صدر مؤخرا عن دار الهلال كتاب بعنوان "الصوفية فى مصر..طريقةومجتمع" للكاتبة نوران فؤاد ، يناقش الكتاب موضوع التصوف الذي يمثل جانباثقافيا حيويا ومهما ويدخل ضمن بنية التراث الشعبى المصرى, كما يسلطالضوء علي جوانب مهمة من حياة المتصوفة ومنها شعائرهم وارشاداتهمونصائحهم ومايقومون به اثناء احتفالاتهم الدينية. وفجرت الكاتبة فى دراستها للطرق الصوفية موضوع مهم وهو ارتباط هذهالطرق بالأنظمة الحاكمة من خلال الرصد التاريخى الذي أثبت أن تلك الطرق مؤيدةعلى طول الدوام للنظام الحاكم مهما كان شكله السياسى أوتوجهه الفكرى منذ عهدصلاح الدين الأيوبى الذى أرسى دعائم الصوفية فى صعيد مصر ليواجه به التشيع, بينما سعى محمد على فيما بعد الى دعم الطرق الصوفية حتى تسانده ضدعلماء الأزهر. وقد رصدت جريدة الأهرام عام 1967أكبر مسيرة صوفية لتأييد الرئيس الراحلجمال عبد الناصر حتى يعدل عن قرار التنحى عقب نكسة يونيو 1967. وصدر العدد الأول لمجلة التصوف الاسلامى مايو 1979وقد تصدرت صفحاتهمقالة للرئيس الراحل أنور السادات حيث أطلقت عليه المجلة لقب الرئيس المؤمنوهو اللقب الذى ظل لصيقا به حتى مماته. وحرصت المجلة فى أعدادها الحديثة على تجديد البيعة للرئيس المخلوع محمدحسنى مبارك مع كل دورة من دورات تجديد ولايته . وأرجعت الكاتبة سبب هذا الارتباط بين الطرق الصوفية وبين الأنظمة الحاكمةالى البناء الفكرى لهذه الجماعات التى تعتمد فى تنشئة أعضائها على مجموعة منالقيم منها السمع والطاعة والتوكل والولاية وقيم فى مجملها تعتبر معوقة لحركةالجماهير بل تحد من ثورتها وتدفعها الى الرضوخ والاستسلام . وتناولت الكاتبة في الفصل الأول مفهوم التصوف فى الثقافة الشعبية المصريةباعتبار الطرق الصوفية بمثابة جماعات اجتماعية تقليدية يسودها نوع منالتكيف مع المجتمع والسلطة بالاضافة إلي ظروف وملابسات نشأة الطرق الصوفيةفى مصر تاريخيا والدور الاجتماعى متعدد الأبعاد – دينى – ثقافى –اقتصادى–اجتماعى والذى قامت به الطرق الصوفية عبر العصور والأزمنة الاسلاميةالمختلفة . وقد أفردت الكاتبة الفصل الثانى للحديث عن الطرق الصوفية بإفريقيا من حيثنشأتها وتطورها وأوجه الشبه والاختلاف فيما بينها, ودورها فى نشر الإسلاموالتعريف به الى جانب دورها الاجتماعى والسياسى كما فى حالة الطريقةالسنوسية التى لعبت دورا مهما فى مقاومة الاستعمار الأوروبى فى غرب وشمالالقارة الافريقية. كما أشارت الكاتبة الى أهم الطرق الصوفية المتواجدة بقارة أفريقيا والتى تأتىفى موقع الصدارة منها الطريقة السنوسية والطريقة التيجانية والطريقة القادرية. أما الفصل الثالث من فصول الكتاب فقد اهتم بالتعمق فى أحوال الطرق الصوفيةبمصر من حيث نشأتها وأعدادها وبنائها التنظيمى والأدوار التى تقوم بها فىالسياق الاجتماعى العام باعتبارها – بعيدا عن الجانب الدينى –إحدى المؤسساتالتى تسعى لإشباع احتياجات أعضائها بوجه خاص والمجتمع بوجه عام. تناولت الكاتبة في الفصل الرابع والخامس الطريقة الجعفرية الأحمدية المحمديةمن حيث ظروف النشأة والانتشار المكانى وشروط الانضمام لها ومراحل الترقى بها ، والأنشطة الخاصة بالطريقة الجعفرية باعتبارها إحدى مؤسسات المجتمع المدنى,حيث تتبني الطريقة ككيان تنظيمى العديد من الأنشطة الدينية والعلاجيةوالاقتصادية والسياسية والترفيهية. Comment *