"تسلم عصا الرعاية من يد راعي الرعاة الأعظم؛ لترعى شعبه وتغذيه بالتعاليم المحيية، فقد ائتمنك على نفوس رعيته ،ومن يديك يطلب دمها". كلمات مهيبة لها وقع الرهبة وإلقاء المسئولية بالرعاية على عاتق البابا تواضروس حين يسمعها اليوم أثناء مراسم ارتدائه ملابس البابا بتنصيبه على الكرسى المرقسى بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. ولا تمر مراسم ارتداء البابا تواضروس ملابس البابوية مرور الكرام فلكل شىء فى الكنيسة الأرثوذكسية ترتيب خاص ودقيق ومعنى روحى عميق. وعلى الرغم من تطابق الملابس بين الأسقف والبطريرك، فإن البطاركة يحرصون دائماً على إحضار ملابس جديدة يوم تنصيبهم لاختلاف اليوم وخصوصيته. تقول الراهبة المسئولة عن المشغل الخاص بعمل الملابس الكهنوتية بدير الأنبا برسوم بالمعصرة: "العديد من الأشخاص القريبين من البابا يقومون بعمل ملابس جديدة للبطريرك وإعطائه إياها فى صورة هدية أو مباركة له على جلوسه على كرسى البطريرك. وهذا ما أكده أيضًا الدكتور أمير نصيف أستاذ مادة التاريخ الكنسى بالكلية الإكليركية، حيث أٍفاد بوجود العديد من محبى البابا، سواء من مصر، أو من أقباط المهجر يقومون بالاشتراك فى تفصيل ملابسه كهدية تعبر عن مشاعر المحبة والامتنان لشخص البابا، مضيفاً أن تفاصيل الملابس تتشابه، ولكن الخامات تختلف بحيث من الممكن أن تكون صلبان الصدرة أو البُرنس أو التاج منسوجة بماء الذهب الخالص، وذلك بحسب رغبة من يوصى بعمل الملابس وتكلفتها. وفى الكنيسة أكبر رتبة هى رتبة "الأسقف"، وكلمة أسقف مشتقة من الكلمة السريانية "أفيسقوفو"، ومن اليونانية "إيبسكوبوس"، والتى تعنى "المراقب"، أو "النظر"، أى أن الأسقف هو الأب المسئول عن عدد من الكنائس داخل إقليم معين، ويترأس القسوس والقمامصة القائمين على تلك الكنائس، ويتم اختياره من بين الرهبان "القساوسة والقمامصة المتبتلين ساكنى الأديرة". وسيشهد اليوم طقوسًا خاصة لا تتكرر فى الكنيسة على مدار سنوات طوال، أى أن آخر مرة شهدت فيها الكنيسة هذه المراسم قبل البابا تواضروس كانت منذ 40 عامًا يوم تجليس البابا شنودة الثالث على الكرسى المرقسى. أما عن طقس إلباس البابا ثياب رياسة الكهنوت فيبدأ بقيام المطارنة والأساقفة إلباسه البدلة فوق الجلباب الأسود "زى الراهب"، ويقول وقتها الأرشيدياكون "رئيس الشمامسة"، أى المُرتلين: كهنتك يلبسون البر وأبرارك يبتهجون. فيرد المرتلون: الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين. ثم يلبسونه البطرشيل "الصُّدره"، ويقول الأرشيدياكون: "تبارك الله الذى سكب من نعمته على كهنته، مثل الدهن على الرأس الذى ينزل على اللحية لحية هارون النازلة على جيب قميصه مثل ندى حرمون كل حين". ويرد المرتلون: الآن وكل أوان... ثم يلبسونه المنطقة "الحزام"، ويقول الأرشيدياكون: "تبارك الله الذى منطق حقوى بالقوة، وجعل طرقى بلا عيب كل حين". ثم الكم الأيمن، فيقول الأرشيدياكون: " يمينك يا رب ممجدة بالقوة، يدك اليمنى يارب سحقت الأعداء وبقوة، ساعدك هدم المناصبين، يمين الرب رفعتنى، يمين الرب قوتى، يمين الرب صنعت العجائب كل حين". ومع الكم الأيسر يقول الأرشيدياكون: "يداك صنعتانى وجبلتانى، فهمنى فأتعلم وصاياك، الذين يخافون يبصروننى فيفرحون كل حين". ثم يلبسونه المحارم مع قول الإرشيدياكون: "انجح واملك بالصدق والوداعة وبالبر تهديك يمينك كل حين". يليه البُرنس مع قول: "تبتهج روحى بالرب، ويبتهج قلبى بالله مخلصى؛ لأنه ألبسنى ثوب الخلاص وسربلنى حُلة السرور كل حين". وأخيراً يلبسونه التاج مع قول الأرشيدياكون: "ملك الرب واتشح بالبهاء، لبس القدرة وتجمل بها، وضع على رأسى تاجاً من حجر كريم وحياة صالحة، سألته فأعطانى فى كل حين". ويقول المرتلون.. الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور اّمين. وبعد وضع التاج على هامة البابا يرفع المطارنة والأساقفة تيجانهم، ويلبسون "الشملة"، ثم يصعدون به إلى المذبح؛ ليتسلم الصليب وعصا الرعاية من فوق المذبح، فيلتفت إليه كبير المطارنة "القائمقام"، ويقول له: "تسلم عصا الرعاية من يد راعى الرعاة الأعظم؛ لترعى شعبه وتغذيه بالتعاليم المحيية، فقد ائتمنك على نفوس رعيته ومن يديك يطلب دمها". Comment *