جيلنا عاش ولازال يعيش أحداثاً دموية ربما لم تشهدها مصر من قبل حتى فى عنفوان حروبها، أوربما عاشت ما يشبهها من بعيد ولكن التكنولوجيا التى اصبحت عدونا بعدما تناقلت عبرها الأحداث، وتناثرت عليها الدماء .. فإن ابتعدناعنها وتجنبنا رؤاها .. تفضلت علينا تكنولوجيا عصرنا بإقحامها أمام أعيننا نهاراً وليلاً ، حتى اصبحنا نشتهى العودة لعصور التغييب والإنفصال عن الواقع. هكذا الموت يحاوطنا ... فإن لم يكن بالجسد فالموت النفسى ينتظرنا موت فكرى، موت أخلاقى، وموت أدبى،وموت نفسى وقد اعتدناه، وتعودناه، فلم نعد نتأثر بنفس تأثرنا من ذى قبل حين نسمع عن فلان قتل وفلان أصيب. كنا قبلاً " نُدهش " عند سماعنا كلمة " خبرعاجل " .. فننتبه ، ونترك ما نفعله حتى نعرف ما هذا العاجل، أما الاّن أصبحت هذه الكلمة " تافهة " لا وزن لها ولا قيمة ... انه الموت بعينه وأكثر ما يمكن أن يصيب جيلنا خطورة على النفس والروح إعتياد الأشياء، إعتياد الدماء، التى أصبحنا نراها عياناً وبياناً وشفانا الله وعفانا من مرض التبلد امام الصور والمشاهد الدموية المؤسفة فى علم الطب من لم يعتاد رؤية الدماء من السهل اصابته بما يشبه " الدوار الوقتى " حين يراه، فمابالك جيل بأكمله أصبح متبلد الإحساس لا يصبه " دوار الدماء " ولا يغشى عليه مما يراه ويسمعه بل ويستكمل حياته كأن أمراً لم يكن. ولكن .. وسط هذه الميتات .. مااكرمه موت الجسد وما أكرهه موت النفس ، فحين تسمع بأم أذنيك من يتاجرون بالدم ويتسترون بالدين قولاً وفعلاً، حين ترى بأم عينيك - بل تضطر للتعامل معهم يومياً - من يتمادون فى التنظير السياسى المقيت للأحداث ويدافعون ويبررون عن مرتكبى الجرائم فى حق الإنسانية بحجة " الحيادية " متغاضين الأبصار والأفهام عن مبدأ : لا حيادية فى الدماء موت حين تنظر وجوه تقست قلوبها فلم تستحى من كذبها ، وضلت واضلت غيرها مفتخرة بذلك الفجور العلنى. وعن نفسى أحرقنى واّلمنى موت "الحسينى أبو ضيف" زميل المهنة وفخرها، لكن ما ألمنى بالأكثر وأحبطنى إجادة الإخوان فن الإتجار بالدماء، فراحوا ينشرون دون إستحياء على موقعهم بالإنجليزية صورته مطلقين عليه "الحسينى من مؤيدى مرسى وجبهة الإنقاذ قتلته .. يا للبجاحة! معتبرين أنه من الإخوان ،وجاءت التعليقات بين مصدقة ومغيبة، وبين لاعنة ومكفرة بإعتباره من فريق البرادعى وحمدين وموسى الكفرة .. وفى طما بسوهاج منع الإخوان الصحفيين الهتاف للحسينى وأوشكت أياديهم على الإشتباك معهم .. ياللوقاحة عن اى شىء تتحدثون ؟ وبأى دين تتشدقون ؟ .. موتكم الفكرى جعل تصرفاتكم غاية فى القبح، موتكم الأدبى والخلقى أفضح نواياكم المشبوهة، وموتكم الخلقى عرى أمامنا ضمائركم المشوهة. وموتنا النفسى أحيتها دماء الحسينى، وجيكا، ومينا، ومحمد، ومصابى الثورة. المجد كل المجد لشهداء الوطن ،والفخر للمصابين .. والعار واللعنة على المبرراتية وأصحاب التنظيرات السياسية الحيادية والمكفراتية والمنساقون والتابعون والمضللون والمضلون. وفوق هذا وذاك دعائى المستمر هذه الأيام " للبنى اّدمين فقط " ... شفانا الله وعفانا من موتنا النفسى ، وشفانا من مرض إعتياد الأشياء والأشلاء، وأنهار الدماء. فما لدينا بديل عنه ذاك الذى حاوطنا من كل صوب وجهة