أشارت صحيفة واشنطن بوست الى انه مع وقوع مصر بين التردد العسكري فى التنازل عن مقاليد السلطة , وبين الرئيس الاسلامى المنتخب مؤخرا الحريص على انتزاع السلطة منهم , حضر الكثيرون من كبار المسئولين الأمريكيين إلى القاهرة لدفع الطرفين نحو حل وسط . ولكن من خلال التركيز على الصراع بين النخب الحاكمة والتزاماتهم بمعاهدة السلام مع إسرائيل ، تهمل واشنطن مشاكل أكبر في مصر – وهى المشاكل التى دفعت المصريين للاطاحة بالرئيس من منصبه بعد ثلاثة عقود من الحكم . واوضحت الصحيفة انه فى أعقاب ثورة العام الماضي التى أطاحت بحسني مبارك ، شكل الجنرالات الذي حلوا محله تحالفا مع جماعة الاخوان المسلمين التى قمعها مبارك . ولكن بعد الفوز القوي الذى حققته الجماعة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية ، لم تعد جماعة الإخوان بحاجة للجنرالات . واليوم يخوض الاثنان صراعا على السلطة حيث يسعى الجيش لحماية امتيازاته في الميزانية وامبراطوريته التجارية من القادة المنتخبين حديثا الحريصين على تأكيد سلطتهم . وقالت الصحيفة أن واشنطن دخلت وسط هذا الصراع الناشئ . فالشهر الماضي ، وصلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الى القاهرة معلنة أن " الولاياتالمتحدة تدعم عملية الانتقال الكامل إلى الحكم المدني " . وفي الأسبوع الماضي ، جاء وزير الدفاع الامريكى ليون بانيتا يحمل الرسالة نفسها ، معلنا أن " الولاياتالمتحدة ملتزمة بمساعدة مصر لاستكمال التحول الى الحكم المدني الكامل ". بينما ترى الواشنطن بوست أن تركيز واشنطن على الصراع السياسى هو رؤية غير واضحة للأمور لأن التركيز الاهم يجب أن يكون على فهم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي جلبت المصريين الى الشوارع العام الماضي ، وعلى كيفية مساعدة البلاد على التصدي لها ومعالجتها . فبالنسبة للسياسيين الامريكيين الذين يشاهدون الثورة على شاشات التلفزيون ، بدت الاحتجاجات المليئة بالمظالم الاجتماعية والاقتصادية مثل المظاهرات المؤيدة للديمقراطية . ولكن الواقع كان مختلف تماما وأشارت الصحيفة انه خلال ثورة ال 18 يوم , ما قام بتوحيد الجماعات المتباينة هو تشاركهم لسلسلة من المظالم والسخط على نظام مبارك الذي فقط التواصل والاحساس بمواطنيه ، وبدلا من ذلك قام بإثراء مؤيديه السياسيين . وقالت الصحيفة أن تسليم السلطة إلى حكام البلاد المدنيين الجدد ليس بالضرورة سيحل معضلة البلاد بل من قد يؤدي إلى تفاقم مشكلات , حيث جماعة الإخوان سوف تركز بالتأكيد على إصلاح المؤسسات المتعثرة . ولكنها سوف تسعى أيضا لإعادة هيكلة السلطة القضائية ، التي تصور نفسها باعتبارها دفاع مصر الأخير ضد الهجمة الاسلامية التي غمرت المجتمع . وأضافت انه مع مناورات الجيش والإخوان على السلطة ، فإنهم يتجاهلون طلب المصريين للاصلاحات . من خلال التركيز على الصراع بين هذين الفصيلين ، وواشنطن تقوم بتسهيل هذا الإغقال والاهمال . وتشير الواشنطن بوست انه بدلا من التركيز فقط على انتقال السلطة ، يتعين على الولاياتالمتحدة أن تحث حكام مصر الجدد إلى الاستجابة على نحو أفضل لاحتياجات سكانهم الساخطين . وعلاوة على ذلك ، الاستعلامات والاستفسارات المستمرة لواشنطن حول موقف القاهرة بشأن معاهدة السلام مع اسرائيل هو هزيمة للذات . فإذا تدهورت حالة مصر الاقتصادية ، والحكومة الجديدة أصبحت لا تستطيع ان تلبي أحتياجات مواطنيها ، سيظهر السياسيون الشعبيون يزعمون انهم يستطيعون . وفي هذا الوضع المتأزم ، هم سوف يستغلون بالتأكيد موضوع حساس مثل اتفاقات كامب ديفيد لجذب أصوات الناخبين المحبطين . وتختتم الصحيفة مقالها قائلة أن قادة مصر المنتخبين لابد أن يواجهوا عقبات لأنهم تولوا السيطرة بعد 60 عاما من الحكم الاستبدادي . لذلك يجب على واشنطن أن تكون قادرة على مساعدتهم على تجنب الأنزلاقات . ولكن اذا واصلت الولاياتالمتحدة إهمال المشاكل الهيكلية لمصر ، فان قادة البلاد الجدد هم فى خطر الوقوع في نفس الفخاخ التى وقع فيها أسلافهم والتى أدت لخروج المصريين الى الشوارع للأطاحة بهم . Comment *