كان الاختيار واضحا طوال الوقت ..مسرحية هزلية يتوج فيها مرشح الحزب الوطني المنحل جميع المناصب والمقاعد ويفوز بكل الكاسب ولا مانع من ترك الفتات للمعارضة الكرتونية بالاتفاق أو محاصرتها لعدم التأثير علي القرارات كانت المقاطعة وسلالم نقابة الصحفيين هي الحل . كان الاختيار أيضا واضحا بعد الثورة إسقاط شفيق وإبعاد العسكر عن الحكم وإنشاء دولة القانون بمنع سيطرة الشرطة علي الحياة السياسية ، كان الاختيار واضحا رفض التعديلات الدستورية وعدم التصويت لحزبي الحرية والعدالة والنور في الانتخابات البرلمانية . الاختيار الآن صعب ... طبيعي جدا تحتار بين مرشحين أو أكثر ولا تقرر من ستعطي صوتك وان كنت ترفض انتخاب الفلول ( شفيق وموسي ) ولذلك عدة أسباب 1- انسحاب واستبعاد مرشحين مثل البرادعي وأبو إسماعيل والشاطر وسليمان ، وانتهت معهم مصطلحات القداسة والنبوة والمخلص والمنقذ ومعظم المرشحين يتحدثون عن التوافق والتوازن وانتهاء الاستقطاب الخ. 2- تشابه برامج ابرز المرشحين فيتفق برنامج موسي مع أبو الفتوح مع حمدين مع مرسي مع خالد علي مع أبو العز الحريري والاختلاف بينهم في فروق بسيطة تحتاج إلي متخصصين لإبرازها والتي لا تظهر مع الكلمات الإنشائية الفضفاضة التي تحظي بإجماع وموافقة ، والفروق الجوهرية الواضحة هي مرجعية المرشحين ، وأيضا سكت جميع المرشحين عن الحديث باستفاضة عن مواجهة سيطرة العسكر علي الحياة المدنية وطبيعة شكل الدولة ودور الرئيس فيها 3- انتهاء الاستقطاب الطائفي مع وجود ثلاثة مرشحين محسوبين علي التيار الإسلام السياسي فضلا عن انهيار شعبية الإسلاميين بين الطبقات الفقيرة والمهمشة بعد أن ظن الإسلاميين أن الدنيا دانت لهم وتعاملوا مع الجماهير التي انتخبتهم باستعلاء الحزب الوطني المنحل مما جعل معظم الناخبين يندمون علي التصويت لهم . 4- بعد استفتاء واقتراعين يحاول المصريين الاختيار بعناية والتدقيق بين المرشحين وبرامجهم بعد أن كان الاختيار سابقا يعود إلي العاطفة فقبل الثورة كان التصويت للإخوان عقابيا ضد الحزب الوطني ، وبعد الثورة كان التصويت للإسلاميين إعجابا ببطولاتهم أم بطش النظام السابق ولان النظام المنحل ترك فراغا سياسيا ، ولأنهم أكثر تديننا بين المرشحين والتيارات الأخرى وظنا أن تقوي الله ستمنعهم من الفساد والبطش مثل السابقين 5- اهتمام الإعلام بأبرز المرشحين وبرامجهم ومناقشتهم أمام الجمهور بجانب انحياز مؤسسات إعلامية كل حسب جمهوره لأحد المرشحين وانقسام كتاب الرأي والمثقفين والفنانين حول المرشحين بالإضافة إلي انقسام الإخوان والسلفيين حول مرشحين مما جعلهم يناقضون أقوالهم السابقة بمواقف جديدة أدت إلي انقسام بين صفوف المنتمين إلى التيارين والمتعاطفين معهما . ولهذا لن تجد في منزل أو مسجد أو شارع أو مؤسسة أو أصدقاء اتفاق علي مرشح بعينه بل أحيانا تجد حيرة بين متناقضين ( تاريخيا ) مثل حمدين وشفيق أو مرسي وخالد علي ، ولهذه الأسباب لن تتوقف المناقشات صوتك لمين؟ في المواصلات العامة والمقاهي والمنازل والمساجد والعمل وفي كل مكان ، وكل من قرر يحاول استمالة آخرين ويبحث عن أخطاء المرشح المنافس وإبرازها ومحاولة التأثير بها علي المقربين . من المؤكد أن عصر الرئيس الرباني المؤيد من السماء انتهي ، ومن المؤكد أيضا أن عهد الرئيس الحكيم الفاصل بين السلطات ذو القلب الحنون الكريم انتهي ، ومن المؤكد أيضا أن هيبة وقداسة منصب الرئيس انتهت إلي الأبد وتم تبديله بمنصب مدير ( المحل ) البلد الذي سوف يتقاضي راتبه من أصحاب ( المحل ) الشعب . الحيرة في اختيار المرشحين لن تصل بنا إلي مرشح يستحوذ إلي أغلبية مطلقة ويتمني معظمهم الآن الحصول علي ربع الأصوات الصحيحة حتى يضمن الإعادة وبالتالي سيتحول معظم الناخبين إلي معارضين ( مراقبين ) فترة ولاية المدير فإن أخطأ فضحوه وإن أصاب قالوا هذا ما يجب أن تفعله ، وهو بالضرورة سيكون مستقيما قدر المستطاع ليس خوفا من الله ولكن خوفا من الشعب . ليس مهم من هو الرئيس فبغض النظر عن القادم نحن سندفعه إلي تحقيق مطالبنا حتى لو كانت تخالف توجهاته ونطالبه بما وعد ، وأيضا سنمنعه إذا حاول أن يسلبنا حريتنا ، الرئيس القادم لن يأخذ توكيل باستعبادنا 4 سنوات بل سيأخذ صلاحيات إدارة فلوس الشعب وليس الشعب وهو اليقين المتبقي الآن ..المجد للشهداء Comment *