لن يندهش الان فناني مصر اذا خرج عليهم تاجر دين او فصيل سياسي واستنكر الأموال التي تنفق علي انتاج الأعمال الدرامية كما حدث خلال شهر رمضان ، او الافلام السينمائية التي انحدر مستواها الفني الي ما يشبه تناول المسليات ودعا الي وقف هذا الانفاق الذي لا جدوي من ورائه سوي اهدار مبالغ كبيرة علي اعمال وصفها بعض مدعي الدين "مخله" واصحابها "عاهرات" ، وبعيدا عن هجوم الجاهلين مدعي الدين علي صناعة الفن وحرية الابداع ،بدأ صناع هذا الفن يشعلون النار فيما بينهم لأسباب اذا صارحنا أنفسنا بحقيقتها واعترفنا بها دون تجميل او تزييف ، فهي مشاكل شخصية لا تنتمي الي صناعة الفن من قريب أو بعيد، لكن تاثيرها سيطول من مشوار تطور الثقافة و سيحيل جزء من صناعة ضخمة الي الاندثار ، الصراع الداخلي بين سينمائي مصر سيفتح فجوة لتسلل المتربصين لهذا الفكر الي افساد وتدمير اخر ما تبقي لنا من ذاكرة السينما المصرية والتي شارك جزء كبير من سينمائيي مصر في تدميره خلال السنوات الماضية، ووقفت المصالح الشخصية الان لتكمل تدمير الجزء الاخير منه. لا يمكن ان نلوم من لا يعرف مدي أهمية أقامة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هذا العام ويعتبره جزء تجميلي غير مهم لصورة الثقافة في مصر، لأن أصحاب المهرجان أنفسهم والعاملون في الحقل السينمائي منذ عشرات السنين هم ايضاً لا يكترثون لاقامة مهرجان او السعي لانجاح هذه الدورة الاولي بعد الثورة، ولا ينظرون الي الجهد الذي بذله فريق عمل متخصص خلال اشهر طويله ماضية من اجل عقد دورة تمحو اثار الغبار الذي لوث سمعة مهرجان القاهرة طوال السنوات الماضية، بسبب الاهمال وعدم خبره فريق الموظفين في ادارة المهرجان وسلسلة المجاملات والمحسوبيات التي أطاحت بأسم المهرجان من علي خريطة المهرجانات السينمائية العربية كأهم مهرجان سينمائي عربي ، فلا يهم جمعية كتاب ونقاد السينما برئيسها ممدوح الليثي اقامة المهرجان من عدمه ولا المسئولية والخسائر التي ستقع علي الفن السينمائي المصري بكامله حال عدم اقامة تلك الدورة، كل ما يسعي اليه رئيس تلك الجمعية هو كسب الحرب التي اشعلها ضد الجمعية الجديدة التي انشأت لأنقاذ ما تبقي من هيكل وسمعة مهرجان القاهرة التي تدهورت طوال السنوات الماضية للحضيض. الحرب وصلت الي حد تصريحات وزارة الثقافة بفض النزاع وذلك بتراجعها عن اسناد تنظيم المهرجان الي جمعية مهرجان القاهرة واستيلاء الوزارة عليه هذا العام علي امل ارجاعه العام القادم الي "جمعية ممدوح الليثي" التي فشلت في تنظيم دوراته من قبل حتي هددت جمعية منتجي السينما العالمية بوقف المهرجان وسحب صفة الدولية منه، وأصبح الصراع بين الجمعية والوزارة "سيب وأنا أسيب" ، فالأزمة هي أزمة كراسي ونزاع سلطوي ، والتحايل علي القانون باسم الحق ،لكنه في الواقع حق يراد به باطل. ولم تتوقف الوزارة عن تخويف السينمائيين من احتمال الغاء المهرجان هذا العام ومنها سحب صفة الدولية منه ومنحها لاحدي بلدان الشرق الاوسط التي تلهث للحصول علي هذه الصفة ومنها اسرائيل، لكن كما ذكر في التصريحات ان الوزارة تسعي للاستعانة بفريق عمل جمعية مهرجان القاهرة التي بدات عملها منذ اكثر من عام لشراء جهودهم ونسبها الي جهة اخري مع اقصاء تام لصفة وهيئئة جمعية مهرجان القاهرة ، في اشارة واضحة ان النيه لا تهدف الي انقاذ المهرجان ولكن الي اقصاء خبرات بعينها والتأمر علي اما افشال هذه الدورة او الغائها تماماً. النزاع الان ليس بين الوزارة وبين "جمعية الليثي" التي تحاصرها المشاكل والاشاعات منذ سنوات، بسبب تمسك رئيسها بمنصبة وخذلان مجلس ادارتها علي عزل الليثي من منصبه،ولكن النزاع أصبح بين قامات صناعة السينما وبين أطماعهم في المناصب والسبوبة التي يحصدونها من وراء هذه المهرجانات، والتصريحات التي يتشدقون بها ليل نهار حول مخاوفهم من تحجيم حرية الابداع او محاربة التيار الاسلامي للفن فقدت مصداقيتها عند أعتاب مصالحهم الشخصية. دعوة الي اصحاب الحناجر العالية من سينمائيي مصر اللذين يتشدقون ليل نهار باصدار البيانات وعقد المؤتمرات خوفاً علي تأسلم الفن،اما ان تثوروا الان علي اذيال النظام السابق او تخرسوا الي الابد. Comment *