نستطيع القول إن أغلبية الفضائيات خلال العام 2012 مارست خداعها البصري من خلال عدساتها لتضليل المشاهد أو على الأقل إقناعه بوجهة نظرها فقط، فلم تنجح في القيام بدورها كمصدر حيادي للمعلومات، واتسم أداء بعض المذيعين ومقدمى البرامج ب "التحيز والمبالغة" فى التعبير عن تأييدهم ومناصرتهم لوجهة نظر معينة ومصادرة حرية المشاهد. يرى الدكتور حسن مكاوي، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، أن أداء الفضائيات لعام 2012 اتسم بالسوء والبعد عن المهنية بصفة عامة، وفى الطرف المقابل القائمون على نظام الحكم ينكلون بالإعلاميين؛ مما خلق بيئة لا تسمح بوجود إعلام مهني. وأكد مكاوي أن وسائل الإعلام تعاني فى 2012 من الانقسام المجتمعي الذى انعكس على شاشات الفضائيات. وأشار مكاوي إلى أن هناك مجموعة من الظواهر انفردت بها فضائيات مصر في العام المنصرم أبرزها ما وصفه بالظاهرة التى ننفرد بها فى مصر نتجت عن عدم وجود تعريف ومعايير واضحة ل "الإعلامي"؛ مما ترتب عليه انتحال أي شخص لهذه الصفة. فشهد 2012 ظهور ما يسمى بالمذيع الخطيب والمذيع الداعية على حد تعبير الدكتور محمد شومان، الخبير الإعلامي وأستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، الذى أوضح أن صناعة التليفزيون قائمة على الصورة التى تم اختزالها فى شكل مذيع يقدم برنامجًا من أوله لآخره يتحدث مع الناس عن الأوضاع السياسية ويدعوهم لتبنِّي وجهة نظره. 2012 شهد عددًا كبيرًا من الفضائيات التى اجتهدت فى متابعة الشأن السياسي المصري من كافة الزوايا وتفاعلت مع الأحداث بأساليب بعيدة عن المهنية ومواثيق الشرف الإعلامي؛ اذ دخلت بعض الفضائيات طرفًا فى الصراع السياسي والانقسام والاستقطاب الذى عانى منه المجتمع، وتورط الكثير من الإعلاميين فى هذا الانقسام، وبالتالي وجدنا قنوات خاصة تدعم القوى المدنية وتنتقد التيار الإسلامي، فى المقابل وقفت القنوات الدينية والحكومة فى صف الرئيس وقراراته فى إشارة إلى النظام الحاكم بشكل عام؛ مما يعنى أننا إزاء انقسام فى خريطة القنوات الفضائية مُوازٍ للانقسام القائم فى المجتمع. تكمن المشكلة فى غياب التغطية الإعلامية المتوازنة التى تعرض كافة وجهات النظر بدقة والتى يرى شومان أنها أصبحت نادرة للغاية؛ مما يمثل اعتداء قويًّا وصريحًا على حقوق المشاهد الذى لم يعد باستطاعته التمييز بين الحق والباطل، أو على الأقل تكوين وجهة نظر خاصة به بناء على تقييمه للأحداث دون توجيه من الآخرين. كما بدأت القنوات الحكومية فى الميل تدريجيًّا نحو الرئيس وحكومته التى تربى عليها إعلاميو ماسبيرو، وبدا ذلك واضحًا منذ تولى الدكتور صلاح عبد المقصود المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين الوزارة. واستطرد شومان في حديثه إلى تراجع تأثير وانتشار القنوات التابعة للدولة لصالح القنوات الخاصة والقنوات التابعة لدول أجنبية الناطقة باللغة العربية، مضيفًا: "يرتبط بذلك اتجاه معظم الإعلانات للقنوات الخاصة، فلا تجد الحكومية موارد كافية للتمويل فتتوجه للاستعانة بالحكومة للإنفاق عليها التى بدورها تتدخل فى سياسات ماسبيرو". Comment *