سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أدباء ومثقفون يتحدثون للبديل عن ملامح النهضة الثقافية في الحقبة الناصرية ...فخري لبيب: ديكتاتورية عبدالناصر أدت الي عدم اكتمال النهضة الثقافية محفوظ عبدالرحمن : الثقافة وصلت للقري والنجوع وما يحدث الآن تجريف للثقافة
ترتبط حقبة الستينيات بالنهضة الثقافية الحقيقية ،التي تحققت في عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر،الذي نحتفل في هذه الأيام بذكري ميلاده ،فرغم إقرارهم بإنعدام الديمقراطية والحرية خلال هذه الفترة،إلا أنهم يتحسرون علي ما شهدته من صعود ثقافي،معتبرين أن ما حدث بعد ذلك كان تجريفا للفكر والثقافة "البديل" تستطلع آراء بعض كتاب ومفكري الستينيات ،حول أهم ملامح النهضة الثقافية في الحقبة الناصرية. يقول الكاتب والسيناريست "محفوظ عبدالرحمن" ،خلال الفترة الناصرية وصلت الثقافة الي القري والنجوع،وكان هناك مايسمي بمسرح الجرن حيث كانت تقام العروض المسرحية في أجران الفلاحين،وهم يحصدون المحاصيل ، وكانت هناك قوافل شعرية تتجول في شتي أنحاء الجمهورية ،لافتا الى أن الإجراءات المادية ،التي اجراها عبدالناصر كانت جزء من الثورة الثقافية ،وأرجع السبب الرئيسي للنهضة الثقافية ، ل"المشروع القومي العربي"؛ الذي التف المثقفون حوله ،وبعد ضياعه مات الحلم وتم تجريف الثقافة في مصر والقضاء عليها" ورغم إقراره بوجود نهضة ثقافية في هذه الحقبة إلا أن الكاتب والمؤرخ الدكتور فخري لبيب يراها غير مكتملة و يقول: "كان هناك نهضة ثقافية ،لكنها غير مكتملة،لأن النهضة لا تمارس في ظل نظام ديكتاتوري عسكري يسعي الي تكريس فكرة الحزب الأوحد ، هذه الفكرة التي ترسخت وأصبحت موروثا ثقافيا ،وأعتقد أن مأساة الديمقراطية بدأت في فترة عبدالناصر،لكن في الحقيقة كانت هناك نهضة ثقافية في الستينيات بالمقارنة بما قبلها وما بعدها وبالطبع من قاد هذه النهضة؛ هم اليسار مثل عبدالرحمن الشرقاوي ، يوسف إدريس ونجيب محفوظ . ويؤكد لبيب أن الهامش الكبير الذي ترك للثقافة في هذه الفترة كان جزءا من محاولة كسب المثقفين في صف عبدالناصر ،لكن في حدود خطه،ما يعني أن الثقافة كانت موجهه لخدمة النظام الناصري ،ولذلك تعرضت للسجن والإعتقال أنا والكثير من المثقفين ،الذين أثبتوا أن أفكارهم غير قابلة للبيع مهما كان الثمن واستطعنا أن نؤسس لحركة ثقافية حقيقية في السجن في مقابل الحركة المزيفة الذي يمارسها مثقفوا النظام. وعن المشهد الثقافي المصري الآن يقول لبيب :" المثقفون يقاتلون بشراسة في هذا الزمن الأسود الحالك ،في ظل نظام يمثل قمة الفاشية الدينية اليمنية ، وهذا يجعلني أتذكر الشعار الذي كنا نهاجم به الإخوان في الماضي " لا فاشية ولا إخوان ولا تجارة بالأديان " فهذه الجماعة كانت خدم لجميع الأنظمة وذيول للسلطة ثم أصبحت الذيول رؤوسا " يقول الشاعر " رفعت سلام" أن فترة الستينيات شهدت حركة ثقافية في كافة المجالات سواء في الأدب أو المسرح الذي شهد أكبر حالة إزدهار في تاريخه من ناحية التأليف والإخراج وأيضا حركة الترجمة التي ظهرت خلالها سلسلة الألف كتاب بالإضافة الي النهوض الكبير في حركة السينما والنشر . كما يوضح أن هذه النهضة كانت مستندة الي نظام سياسي ذو طبيعة تقدمية يقوم بنقل المجتمع الي الأمام مؤكدا علي أن الطبيعة التقدمية لهذا النظام أدت الي إلتفاف المثقفين حوله ويتابع قائلا " هذا النظام كان معاديا لأمريكا ومدافعا عن الفقراء في العالم كله و ولكن العداء الحقيقي بدأ في عهد السادات لأن الكتاب والمثقفين كانوا ضد الخطوات السياسية التي قام بها وبالتالي بدأت السلطة السياسية تنفصل عن الثقافة والمثقفين ونفس الأمر امتد الي فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك حيث لم تكن هناك أي فعالية حقيقية للنشاط الثقافي وتم حجب المجلات الثقافية والمسرح ، فهذه الأنظمة " السادات،مبارك" كانت أنظمة معادية للثقافة وما يحدث الآن من إنهيار ثقافي هو نتيجة لما فعلته". ويري الكاتب والناقد د. أحمد الخميسي أن النهضة الثقافية التي شهدتها مصر في هذه الفترة تتمثل في تأسيس القاعدة التحتية الثقافية وإصدار كميات ضخمة من الكتب والسلاسل والمجلات الثقافية ويوضح " كان عدد سكان مصر في الستينيات 30 مليون مواطن وكان يصدر كتاب كل 24 ساعة وكان يوجد أكثر من 15 مجلة ثقافية في " القصة ،المسرح ،الفلسفة، الشعر"والآن نحن 90 مليون ونصدر مجلتين ثقافيتين فقط ، أما عن النهضة التي تحققت في القاعدة التحتية فقد أنشأنا لأول مرة وزارة للثقافة وكانت ثامن وزارة علي مستوي العالم وأسسنا هياكل المؤسسات الثقافية مثل الثقافة الجماهيرية والتي تعرف اليوم باسم هيئة قصور الثقافة ،أكاديمية الفنون ،وأنشأنا الكثير من المسارح". وعن علاقة عبدالناصر بالمثقفين يقول الخميسي أن عبدالناصر لم يكن ضد حرية الأدباء والمثقفين بل كان ضد المثقفين الذين ينشئون الحركات والمنظمات السياسية لقلب نظام الحكم فعندما انتقل المثقفون للحركة السياسية تعامل معهم بمنتهي الديكتاتورية ، ويضيف " عبدالناصر لم يقف ضد إصدار أي كتاب فعندما صدرت أولاد حارتنا وافق علي نشرها ولكن الأزهر هو الذي اعترض علي نشرها ، وعندما عرض عليه ثروت أباظة فيلم شيء من الخوف وقال له أنهم يتحدثون عن ديكتاتوريته لم يمانع إذاعة الفيلم بل ذهب الي السينما لمشاهدته ونذكر أيضا متابعته لكتابات نجيب محفوظ في جريدة الأهرام يوم الجمعة وتوزيعها علي أولاده ". ويعتبر الخميسي أن مايحدث الآن ردة ثقافية بدأت بوصول التيار الديني للحكم لافتا الي أن الردة ممكنة دائما في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة رغم عمق التحول الثقافي الذي حدث في الستينيات. Comment *