"موقعة الجمل"..هي كلمة يخيل لك وأنت تقرأها أنها حدثت في العصور الوسطى، أو أبعد من ذلك، ولكن المصري كما يقولون معروف بجبروته وقوته، ودائما ما يبهر العالم؛ ولذلك كانت هذه الموقعة من نصيب مصر وبالتحديد ميدان التحرير؛ فهو عنوان المعركة التي دارت بين المتظاهرين ومجموعة من المؤيدين للرئيس مبارك في ثامن يوم للثورة، حيث امتطى هؤلاء بغالهم وجمالهم وخيولهم، وشنوا هجوما شرسا على المتظاهرين في الميدان؛ لإرغامهم على إخلاء ميدان التحرير، والتراجع عن الأهداف والمطالب التي اعتصموا من أجلها منذ يوم 25 يناير. بدأت القصة بتأثر بعض المصريين بالخطاب الذي ألقاه الرئيس مبارك مساء الأول من فبراير، ووعد بأن يغير الحكومة وألا يرشح نفسه للانتخابات مرة أخرى، وأن يعين له نائبا، وهو ما جعل البعض يتعاطف معه، وأصبحنا لا نسمع سوى جملة" اعتبره أبوك "، واعتبروا كل من في التحرير هم الأبناء الذين جحدوا على أبيهم المسن، وأرادوا أن يبخسوه حقه، وأن تنتهي حياته المهنية بشكل غير مشرف لتاريخه العسكري والسياسي المشرف، فكيف لرجل الحرب والسلام أن يموت" مخلوع " !؛ ومن هنا نزلت الجماهير إلى شوارع مصر وهي تردد " نعم للاستقرار ...واعتبره أبوك" ، وكان أعضاء الحزب الوطني وكل من ارتبطت مصالحه بهذا النظام تسعى إلى الحشد وإخلاء الميدان، وبالتالي إفشال الثورة، وبعيدا عن كل هذا الزخم من الأحداث، ظهرت اللقطة الأبرز في الثورة، وهي تحريض بعض أهالي منطقة نزلة السمان، الذين يعاني معظمهم ضيق العيش بسبب تدهور حالة السياحة وقتها، ومعظمهم أميين، وولدوا وعاشوا وعملوا بنزلة السمان ولم يذهبوا بعيدا عنها، حتى لا يعرفوا أين يقع هذا الميدان، وزعم البعض أنهم تم تضليلهم من عضو مجلس الشعب والشورى الذين أقنعوهم بضرورة توصيل صوتهم للإعلام، فبدلا من البقاء في مصطفى محمود عليهم الذهاب إلى ميدان التحرير. وربما كان لهذا المشهد دور كبير في انضمام العديد إلى الميدان والبقاء معهم، والإصرار على إسقاط النظام، فبعد أن تعاطف البعض مع الخطاب وانسحب بعض الشباب من التحرير، حتى يعطوا الرئيس فرصة أخيرة، ولكنهم سرعان ما عادوا إلى أماكنهم، والغريب في هذا اليوم أن أفراد الجيش والشرطة لم يتعرضوا ولم يعترضوا طريق هؤلاء البلطجية، ولكنهم أفسحوا الطريق لهم، ومن تعامل معهم هم المتظاهرون أنفسهم، وسرعان ما تعالت الأصوات واتحدت بأنه لا خلاص إلا بتنحي الرئيس. معركة الجمل كانت لحظة فارقة في حياة نظام مبارك، حيث طلب المجلس العسكري من الرئيس مبارك الاستجابة لجميع مطالب المتظاهرين، ومن بينها تنحيه عن السلطة، بينما رأي نائبه عمر سليمان منحه فسحة من الوقت لإقناع الثائرين بحلول وسطية، تمكنه من المحافظة علي بقاء الرئيس مبارك في منصبه، مع تخليه عن جميع سلطاته للنائب، والإسراع في عملية تعديل الدستور، بما يمنع النظام من الانهيارالمفاجئ، وجاءت تصريحات عمر سليمان لمحطة إيه بي سي الأمريكية، حول عدم استعداد المصريين لممارسة الديمقراطيةعلي الطريقة الغربية كالقشة التي قصمت ظهر النظام. وعجلت بدعوة المتظاهرين إلي ضرورة تنحي الرئيس ونائبه ومطالبة المجلس العسكري للرئيس بإعلانه عن التنحي مقابل عدم إخراجه من البلاد، ومنحه وأسرته الأمان الكامل للعيش في شرم الشيخ، لإنقاذ البلاد من حالة الفوضى التي شهدتها ، وجاء هذا المطلب بعد أن أعلن المشير طنطاوي وزيرالدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة أن الجيش لن يتدخل لصالح النظام، ولن يستخدم العنف ضد المتظاهرين. وكعادة هذا الشعب العظيم، حين تحدث أي كارثة يقوم المسئولون بتشكيل لجنة تقصي حقائق، وبالفعل تشكلت اللجنة وكشفت التقاريرالأولية للجنة تقصي الحقائق أن النائب عبد الناصر الجابري عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الهرم ومساعده يوسف خطاب عضو مجلس الشورى عن الدائرة ذاتها قاموا بالتحريض على قتل المتظاهرين في يوم موقعة الجمل لإخراج المتظاهرين من ميدان التحرير بالقوة، كما اتهم أيضاً الأمين العام السابق للحزب الوطني صفوت الشريف بالتحريض للهجوم على المتظاهرين. إلا أن دائرة الاتهام قد اتسعت، وشملت العديد من رموز النظام السابق من وزراء وغيرهم، ك عائشة عبد الهادي وزيرة القوى العاملة السابقة، وحسين مجاور رئيس اتحاد العمال، ورجل الأعمال وعضو الهيئة العليا للحزب الوطني الديمقراطي إبراهيم كامل، حتى بعض من كانوا يعارضون عددا من رموز النظام بشكل أو بآخر شملهم كذلك الاتهام، وهو المستشار مرتضى منصورالذي ادعى أن اتهاما كهذا مكيدة له، كونه نوى ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة القادمة في مصرو قد شارك في الإعداد للموقعة أيضا مسئولون كبار من الدولة حيث شارك وزير الصحة وأخرج سيارات الإسعاف في نقل الحجارة إلى البلطجية وأيضا شارك عدد من العاملين بوزارة الإعلام وعدد من موظفى وزارة الإنتاج الحربى وموظفى الإدارة المحلية وكذلك سيارات نقل صحف تابعة لجريدة الأهرام الحكومية و عدد من موظفى الاتحاد العام للعمال ووزارة القوى العاملة وكذلك أفراد شرطة بملابس مدنية بعضهم برتب كبيرة تصل إلى رؤساء مباحث بالأقسام. الجدير بالذكر، أن كل من تم اتهامهم في هذه القضية، التي خلفت وراءها 11 شهيدا وحوالي 1300 مصاب، صدرت لهم أحكام بالبراءة، فيما عرف بعد ذلك بمهرجان البراءة للجميع؛ نظرا لما تم في جميع القضايا الخاصة بقتل المتظاهرين خلال أيام ثورة 25 يناير، ولم يسجن أحد سوى حوالي 5 أفراد من أصحاب الجمال والخيول الذين تم القبض عليهم وحكم عليهم بخمس سنوات لكل منهما. في ذكرى "موقعة الجمل".. الإخوان تتقدم على المخلوع ب "كشف الحساب" و "الاتحادية" فى ذكرى موقعة الجمل..أهالى نزلة السمان: كل يوم موقعة فى عهد مرسى Comment *