمياط محليا. وأضاف سعيد فاروق عاشورتاجر أثاث، أن مئات التجار وأصحاب معارض الموبيليا فى مصر يزورون القرية يوميا لشراء الموبيليا منها ويتوقع "العاطفي" أن تتمتع القرية بشهرة عالمية فى هذا المجال بعد أن نجحت فى جذب التجار وأصحاب المعارض من دمياط، وأوضح أن القرية أصبحت الآن تحوى مئات المعارض التى تعرض أنواع الأثاثات التى تمت صناعتها بالقرية وأكد أن أسعار الأرض الزراعية بالقرية ارتفعت بصورة كبيرة جدًا، حيث وصل سعر قيراط الأرض بها إلى أكثر من مليون جنيه بسبب رواج صناعة الأثاث بالقرية. وقال أحمد السيد الكنفانى حاصل على ليسانس شريعة وقانون وصاحب ورشة للدهان الموبليا: اعتمدت محافظة الغربية في وقت سابق خطة لتطوير مستوي الأداء الحرفي والمهني في المناطق الصناعية المميزة في العديد من الصناعات بمدن وقري المحافظة خاصة وأن العمل بهذه المناطق لم يتوقف وعملية الإنتاج مستمرة وتدور بقوة ومن هذه المناطق الصناعية المهمة قرية كتامة التابعة لمركز بسيون والتي تشتهر بصناعة الأثاث والموبيليا وذاعت شهرتها في كل مكان بعد أن أصبحت تنافس مدينة دمياط صاحبة الشهر الواسعة في صناعة الأثاث والموبيليا وبلغ حجم مبيعاتها أكثر من 300 مليون جنيه سنويًا. وأضاف أنه أمام انتشار العديد من الورش في شوارع القرية وداخل المنازل بشكل عشوائي كان لابد أن تحظي هذه القرية باهتمام مسئولي وقيادات محافظة الغربية واعتماد خطة لإعادة تطويرها بشكل يتلاءم مع أهميتها وحجم العمل بها، ولكن توقفت هذه الخطة وأصبحت حبيسة الأدراج منذ أكثر من عام وحتي هذه اللحظة دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء تجميد المشروع. Comment *