قدمت مجلة الإيكونوميست تحليلاً حول تدهور الأوضاع في سوريا، تحت عنوان "هل من بديل آخر عن الفوضى"، تقول فيه أنه "من كل الحديث الدائر حول نهاية اللعبة في سوريا خاصة في أعقاب التفجير الذي أوقع أربعة من أهم مسئولي الأمن السوري فإن الحكومات الغربية وأجهزتها المخابراتية لا يستطيعون المراهنة على سقوط وشيك للنظام في سوريا"، مضيفة أن "المعركة الدائرة في ثاني أهم المدن السورية، حلب، ربما تنتهي بأن تستولي قوات الأسد على المراكز الهامة والأساسية فيما تتراجع قوات المعارضة إلى الأماكن الهامشية حيث يمكنها أن تظل هناك بعيدا لأشهر. إذا سقطت حلب؛ فسوف يعطي هذا إمكانية السقوط السريع للنظام ولكن ليس من المتوقع حدوث ذلك قريبا". وتضيف المجلة أن "مصير الأسد محتوم، سواء كان بالموت أو الرحيل. فإن الدمار الذي لحق بالشعب السوري من المؤكد أنه جعل الأسد مستبعَد تماما عن فكرة التسوية معه. وكما هو واضح، فإن المخابرات الغربية تعتقد أنه على الأرجح سيأتي سقوط الأسد بانقلاب من داخل القصر على أن يكون هناك نوعاً من الانقلاب العسكري مثل الذي عصف بمعمّر القذافي. بالتأكيد، فكرة استبدال الرئيس الأسد بشخص آخر ولكن من داخل نفس النظام هي فكرة دائرة ومنتشرة في الأوساط الاستخباراتيه، وهو ما يدور أيضاً في الأوساط الروسية والتي تعد حتى هذه اللحظة من أقوي الداعمين للرئيس بشار الأسد. وعلى ما يبدو أن منظمة الأمم المتحد و الجامعة العربية لا تتخذ خطوات عمل دبلوماسية حتى الآن. وتشير المجلة إلى أنه حتى الآن لا قوات الجيش السوري ولا قوات المعارضة قادرة إحداهما على إلحاق هزيمة حاسمة للطرف الآخر. فكلا الطرفين قادرين على أخذ الأرض لمدة وليس السيطرة عليها تماما. فإن المعارضة لديها الآن ميزة أنها خارج المراكز السكانية الرئيسية وربما يمكنها الآن السيطرة على أكثر من نصف المناطق التي يعيش فيها السوريون، كالقرى والمدن الصغيرة، وبالأخص في الثلث الغربي من البلاد. ولكن المعارضة تم دفعها للخلف مرة أخرى عن طريق قوات الأسد كلما حاولت الاستيلاء على إحدى المدن الرئيسية، مثل مدينة حمص وحماة وأجزاء من دمشق. وتضيف أن المعارضة المسلحة تتراجع تكتيكيا - كما حدث في دمشق – بدلا من القتال حتى الموت بلا جدوى. ولو أن رجال الأسد أعادوا فرض قبضتهم على مدينة حلب، فمن المرجح أن تتراجع المعارضة بدلاً من القضاء عليهم، وذلك رغم كل التوقعات العظيمة بانتصارهم الوشيك. ويقول التقرير أن أسلحة المعارضة الصغيرة لا تقارن بالأسلحة التي يمتلكها النظام السوري، من الدبابات وطائرات الهليكوبتر المقاتلة. وتضيف أن الأحاديث والتقارير عن أن هناك مساعدات كبيرة من الخليج العربي للمعارضة السورية هي تقارير مبالغ فيها. حيث أن المساعدات السعودية حتى الآن هي مجرد مساعدات بلاغية. أما قطر فتعمل على توفير الأموال لشراء أسلحة مضادة للدبابات وقنابل مضادة للصواريخ والتي يمكن إدخالها عن طريق لبنان. وحتى الآن لم تزودهم بأي أسلحة متطورة بشكل مباشر. ويشير التقرير إلى أن الجيش السوري الحر قد استولى على عدد لا بأس به من المعدات،بما في ذلك بعض الدبابات الروسية التي مازالت تعمل. ولكن أهم الأسلحة كانت بنادق إيه كيه 74 وبعض القذائف الصاروخية. بالإضافة إلى بعض المدافع المضادة للطائرات المحملة على شاحنات صغيرة. ولكنها حتى الآن لا تمتلك أي إمدادات وفيرة من الذخائر. بعض التقارير تشير إلى امتلاكهم صواريخ روسية مضادة للدبابات والتي يمكنها أن تصيب الهدف على بعد يفوق الخمسة كيلو مترات. وتضيف أن ليبيا والإمارات العربية من أقوى أنصار أن الجيش السوري الحر ويتملكان مثل تلك الآلات. خاصة أن هناك تقارير تقول أن المعارضة تمتلك صواريخ أرض جو محمولة. وتضيف أنه على الرغم من ازدياد عدد الجنرالات المنشقين والمئات وربما الآلاف من الجنود، إلا أن قوات الأسد لم تواجه حتى الآن ما واجهه القذافي من انشقاقات اطاحت به. فلم تنسحب وحدة عسكرية كاملة للانضمام لصف المعارضة. ويؤكد التقرير أنه كلما أصبح الصراع أكثر طائفية، فإن ولاء بعض الوحدات العسكرية السنية ربما يصبح تساؤلا في حاجة لإجابة. فإن العبء الأكبر للصراع تحملته قوات الحرس الجمهوري بقيادة ماهر الأسد، أخو بشار الأسد المعروف بقسوته، توجد وحدتين منهم كلهم من الطائفة العلوية فرع من الأقلية الشيعية التي تنتمي لها عشيرة الأسد. والتي تمتلك أفضل الأدوات وأفضل التدريبات. هذه الوحدات البالغة 50000 جندي هي قوات يمكنها القتال حتى الموت. بالإضافة إلى القوات الجوية السورية التي كانت بقيادة حافظ الأسد هي أيضاً معقل للعلويين. وتقول المجلة أن روسيا لن تتخلى عن بشار الأسد بسرعة، فهناك الألاف من الروسيين في سوريا يساعدون على توفير المساعدات التقنية والعسكرية. والبعض يذكر ما حدث في حرب الشيشان، معنفين الأسد من عدم الرد سريعا وبشراسة على الثورة، وتضيف المجلة أن روسيا لا تمتلك أي التزامات ناحية الأسد. ولكن المصالح التجارية و الإستراتيجية كبيرة بما فيه الكفاية لتجعل روسيا تفعل الكثير لحماية الدولة السورية من الانهيار. وحسب التحليل فإن "المصالح الروسية والغربية يمكن تحوليها في بعض النواحي. ومن ناحية أخرى، فإن الحكومات الغربية متوترة من طبيعة المعارضة السورية. فإن المعارضين العلمانيين لازالوا هم السائدين في الواجهة، لكن الجهاديين المتصلين بالقاعدة هم أيضاً قادمون. فلا روسيا ولا الغرب تريد حكومة جديدة في سوريا تصدر التفكير الجهادي المتعصب إلى جيرانهم مثل العراق والأردن ولبنان، وبالتالي لايردون أن تقع الأسلحة الكيميائية السورية في أيدي القاعدة". ويقول التقرير أن فكرة محاصرة النظام "ربما يسحب العلويين إلى ملاذهم في الجبال شمال غرب سوريا رغم أن هذا القطاع لايمكن العيش فيه من الناحية الاقتصادية. ولكن ربما يرى جنرالات سوريا في النهاية أن تلك هي فرصتهم للنجاه والتي ستزداد في حال تخليهم عن الأسد". وتضيف المجلة أنه "الحديث المتزايد في الأوساط الاستخباراتية الغربية حول الإطاحة برأس النظام عوضاً عن الإطاحة بكامل الجسد. وهو ما سوف يتطلب من المعارضة إبرام صفقات مع الجنرالات ذوي الانتماء السني". وحسب التقرير فإن فرنسا تقدم العميد "مناف طلاس" كشخصية مرشحة للفترة الانتقالية وهي الفكرة التي تم رفضها سريعاً من قبل كل المعارضة السورية. وأكدت الإيكونوميست أن هناك سبباً واحداً لرواج فكرة الإطاحة برأس النظام هي أن الحكومات الغربية لاترى أن هناك جبهة معارضة صالحة للبقاء والاستمرار، كما كان في ليبيا، وإذا ارتضى الأسد رحيلاً سريعاً سيخلف وراءه فراغاً كبيراً، والمجلس الوطني السوري والذي يتكون أساساً من الرموز السورية المبعدة فشل في كسب تأييد دبلوماسي، واللجان المحلة التي تنظم المقاومة ببسالة داخل سوريا لم تضعف حتى الآن سوي الشبكات العالمية. وبينما تحترق حلب فيجب توقع أن الكثير من الأجانب يدبرون الأمر في الكواليس". المجلة: لا أحد يستطيع إحراز النصر.. والمخابرات الغربية تتوقع انقلاباً من القصر على طريقة القذافي التحليل: روسيا ليست ملتزمة تجاه الأسد لكن موسكو لديها مصالح.. والسعودية تقدم "مساعدات بلاغية" فقط