نشرت صحيفة "دويتشة فيله" الألمانية تقريراً حول نهج جماعة الاخوان المسلمين وصراعاتها فى فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية فى مصر، حيث تقول الصحيفة أن المجلس العسكري يسيطر حاليا على الوضع والقرارات في مصر، وجماعة الإخوان المسلمين تحاول تحدي هذا على مدى أسابيع. ولتحقيق غاياتها ، لجأت جماعة الاخوان المسلمين لنهج كسر الوعود - وهذه استراتيجية محفوفة بالمخاطر- . جماعة الاخوان المسلمين لم تظهر جنبا إلى جنب مع الناشطين الاخرين في ميدان التحرير ضد نظام واجهزة دولة الرئيس السابق حسني مبارك. لكن منذ تأسيسها في عام 1928 ، وقفت جماعة الإخوان المسلمين باستمرار في جانب المعارضة للقادة - حيث كانت دائما تقوم بالقاء اللوم على الحكومة بسبب إتخاذ قرارات خاطئة واخفاقات سياسية - . بسبب ذلك ، عقب الاطاحة بالنظام القديم ، فاز حزب الحرية والعدالة لجماعة الاخوان المسلمين بنسبة 46 % من الاصوات في اول انتخابات برلمانية في نوفمبر 2011 ولكن في الفترة التى تسبق الانتخابات الرئاسية المقررة في 23 و 24 مايو ، يبدو أن الحزب يفقد الدعم الشعبي. حيث ترى أنيتا رانكو , من معهد GIGA لدراسات الشرق الأوسط في هامبورج، أن جماعة الاخوان المسلمين قد تبنت عددا من القرارات في الأشهر القليلة الماضية التي قد عززت الانطباع بأن جماعة الاخوان المسلمين تحمى مصالحها الخاصة فقط. وتسلط دويتشه فيله الضوء فى تقريرها على المواقف المتغيرة المتناقضة لجماعة الاخوان وكسرها لوعودها، فتقول الصحيفة أن جماعة الاخوان كانت قد أكدت دائما على مدى أهمية مشاركة أعضاء من مختلف الانتماءات السياسية في إيجاد حل لمشاكل البلاد . وحيث أن الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور كان من المقرر أن يتم إنتخابها، لكن جماعة الاخوان المسلمين أكدت باستمرار على أنها لن تسمح بأن يتم الهيمنة عليها من قبل الإسلاميين. ولكن تم تعيين نصف الجمعية المكونة من 100 عضو من قبل البرلمان ، مما أعطى حزب الحرية والعدالة والسلفيين أغلبية واضحة فى الجمعية التأسيسية . اليساريون والليبراليون أتهموا الإسلاميين بإتباع سلوك غير ديمقراطي. في النهاية ، علقت محكمة إدارية في القاهرة عمل هذه الجمعية . وعلى قدم المساواة ، أتخذ الاخوان المسلمون كل فرصة متاحة من أجل التأكيد على أنهم لن يقدموا مرشحا للرئاسة من داخل صفوفهم. لكن فى حين أن الجماعة طردت أحد قاداتها الذي يحظى باحترام عبد المنعم أبوالفتوح من جماعة الإخوان المسلمين عندما أعلن نفسه مرشحا في نهاية عام 2011 ، الا انها رشحت نائب المرشد العام للجماعة خيرت الشاطر . وفيما بدا وكأنه مسألة طبيعية قد تسبب في الواقع فى زلزال سياسي في مصر. تم استبعاد الشاطر وتسعة مرشحين آخرين من انتخابات الرئاسة ، قام الاخوان بدفع المحافظ المتشدد محمد مرسي في السباق، وتقول عن هذا الباحثة السياسية المصرية سالي خليفة إسحاق أنه " بهذا القرار كسرت جماعة الإخوان المسلمين مره اخرى وعدها وفقدت مصداقيتها " . الناخبون بكل بساطة لا يعرفون ماذا يصدقون . وتشير الصحيفة الى الصراع السياسى الذى تطور ليصبح صراع اسلاميين ضد أسلاميين فتقول أنه على مدى فترة طويلة كانت جماعة الاخوان هى القوة الاسلامية الوحيدة فى المشهد السياسي المصري. لكن الآن أحزاب أسلامية أخرى بدأت تزداد في الشعبية والنفوذ . تقول رانكو أن " السلفيين ، وأيضا بعض الإسلاميين المعتدلين ، يخشون من أن جماعة الإخوان المسلمين تريد احتكار الإسلام السياسي " . وترى الصحيفة أنه بسبب ذلك ، التنافسات تنمو وتتطور . الآن مرشح مثل عبد المنعم أبو الفتوح ، عضو جماعة الاخوان السابق ، يتم دعمه من قبل السلفيين المحافظين . حيث يريدون منع مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي من الفوز . وتقول رانكو أن" تحالفات استراتيجية جديدة تتجمع معا من أجل الحد من هيمنة الإخوان المسلمين " . وتعتبر الصحيفة أن السبب الرئيسي فى تغير جماعة الاخوان المسلمين هو بالطبع صراعها المتأرجح على السلطة ضد المجلس العسكري الحاكم تحت قيادة المشير محمد حسين طنطاوي . كلما زاد سعيهم لكبح جماح سلطة المجلس العسكري ، كلما زاد خوف الجنرالات من فقدان امتيازاتهم . وبالنسبة للجنرالات الانتخابات الرئاسية تعني كل شيء: تأمين مصالحهم الاقتصادية , ملاحقات جنائية محتملة، تأثيرهم المستقبلى على الحياة السياسية المصرية. فبالنسبة لهم ، من المهم جدا أن يكون الرئيس الجديد على استعداد لحماية مصالحهم . وتضيف الصحيفة أن حزب الحرية والعدالة هو أقوى حزب في البلاد منذ الانتخابات البرلمانية ، ولكن المجلس العسكري لا يزال لديه الرأى والقول الفصل. طنطاوي قد أعلن مرارا عن رغبته في إفساح المجال لجماعة الإخوان المسلمين ، لكنه لم يفعل ذلك. قالت رانكو أنه " بالنسبة لجماعة الاخوان المسلمين ، هذه هى إشارة على أن المجلس يريد أن يرحل امتيازاته إلى مصر الجديدة " . وتعتبر الصحيفة فى ختام تقريرها أنه في الوقت الراهن يبدو أن الاخوان المسلمون يعزلون أنفسهم في الملعب السياسي. هذا واضح من صراعاتهم مع شخصيات إسلامية أخرى ، ومع المجلس العسكري , ومع جمهور المصريين. Comment *