* شاركت في المقاومة الشعبية .. وتسلقت الجدران لإخفاء القنابل .. وحملت السلاح للمقاومة في عربة أطفال * عندما استوقفها ضابط انجليزي بالسلاح .. وسألها عن أسم الطفل الذي معها ردت جمال كتبت – نفيسة الصباغ : ربما أغلب المصريون لا يعرفونها لأن الذين يكتبون التاريخ لا يهتمون إلا بمن في مقدمة الصورة .. زينب الكفراوي واحدة من صناع التاريخ الحقيقيين .. بنت لمقاومة شعبية غيرت شكل القوى في العالم.. زينب الكفراوي نموذج لإرادة شعب أراد وحلم بالحرية فأخرج أفضل ما فيه واجبر شعوب العالم على احترامه ربما تراها في أشعار ناظم حكمت عن المقاومة وربما تراها في من اهتموا بالتاريخ الشعبي لكنك حتما لن تراها في كتب التاريخ الرسمية .. وربما لن ترى بطولة شعب بورسعيد بكامله سوى في سطور محدودة .. رغم أن البورسعيدية ومعركتهم كانوا بداية لمرحلة جديدة من تاريخ العالم .. لكن التشويه المتعمد لتاريخ بطولات شعب هو الذي أعمى عيون الكثير فلم تعد ترى النصر إلا بعدد من قتلوا لا بما حققوا وغيروا .. زينب الكفراوي نموذج على إرادة شعب .. عندما أراد توحدت جميع فئاته تحت مظلة المقاومة أطفال وبنات صغار وعمال وضباط وبمبوطية وعساكر.. هي بنت هذه اللحظة لكنه لم تفقد أبدا جذوتها منذ تصدت لاحتلال جديد بعربة طفل وحتى وهي أم و جدة حريصة على أن تربي روح المقاومة في أبنائها وأحفادها.. إنها الجميلة زينب التي تسلقت الجدران لإنقاذ المقاومة.. وحملت القنابل لهم .. وظلت حريصة على هذه الروح حتى في رؤيتها لفتنة مصر والجزائر .. عندما تراها قادمة من بعيد ستدرك أنها زينب التي يتكلمون عنها فالحاجة زينب لا زالت تحمل بداخلها البنت المتمردة التي واجهت الاحتلال من طريقة لبسها وحرصها على بيتها .. ومن حب يحمله الجميع لها فلم يبق في ذاكرتهم إلا صورة البنت الجميلة التي هزمت خوفها وانتصرت لروح المقاومة تروي عن بداية انضمامها للمقاومة فتحيلها للأسرة التي كانت ولا تزال بحكم تربيتها وعملها كمعلمة، أساس كل شيء، تقول زينب الكفراوي “نشأت في أسرة بنحب بعضنا، فالحب ينتقل.. الأسرة هي بداية الوطن.. مش فاكره السنة بالضبط.. ماكنتش فاكره إن فيه حاجة ها تحصل .. قبل 56 كان فيه حرس وطني كان النادي المصري (القديم) اللي هو الشبان المسلمين، كان جنب مدرسة الراقية التي درست فيها، حينها أعلنوا عن إمكانية الاشتراك في التدرب على التربية العسكرية، فاشتركت. كان النادي والمدرسة قرب البيت كنت أنزل أبدأ التربية العسكرية الساعة 7 والساعة 8 أتجه إلى المدرسة، وبالتالي كان عندي فكره عن استعمال السلاح، كان عندي فكره عن في حالة حدوث أي مشكلة ماذا نفعل بالضبط. بعدها تطورت الأمور، وبدأت حملة جمع التبرعات لتسليح الجيش كانت تحت عنوان “سلح جيش أوطانك واتبرع لسلاحه علشاني وعلشانك”، فتطوعت .. كانت تحمل صندوق وتدور به ومعها جندي لتجمع التبرعات وتقول “أنا بأحب اعمل أي حاجة للبلد، وده أساسه والدي، كان بيشتغل في البوليس ودي كانت بداية حياتي، في أكتوبر الحرب بدأت فجأة لقينا ضرب، لم نهجر لأن مكانشي فيه لانش نخرج بيه، وكان بيتنا قريب من البحر.. الطيارات كانت تيجي من الصبح للمغرب، اللي جاي بيته محروق والي جاي عنده مشكلة، كنت أروح مبرة فوزية، أساعد خلص الضرب وعملنا اللي قدرنا نعمله، كنت باحاول اطمن الناس وأروح الشفخانة – المستشفى – لو فيه حد اعرفه، اللي يطلب حاجة أجيبها له” في تلك الأثناء كان هناك معسكرين أحدهما في مدرسة الصنايع والآخر في مدرسة قاسم أمين”. كان هذا هو الدور الذي لعبته، فتاة لديها فكره عن السلاح وعن الوطن وتحبه ونشيطة وعندها “أب حلو هو النقيب كمال الصياد من قسم العرب”، تحكي عن والدها الذي جعل الدفاع عن الوطن بالنسبة لها شيئا عاديا، لا واجب ولا مهمة ولا أي شيء فقط “عادي” تتعامل معه باعتباره غريزة إنسانية وطبيعة الأمور، التي لا ينبغي التوقف أمامها، بينما ينبغي التوقف أمام كل ما هو خلاف ذلك. في ذلك الوقت، جاء أحد الضباط لأبيها وطلب منه “بنت لتتعاون معهم” فرشحني فورا، عرض عليها الفكرة فوافقت وبدأت في جمع عدد من الفتيات معها كان من بينهن أفكار العوادلي وليلى النجار وزينب أبو زيد وسلوى الحسيني، وكانت بداية الاشتراك في المقاومة، تم تكليفها بمهام أدتها كما خطط لها تماما بينما بعض المواقف الطارئة، كانت تستلزم منها سرعة البديهة والابتكار للخروج من الموقف وإتمام المهمة. وتحكي الحاجة زينب: “بيتنا كان جنب مورا هاوس،- الضابط الذي خطفته المقاومة – البوليس عمل حصار للمنطقة لما لقوا العربية اللي خطفت مورا هاووس في المنطقة، وبدؤوا يطلعوا يخبطوا على البيوت بيت بيت يخبطوا عليه وياخدوا الرجالة، البيوت كلها كان فيها بنادق، كان بيتنا وجنبنا بيت واطي وبعدين بيت خالتي ابنها كان فدائي في المقاومة، لقيت ناس بيندهوا الحقينا بيت خالتك فيه قنابل، رحت نازلة من الشباك نزلت على السطح اللي جنبنا، أتأكدت من تأمين القنابل وحطيتهم لها ف صدرها وقعدتها ع السرير، ولفيت السلاح في مشمع وخبيته، ورجعت زي ما رحت، من على سطح البيت اللي جنبنا. في ذلك الوقت كان القادة في الحصار قاعدين على قهوة السعدية في الثلاثيني كنت أروح اخلي الرجالة ما يجوش الحتة عشان كانوا بيقبضوا عليهم” وقتها كانت رئيسة لمجموعة الفتيات كانت مهمتهن نقل المنشورات، وأحيانا نقل الأسلحة والتعليمات، وكانت “عزبة فاروق” بها مخزن الأسلحة، كان هناك محل رياضي يوناني يتلقون منه الأوامر، وهنا تتذكر كيف أن من بين المجموعات المقاومة والشهداء الذين سقطوا في 56 أفراد من الجالية اليونانية في مصر في ذلك الوقت. وتتذكر الموقف الذي خافت فيه، وقتها كانت تنقل سلاح في عربة طفل، كانت العربة عميقة وضعت السلاح وفوقه طفل صغير ودفعت العربة وسارت، كان كمال الصياد، برتبة نقيب في ذلك الوقت، يتابعها من بعيد حين وصلت منطقة التلاتيني، أوقفتها دورية، فجرى الناس تجري إليها، أحدهم أشار إلى الطفل ليسأل عن اسمه، فلم تجد على لسانها سوى اسم “جمال” في إشارة لجمال عبد الناصر وتحد للاحتلال ، حينها كان النقيب كمال الصياد وصل إليها ليسأل الضابط عما يحدث، فقال له إن الطفل يشبه ابنه. بعد انتهاء العدوان، بدأت مرحلة عودة المهجرين، وتروي قائلة “كنا بنستقبل الناس اللي بيوتها أتحرقت واللي ما لهاش مكان نحاول نسكنهم ونساعدهم.” استمرت الفتاة في نقل السلاح والمنشورات باعتبارها “عادي”، وكأنها لا تفعل شيئا، وهو نفس إحساسها بدورها حتى الآن، فهي تقاوم تماما كما تتنفس، قاومت الاحتلال وقاومت التدهور الاجتماعي والأخلاقي وقاومت المرض، فحين توفي ابنها الصغير بالسرطان، قررت المقاومة لأنها تؤمن أن التلوث هو السبب الرئيسي، فنشطت مع جمعية بلدي البيئية لمكافحة التلوث، وحين وجدت أنها لا تقدم الكثير ابتعدت، وبدأت تقاوم احتمال أن تتسلل التغيرات السلبية لابنها وابنتها أساتذة الجامعة، فالتغير الذي حدث في مصر خلال الفترة التي غادرتها أكبر من أن تقبل أن يمس أبنائها، الذين تؤمن بأن إعدادهم ومساعدتهم على إعداد أبنائهم هو اللبنة الأولى للوطن. سافرت للجزائر في إعارة وحين عادت عام 64 وجدت أن التغير الذي حدث كان “180 درجة، كنا كلنا بنحب بعض كنا في 56 أيد واحدة كلنا، وكلنا نعرف بعض” حين عادت في تلك المرة “كانوا فارشين الأرض رمل اصفر لاستقبالي”، وبعدها أعيرت مرة ثانية عام 71 لتعود من الجزائر عام 87، لتعود فتجد تغييرات أخرى جديدة حتى في أخلاقيات وسلوكيات الناس، وهو ما يهمها أكثر من أي شيء فالابتعاد والجفاء والتراجع في السلوكيات هو أكثر ما يقلقها الآن، وتعيش لتقاومه ولتكون نموذجا للأجيال الجديدة، فذلك هو أول الطريق للمقاومة. مواضيع ذات صلة 1. ماهر طلبة : حكايات عن البنت مادلين 2. بعد النكسة: سهام وليلى وشهرت وأمل وسوزان وعايدة ..فتيات على جبهة الوطن 3. خالد علي: “القومي للأجور” لم يفعل شيئا منذ تأسيسه سوى الحصول على “بدل الاجتماعات” 4. تايم: فضيحة بيرلسكوني مع “رويي سارقة القلوب” قد تكون القشة الأخيرة في عمر حكومته 5. المحلة الكبرى قلعة الصناعة التي هزمتها الخصخصة و الغزو الصيني