أثار قرار توريد القمح بواقع 600 جنيه درجة نقاوة 23.5، و585 جنيها لدرجة نقاوة 23، و570 جنيها لدرجة نقاوة 22.5 للإردب، سخط جموع المزارعين وممثليهم، واعتبروه انتقاصا لحقوقهم وعدم الاعتراف بدورهم القومي في توفير القمح للرغيف المدعم، في ظل الظروف الاقتصادية التي يعانوها مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، مطالبين المسؤولين بإعادة التسعير القمح مرة أخرى، بما يضمن لهم هامش ربع مناسب. وطالب المزارعون في وقت سابق بزيادة سعر توريد القمح إلى 800 جنيه، خلال فترة عقد الاجتماعات الخاصة بالجهات المعنية لتحديد سعر التوريد، إلا أن مطالباتهم تم تجاهلها، وانتظرت الحكومة انخفاض سعر القمح عالميا، ليكون سعرا استرشاديا لهم عند الإعلان عن سعر التوريد الجديد، وفقا لتصريحات وزير الزراعة عبد المنعم البنا، الذي أكد أن الحكومة انتظرت انخفاض سعر القمح عالميا خلال الأشهر الأخيرة لإعلان سعر شراء الإردب من المزارعين المحليين، معتبرا أن وصول سعر الطن إلى 4 آلاف جنيه أمر "جيد جدا". غضبة المزارعين من أسعار التوريد، تزامنت مع إعلان الدكتور علي مصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، استهداف استلام 4 ملايين طن قمح خلال العام الجاري، وسيتم استيراد 6 ملايين طن من الخارج لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك الذي يقدر ب10 ملايين طن سنويا موجهة للرغيف المدعم فقط. وقال نشأت أمين، أحد المزارعين، إن سعر توريد القمح هذا العام تدفع الفلاحين لجعله علفا للماشية، بعد تسجيل سعر طن النخالة 3500 جنيها، مقابل 4000 جنيه لسعر طن القمح تقريبا، لافتا إلى أن تكلفة زراعة فدان القمح بلغت هذا الموسم 12 ألف جنيه؛ موزعة على إيجار 8 آلاف جنيه، إلى جانب التقاوي والعمالة والري ومستلزمات الإنتاج، ومتوسط الإنتاج يترواح بين 15-20 إردبا. وأضاف أمين ل"البديل"، أنه لو افترضنا أن متوسط إنتاجية الفدان 20 إردبا وسيتم توريدة بأعلى سعر؛ 600 جنيه؛ فإن فدان القمح سيورد ب12 ألف جنيه، وهى التكلفة التي تكبدها المزارع طوال الزراعة، لذلك لم يعد له أي هامش ربح سوى "تبن القمح" والحمل منه يزن 250 كيلو بسعر يترواح بين 300-400 جنيه، والفدان ينتج 12 حملا؛ فسيبلغ قيمة ربحه 3600 جنيه، وإذا تم تقسيمها على فترة بقاء القمح في الأرض "6 أشهر"، يعني أن مكسب الفلاح عن كل شهر زراعة يقدر بمبلغ 600 جنيه فقط، لا يكفل له حد الكفاف في المعيشة. وحذر حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، من تداعيات سعر توريد القمح الذي لن يجعل اختيارا أمام الفلاحين سوى العزوف عن زراعته والتوجه إلى محاصيل أخرى أكثر ربحية، ما سيؤدي في النهاية إلى دمار محصول القمح، وتقليص المساحات المنزرعة به، مؤكدا أن تحرير سعر صرف العملة المحلية أدى إلى رفع أسعار البنزين والسولار، اللذين تستخدمهما ماكينات الري والحرث في الأراضي الزراعية، علاوة على ارتفاع أسعار الأسمدة 3 مرات خلال هذا العام، ووصول إيجار فدان الأرض إلى 8 آلاف جنيه سنويا، في حين اكتفت الحكومة برفع السعر ما بين 15 إلى 25 جنيهاً فقط للإردب عن الموسم السابق، وهي زيادة ضعيفة. وأضاف أبو صدام ل"البديل"، أن ارتفاع أسعار الأسمدة ومستلزمات الإنتاج، سيؤدي بالمزارع إلى تقليص كميات الأسمدة المستخدمة في عملية الزراعة، ما يهدد بضعف إنتاجية الفدان، متابعا أن معاملة الفلاح بالسعر العالمي في محصول القمح، كما أعلنت الحكومة، أمر سلبي وظالم للمزارع، بسبب اختلاف ظروف الحياة بيننا وبين الخارج، مشددا على ضرورة أن تصل الزيادة إلى 800 جنيه للإردب، لتحفيز الفلاحين على التوسع في زراعته، بما يساهم في تقليل حجم الاستيراد. وقال مجدي الشراكي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العامة للإصلاح الزراعي، إن تسعير القمح بثمن يحقق الربحية للمزارعين، أمر ضروري للحفاظ على الأمن الغذائي القومي للمصريين، خاصة في ظل الظروف السياسية العالمية المضطربة، مؤكدا أن خسارة مزارعي القمح الموسم الماضي قلصت زراعته هذا العام إلى نحو مليوني فدان فقط، بدلا من ثلاثة ملايين فدان العام الماضي، كما تنذر بتراجع مساحته في 2019 إلى 1.5 مليون فدان فقط، ما يعني اعتماد الحكومة على استيراد 90%من أقماح رغيف الخبز المدعم في العام المقبل.