انتشرت مؤخرا، جريمة انتحال صفة مأموري الضبط القضائي "ضابط شرطة"، كحيلة يلجأ إليها المجرم ويستغلها للإيقاع بضحاياه، بهدف استغلالهم أو النصب عليهم، وظهرت تشكيلات عصابية تخصصت في ارتكاب هذه الجريمة بصور عدة. وعزز انتشار ونجاح الجريمة، إشكالية التطبيق الواقعي والفعلي للقانون، فيما يتعلق بإبراز مأموري الضبط هويتهم الشخصية للمواطنين، بجانب غياب الوعي القانوني لدى المواطن حول حقوقه التي كفلها الدستور والقانون، وحول دور وواجبات وحدود مأموري الضبط القضائي، بالإضافة إلى استهانة الأفراد والعصابات بالعقوبة القانونية المفروضة عند ارتكاب جرائم انتحال الصفة. وفاقم المشكلة ارتكابها بحق سائحين، وسجلت محاضر الشرطة، العديد من وقائع النصب على السائحين، وألقت أجهزة الأمن القبض على عاطل تخصص في انتحال صفة رجل شرطة، وتبين أنه وراء سرقة إندونيسي وسوداني والاستيلاء على هواتفهم ومتعلقاتهم بمدينة نصر، كما تم ضبط عاطل آخر بالجيزة انتحل صفة ضابط شرطة، واحتال على سائحين مقيمين بالشقق المفروشة بالدقي والعجوزة، واستولى على مبالغ مالية منهم. وبحسب قانون العقوبات، فإن انتحال صفة ضابط دون ارتكاب جريمة، تتراوح فيها العقوبة من شهر إلى 3 سنوات، بينما في حالة النصب على المواطنين وانتحال الصفة، تتراوح بين 3 و7 سنوات، وتصل إلى 15 سنة، في حالة ارتباطها بحيازة سلاح ناري، بينما تصل للإعدام في حالة القتل. وقال الخبير في الشأن، عادل سليمان، إن ثبوت عملية النصب في حال انتحال الصفة أمر صعب يرتبط بوجود بلاغ للمجني عليهم، وبالتالي تنحصر العقوبة في درجتها الأولى من شهر إلى 3 سنوات، مضيفا ل"البديل"، إن إبراز هوية مأموري الضبط القضائي للمواطنين، أحد أهم السبل لغلق الأبواب أمام منتحلي الصفات، وهو حق قانوني للمواطن، لا ينتقص من مأموري الضبط، بل يسهل مهامهم، ويتوجب عليهم إبراز هويتهم في حالات الضبط والتلبس وتوقيف المواطنين عند التحري والاشتباه، وفي حالات التفتيش الشخصي وتفتيش المسكن. وتنص المادة 54 من الدستور على أن الحرية الشخصية حق طبيعي، وهى مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق، وبنص المادة 58، فإن للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائي مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، وذلك كله في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية التي ينص عليها، ويجب تنبيه من في المنازل عند دخولها أو تفتيشها، وإطلاعهم على الأمر الصادر في هذا الشأن. وتعليقًا على حقوق المواطن الدستورية المتعلقة بإظهار هوية مأموري الضبط القضائي، قال المحامي بالنقض رجاء عبد المنعم، إنه من حق المواطن التحقق من صفة مأمور الضبط عند استيقافه، وعدم التحرك مع مأمور الضبط حال عدم إفصاحه عن هويته، وحال حضور قوة أمنية إلى المسكن لا بد من التحقق من وجود إذن نيابة، إضافة إلى التحقق من صفة الضابط. في الوقت نفسه، لا تقتصر جريمة انتحال الصفة على أهداف التربح والنصب فقط، فبحسب الطبيب النفسي مسعود عبدالله، فإن هناك مرضى بداء العظمة والنرجسة وحب الذات، وبالتالي فإن الكثير من المنتحلين يجدون في فعلتهم تنفيسًا وإفراغًا لما بداخلهم من أمراض وطموحات محطمة، ومحتوى نفسي سالب، وبعضهم يهرب من حالات الإحباط والقلق والتخلص من الطموحات المحطمة.