عندما قالَ رسولُ اللهِ "صلى الله عليه وسلم" لسيدِنا عمر رضي الله عنه "لا يؤمنُ أحدُكُم حتى يكونَ اللهُ ورسولهُ أحبَّ إليه من نفسهِ التي بين جنبيه" فقد كان يوجهه إلى الطريقِ الأمثلِ والوحيدِ للوصولِ إلى أسمى الدرجاتِ في العبادةِ وفي شئونِ الدنيا والوصولِ إلى الإيمانِ الكاملِ. وعندم أقرَّ سيدُنا عمر بعد تردد لبرهة بأنه يحبُّ رسولَ اللهِ أكثر من نفسهِ عندئذ قال له سيدُ الأولين والآخرين "الآن اكتمل إيمانُك يا عمر". إن الذي يحبُّ رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فقد اختارَ أن يحبَّ الكمالَ في كلِّ شيء، وقد اختارَ النموذجَ البشري الذي يحقق السعادةَ الماديةَ والمعنويةَ والروحيةَ، كما إنه اختار النورَ في السلوكِ الدنيوي والسمو التعبُّدي واختار العبوديةَ الكاملةَ لله رب العالمين. إن الذي يحبُ رسولَ اللهِ "صلى الله عليه وسلم" فقد بدأ غسيلَ قلبه بالماءِ والثلجِ والبردِ استعدادًا للتلقي والاستقبال من العالم العلوي النوراني. ولجلاء بصيرة هذا القلب؛ ليرى ما لا تراه الأعين، وبدأ تطهيرَ بدنه من الذنوب ومن المعاصي وبدأ مسيرة القرب من رب الوجود كله الله سبحانه وتعالى. إن الذي يحبُ رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فقد أحبَّ القرانَ والذي يحب القران فقد أحب كلام الله والذي يحب كلام الله يمنحه الله تقدس اسمه وتقدست ذاته ففهم كلامه القدسي ومن فهم أدرك ثم اتجه نحو الكمال لما في هذا الكلام القدسي من أسرار و معاني نورانية ربانيه كمالية. من أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبحت له قبلة واحدة فلا يتوه ولا يضل ولا يزوغ بصره ولا تطمث بصيرته.. يقف في قبلته وهو يتحرك في الحياة ويناجي ربه وهو فبها ويتلقي وهو في داخلها فتحيط به دوائر الخير والنور فتحميه من أهل الشر والأشرار ويجذب إليه الأخيار وتتنزل عليه الأنوار. من أحب رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فقد أحب الجمال في كل صوره، المادي والروحاني والدنيوي و الأخروي دون إسفاف أو سقوط أو ميل نحو الضحالة في النظر أو الفكر أو التعامل. فالمحب للجمال المحمدي يصوم عن القبح في القولِ والعملِ وحتى في الخيال؛ لأنه لا يقوى على أن يطلق خياله إلا فيما يرضى الله سبحانه و تعالي. من أحب رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يضع بينه وبين الشيطان سدًا كبيرًا من العبادات والطاعات والالتزام الفكري والسلوكي بحيث ييأس الشيطانُ منه ويبتعد عنه وهو يعوى مبتعدًا من حزنه وخزيه. إن المحب لله ورسوله "صلى الله عليه وسلم" يهزمُ الشرَ في كل صوره ويرفض مفرداته اللغوية والفكرية والسلوكية والوجدانية. وبالتدريج يتحول من نقطه نور، ليصبح شلالا من النور يضيء لغيره طريقًا إلى الله دون كلمه ولكن بالقلب العاشق. Comment *