لم تكن واقعة اعتداء الأجهزة الأمنية والمحلية بمحافظة الإسكندرية، في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، بإزالة أكشاك الكتب بشارع النبي دانيال بالإسكندرية، هي الأولى من نوعها, حيث احتلت الواقعة رقماً في سلسلة انتهاكات ضد الأماكن الثقافية الرسمية وغير الرسمية، في الأشهر الماضية. وبمراجعة سلسلة الانتهاكات، نجد في أبريل الماضي حادثة الاعتداء على قصر ثقافة المحلة الكبرى، حيث أكد المتضررين أن هناك محاولات منذ أكثر من عام من أحد رجال الأعمال الذي يقوم ببناء برج للاعتداء على حديقة القصر. وهو ما دعا مجلس قيادات الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى إعلان دعمهم الكامل لرواد قصر ثقافة المحلة الكبرى بالغربية بعد التعدي على مبانيه. مشيدًا المجلس بموقف مثقفي المحلة الشجاع تجاه محاولات البعض الاعتداء على حرم القصر وحديقته التي تُعد متنفساً ثقافياً لأطفال المدينة. وقبلها بعدّة أسابيع, كان الاعتداء الصارخ من وزارتي العدل والداخلية على قصر ثقافة الإسماعيلية, حيث تم اقتحام المسرح وتفكيك اكثر من 120 مقعد لتحويل القاعة إلى مقر لمحاكمة المتهمين في أحداث مبارة المصري البورسعيدي, والتي أسفرت عن مقتل 74 شخصاً من مشجعي الأهلي. ومثلت حادثة الإسماعيلية سابقة خطيرة تهدر قيمة الثقافة في دولة نهضت على المكون الثقافي عبر التاريخ، كما أعلنت المؤسسات الثقافية الرسمية والمستقلة موقفها المبدئي والثابت ورفضها القاطع لاستخدام مسرح قصر ثقافة الإسماعيلية أو أي موقع يتبعها في أية محاكمة؛ وبخاصة في محاكمة المتهمين في أحداث إستاد بورسعيد عقب مباراة المصري والأهلي، التي راح ضحيتها زهرات شباب مصر. واعتبر المثقفون أن دخول المسئولين في وزارتي العدل والداخلية إلى قصر ثقافة الإسماعيلية دون إذن وزير الثقافة أو رئيس الهيئة شكل من أشكال التعدي على أحد ممتلكات الدولة وأحد مواقع الهيئة دون وجه حق، وأن تفكيك مقاعد المسرح بقصر الثقافة وإتلاف أجزاء منه بحجة تجهيز المكان لمحاكمة المتهمين في واقعة مباراة المصري والأهلي ببورسعيد؛ هو تعدٍ مباشر على أملاك الشعب، وتخريبا لأحد المراكز الثقافية الكبرى. فيما تأتي الجريمة الأكبر, وهي محاولة نقل سور الأزبكية الذي يعد من أهم المعالم الثقافية في القاهرة, والملجأ الثقافي للطلبة والقارئين غير القادرين, حيث اشتكى اتحاد الناشرين أن السور السبب في انتشار تقليد الكتب وانخفاض أسعارها وهو ما يعد تزويراً, فيما قدمت إدارة مسجد عماد الإسلام التابع للجمعية الشرعية طلباً للمحافظة للتوسع, وهو ما سيؤدي إلى الزحف على السور. وفي مايو الماضي، قام مجموعة من السفليين بالتسلل إلى مدينة السينما وإحراق تمثال الفنان محمد كريم، وهو الأمر الذي أدانته جبهة الإبداع، وكانت قد أصدرت بيانا احتجاجيا على ما حدث بمدينة السينما، ووصفت مرتكبي الحادث بصناع الأصنام من روح الدين. وطالبتهم بأن يعوا أنه بفضل أشخاص مثل محمد كريم ومن تلوه. عرف العالم أن للعرب عقولا وروحا وإبداعا، وأن هناك من المسلمين مبدعين يحترمهم ويجلّهم العالم، في حين أن كل ما فعله أمثالهم من دعاة الظلام هو خلق حالة العداء المعروفة عالمياً. ومن جانبه، قام وقتها الدكتور سمير فرج رئيس جهاز السينما، بتبرئه السلفيين واتهام "حرارة الشمس" مؤكدًا أن تقرير المعمل الجنائى أكد أنه لا توجد شبهه جنائية حول الحريق، ومن المحتمل أن يكون الحريق ناتجا عن أشعة الشمس المسلطة على التمثال المغطى بكم هائل من الخيش والشمع. ولم يكن الاعتداء طوال الفترة الماضية قاصرًا على المؤسسات الرسمية أو الجماعات الدينية، بل اشتركت بعض الجمعيات الأهلية والمدنية في الاعتداء على بعض المواقع الثقافية، حيث قامت إدارة نادي بولاق الدكرور الرياضي بالاعتداء على مكتبة بولاق، والتي تقع في حيز النادي بإجمالي مساحة 300 م، وتحويلها إلى قاعة أفراح. وكانت المكتبة قد خصصت في 13/4/1988. وفي الفترة الأخيرة، طالبت إدارة النادي من الهيئة تشوين الكتب في صالة البلياردو "مساحتها 20 م" بحجة القيام بأعمال تطوير وتجديد المكتبة، وقد أكد الطلب أن التشوين لفترة مؤقتة، تنتهي بانتهاء أعمال التطوير، بيد أن الواقع يثبت تحويل المكتبة الأصلية إلى صالة أفراح، وبقاء المكتبة "متشونة" داخل صالة البلياردو حتى وقتنا هذا، بكراسي متهالكة، ومناضد قديمة، لا تكفي لاستيعاب العاملين بالمكتبة الذين يبلغ عددهم ثلاثة عشر موظفًا. الغريب في الأمر هو موقف الهيئة وقياداتها من هذه المشكلة، حيث لم يقم أي مسئول بمطالبة إدارة النادي أو محافظة الجيزة بعودة المكتبة إلى أصحابها تنفيذًا لقرار التخصيص، وتفعيلا لمنفذ ثقافي مهم. كذلك أهملت قصور الثقافة في مكتبة أحمد عرابي للطفل، والكائنة بالحديقة الثقافية بشارع أحمد عرابي بالمهندسين مما أدى إلى إغلاقها منذ عدة أشهر، ومن قبلها مكتبة إمبابة الثقافية التي استولت عليها إدارة نادي الياسمينا لذوي الاحتياجات الخاصة. الداخلية والعدل ورجال أعمال وسلفيون أبرز المتهمين .. وتمثال محمد كريم وقصر ثقافة الإسماعيلية أشهر الأماكن الداخلية والعدل اعتدتا على قصر ثقافة الإسماعيلية في أبريل.. ورجال أعمال يطمعون في حديقة قصر المحلة الكبرى السلفيون يحرقون تمثال محمد كريم.. ونادي بولاق الدكرور يحول المكتبة إلى صالة أفراح قصور الثقافة تندد بالاعتداء على ثقافة الإسماعيلية وتتجاهل مكتبتي أحمد عرابي وإمبابة