غاب أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري المقل في الرسائل التليفزيونية، وبالتالي أفسد الرجلان على أمريكا فرحة 11 سبتمبر، المناسبة السنوية التي تحاول فيها إحياء الغضب في نفوس من فقدوا أحباءهم في تفجير البرجين تجاه المسلمين. هل تصمت أمريكا وهي مقبلة على انتخابات رئاسية يبذل المتنافسان الرئيسيان كل جهد لحشد المؤيدين وكسب الأصوات؟. ما الذي كان بوسع أي تيار بأمريكا فعله لإذكاء نار الغضب تجاه كل ما هو إسلامي، خاصة أن أحداث 11 سبتمبر لخصت، للأسف، الإسلام في استباحة الدماء، وجعلت ابن لادن رمزا لكل مسلم؟. هل كان يمكن استغلال الإعلام الأمريكي في تشويه جديد للمسلمين والإسلام في حين أن تياراته السياسية تتعاقب على الحكم في بلدان عدة بترحيب أمريكي؟. لم يكن ممكنا تدوير اتهام المسلمين بارتكاب أحداث سبتمبر ووفد اقتصادي في القاهرة يؤكد التزام واشنطن بدعم الحكام الجدد في مصر وهم إسلاميون يتردد أن صعودهم السياسي ليس محروما من رضا أمريكي مشروط بالحفاظ على محرمات السياسة الأمريكية وفي مقدمتها عدم تهديد إسرائيل. الحل كان في أن يتولى الحلفاء الجدد تنظيم احتفالات 11 سبتمبر ولو استلزم الأمر الوصول إلى السفارة الأمريكية في القاهرة، وهي ، كما الحال في كل السفارات الأمريكية في العالم، من المواضع الحصينة شديدة الحراسة، لكن الشباب الغاضب من أجل نبيه تسلق أسوارها ومشى عليها وصلى المغرب داخلها ورفع عليها راية الخلافة بدلا من العلم الأمريكي. أين هيبة الدولة التي أقاموا من أجلها الدنيا متمسكين بإقامة مباراة؟، أين الأمن الذي أصبح يختصر معركته مع مجموعة من الشباب مشجعي الكرة؟، أين ذهب الذين حوكموا في أحداث السفارتين الإسرائيلية والسعودية ومديرية أمن الجيزة؟. في غياب هيبة الدولة، ظهر أسامة بن لادن مجددا بألف وجه، وأيمن الظواهري الذي لم يهدد منذ فترة أمريكا بأنها لن تنعم بالأمان، كان شقيقه عند السفارة التي بدت ساكنتها مطيعة بلا مخالب ، بل تلقى نادر بكار وخالد سعيد ، باعتبارهما من قيادات السلفية، اتصالات من داخل السفارة متفهمة لما يجري. وفي مشهد مواز، وصل الأمر إلى قتل السفير الأمريكي في ليبيا ، ما يفرض علينا حمد الله لأن الأمر في مصر وقف عند حد شتائم كانت السلاح المفضل لمعظم من خرجوا زاعمين أنهم يدافعون عن نبي كان خلقه القرآن. وقد يهون ما فعله الشباب إذا ما وضع بجانب تجليات "الداعية" وجدي غنيم الذي ينتقي من كل قاموس أحقر ما فيه ثم تجد من يهتف له: سلم لسانك يا شيخ. قد يسلم لسان وجدي غنيم وغيره ممن ينعقون أمام الكاميرات ، لكن بلادنا لن تسلم من الأذى حتى يراق على جوانبها دم الجهالة وتزييف العقول باسم الإسلام الذي يفرض على أتباعه الكياسة والفطنة لكن بينهم الآن حمقى روجوا لفيلم كان يمكن أن يصبح طي النسيان بعد ساعات فلا يلتفت إليه أحد لكنهم حولوه إلى عمل عالمي. الغضب حق ، لكن الوسائل باطلة، والمقصود تحقق عكسه، ففي يوم 11 سبتمبر الذي كنا نجاهد فيه سنويا لإثبات أن من جعلوه مخلدا في التاريخ لا يمثلون أغلبيتنا ولا يُختزل فيهم ديننا قلنا للعالم إننا نغضب لرموزنا ومقدساتنا إلى حد القتل واستخدام أقذع الشتائم. إننا بما جرى كفينا الإعلام الغربي مشقة إنتاج مشاهد تعضد وجهة نظره ودفعنا من جيوبنا تكلفة الهجوم على الإسلام وسندفع أشياء أخرى . النبي صلى الله عليه وسلم، كما عرفنا من دروس الابتدائية، كان يحتمل وضع يهودي القاذورات أمام بيته، بل زاره حين تخلف عن فعلته يوما وزاره لما علم بمرضه. أأنتم أحرص على النبي من نفسه ومن الصحابة وكان بوسعهم أن يقتلوا من يؤذيه أو يرموه بالشتائم؟. كان يمكن أن يكون الرد أجدى وأبلغ لو اعتصمتم أمام السفارة تقرؤون القرآن أو تعرضون أفلاما تبرز قيم النبي الكريم وأسس دعوته إلى الدين الذي تنتظرون منا أن ندخله أفواجا بعد أن تحقق لكم نصر الله والفتح. Comment *