مع استمرار سياسة تكميم الأفواه التي مازالت تتبعها الأنظمة المتتالية على حكم مصر، تواجه الجماعة الصحفية مشكلة أخرى هي غياب الدور الفعال لنقابة الصحفيين عن المشهد واحتلال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لجميع الأدوار المخصصة لها. كشف مانشيت جريدة المصري اليوم "الدولة تحشد المواطنين في آخر أيام الانتخابات"، عن غياب دور نقابة الصحفيين، وتولي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الدور الأساسي والرئيسي في محاسبة ومراقبة ما اعتبر خطأ مهنيا، إذ قام بالتحقيق مع العضو المنتدب للجريدة بشأن العنوان الذي وصفه الأعلى للإعلام بأنه غير مهني، وقرر توقيع غرامة قدرها 150 ألف جنيه وإلزامها بنشر اعتذار رسمي في نفس مكان ومساحة الخبر مقدم للهيئة العليا للانتخابات، وإحالة رئيس تحريرها وأحد محرريها للتحقيق بمعرفة نقابة الصحفيين. ورغم أن التحقيق في الأخطاء المهنية هو من صميم عمل نقابة الصحفيين ولا يحق لأي جهة تحويل أي صحفي للتحقيق إلا النقابة، فإن هذا لم يحدث، فقرار التحويل للتحقيق خرج من المجلس الأعلى للإعلام في الوقت الذي علق فيه عبد المحسن سلامة، نقيب الصحفيين، على الموضوع قائلا إنه سيتم التنسيق بين النقابة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام؛ للرد على المذكرة المقدمة من الهيئة الوطنية للانتخابات، بشأن ما تناوله عنوان جريدة المصري اليوم عن الانتخابات الرئاسية. وقال عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إنه ليس من حق المجلس الأعلى للإعلام إحالة رئيس تحرير المصري اليوم للتحقيق لأن نقابة الصحفيين ليست فرعا للمجلس، مشيرا إلى أن المصري اليوم لم ترتكب أي أخطاء مهنية من الأساس، وأن المجلس تجاوز دوره وهذا مرفوض جملة وتفصيلا، إذ إن دور نقابة الصحفيين هو حماية حق الصحفيين في الكتابة بحرية وفقا للقانون، بحسب قوله. وأضاف بدر، أن ما حدث هو تقديم المستشار رئيس هيئة الإشراف على انتخابات الرئاسة شكوى ضد صحيفة المصري اليوم للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وبنص القانون فإن نقابة الصحفيين هي فقط المسؤولة عن متابعة أي مخالفات تأديبية خاصة بالصحفيين بحسب نص المادة 34 من قانون تنظيم الصحافة، موضحا: "الزملاء في المصري اليوم من الناحية المهنية لم يرتكبوا أي مخالفة والتزموا بالقانون وميثاق الشرف الصحفي أثناء أدائهم لعملهم، وكل محاولات تهميش دور نقابة الصحفيين أو استبعادها من دورها القانوني والدستوري مرفوضة". وقال بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، إن تدخل الأعلى للإعلام في شؤون نقابة الصحفيين يرجع إلى تقاعس دور مجلس النقابة الحالي عن أداء مهامه وعدم اعتراضه على هذه التدخلات، وهذا يرجع إلى إقحام نقيب الصحفيين النقابة في المعترك السياسي والتصريح بصفته نقيب الصحفيين في أمور سياسية وهذا لا يعني أن النقابة ليس لها علاقة بالسياسة، لأن نقابة الحريات معروفة بأنها المدافع عن حقوق المظلومين ولكن التصريحات بالصفة الصحفية عن الانتخابات ونزاهتها غير مقبول حيث غلب الطابع السياسي على الطابع المهني الذي تم انتخاب النقيب على أساسه. وأوضح أن المجلس الاعلى للإعلام من حقة تغريم الصحيفة 150 ألف جنيه لأن هذا دوره ولكن ليس من حقه تحويل صحفي إلى التحقيق بل كان عليه إحالة الأمر برمته أو الشكوى التي تقدمت بها اللجنة العليا للانتخابات إلى نقابة الصحفيين لاتخاذ ما يلزم وفقا للقانون وهذا دور النقابة الغائب.