تنتظر اليوم حسابات وزارة المالية، في البنك المركزي المصري، وصول قيمة طرح مصر من السندات الدولية باليورو، والمقدرة ب2 مليار يورو، والتي ستوجه للبنك المركزي لدعم الاحتياطي الأجنبي. أما المقابل النقدي بالجنيه المصري فسيوجه لتمويل أنشطة الموازنة العامة للدولة. يأتي ذلك بعد أن نجحت مصر، ممثلة في وزارة المالية، في إصدار سندات دولية بقيمة 2 مليار يورو على شريحتين (8 – 12 سنة) بأسعار عائد جيدة، ما سوف ينعكس على أرصدة الاحتياطي الأجنبي لمصر بارتفاع جديد، مع وصول حصيلة الطرح لمصر، وتعد قيمة الطرح 2.46 مليار دولار من بيع سندات مقومة باليورو لأجل ثماني سنوات و12 عامًا عند 4.75 و5.625% على الترتيب. وإدارة الطرح تمت بقيادة 4 بنوك أوروبية، هي بنك بى إن بى باريبا، وبنك الإسكندرية إنتيسا ساو باولو، ودويتشه بنك، وبنك ستاندرد تشارترد، وقام بدور مساعد مدير الطرح البنك الأهلي المصري وبنك مصر، وذلك بعد أن سعت مصر لسد عجز الميزانية وتعزيز حيازتها الدولارية عن طريق بيع سندات دولارية بقيمة 4 مليارات دولار في فبراير الماضي. يبدو أن طرح السندات الدولية هو غاية الحكومة لسداد عجز الموازنة، حيث قال وزير المالية، عمرو الجارحي، إن مصر تستهدف إصدار سندات دولية مقومة بالدولار قيمتها بين ستة وسبعة مليارات دولار في السنة المالية 2018-2019، التي تبدأ في يوليو القادم، مشيرًا إلى أن مصر لا تحتاج إلى طرح سندات هذا العام. السندات الدولية التي تطرحها الحكومة ترفع من الدين الخارجي للدولة، حيث قالت نشرة بورصة لكسمبورج إن الديون باتت تمثل 103.3% من إجمالي الناتج المحلي بنهاية يونيو 2017، بعد أن كانت في نهاية يونيو 2013 تمثل 84.7% من إجمالي الناتج المحلي، وارتفعت في نهاية يونيو 2014 إلى 86.3%، ثم ارتفعت مجددًا إلى 89% نهاية يونيو 2015، ووصلت إلى 96.9% نهاية يونيو 2016. وتلتزم مصر بسداد نحو 14,6 مليار دولار أقساطًا وفوائد للديون الخارجية في 2018، ونحو 11 مليار دولار في 2019، وهو ما يقابله استدانة خارجية لسداد هذه الفوائد، التي أصبحت تمثل عبئًا كبيرًا على موازنة الدولة، حيث وصلت الى 540 مليار جنيه في موازنة مصر للعام المالي القادم 2018/2019، والتي تمثل ما يزيد على 30 مليار دولار. قال الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، إن مشكلة تركيبة الديون أنها ما بين قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، وهو ما يضعنا في مأزق كبير، إذ تشكل الديون قصيرة الأجل جزءًا كبيرًا من إجمالي الدين العام الأجنبي، وهو ما يجعل الحكومة في ظل انخفاض الموارد "الحقيقية" للدولار تسعى للاقتراض؛ لكي تسدد ما اقترضته في السابق، كما هو الحال في السندات على سبيل المثال، وهذا يؤدي بالتالي إلى دوامة الاقتراض ودائرته الجهنمية، التي لا يمكن الخروج منها إلا بثمن فادح للأسف، وهو ما لا نرجوه أبدًا. وأضاف سلامة ل«البديل» أن زيادة الديون بالعملة الأجنبية لها أثر بالغ الضرر على عجز الموازنة، الذي يزيد بسبب زيادة قيمة المدفوع من خدمة الدين، بالإضافة إلى أن حصيلة القروض توجه إلى سداد عجز الموازنة والاستيراد، لا إلى مشاريع إنتاجية تأتي بعائد مادي يسمح بسداد الفوائد، كما أن الاعتماد على القروض يفقد مصر استقلالية القرار السياسي.