شهدت العديد من محافظات الصعيد خلال السنوات الخمس الأخيرة، قيام مجموعات من الشباب باستصلاح مساحات من الأراضي الصحراوية بالظهيرين الشرقي والغربي، من خلال شركات مساهمة صغيرة كونوها فيما بينهم، وحرص العديد منهم على اتباع الإجراءات القانونية لاسيما أنهم أنفقوا مبالغ كبيرة في استصلاح تلك الأراضي ودق الآبار بها، ورغم ذلك فوجئوا بمطالبة الدولة لهم متمثلة في شركة "الريف المصري" بسداد مبالغ كبيرة لتقنين أوضاعهم. يقول محمد الحامد، مساهم في إحدى الشركات بالمنيا، إن النظام السائد منذ أكثر من 20 عامًا هو قيام الجمعيات بشراء الأراضي من المحافظة بعد تقنين وضعها والحصول على التراخيص اللازمة، والبدء في استصلاحها أو بيعها لعملاء آخرين أو مجموعة من الشباب، إلا أن الدولة متمثلة في شركة "الريف المصري" التي تتولى تقنين أوضاع واضعي اليد على الأراضي الواقعة بحيز المليون ونصف فدان، طالبتهم مؤخرا بالدفع مرة أخرى لتقنين أوضاعهم، بأسعار تصل إلى 48 ألف جنيه للفدان الواحد، وهو ما يمثل عبئا كبيرا عليهم. وأضاف ل"البديل" أنه وفقا للقانون يجب أن لا تقل مساحة المزارع التي تُستصلح عن 430 ألف فدان، من بينها 30 فدانا متروكة للطرق والتوسعات المحيطة، "وهذا معناه في حالة دفع ال48 ألف جنيه لكل فدان مستصلح سداد ما يفوق ال10 ملايين جنيه، وهذا أمر صعب في ظل استثمارنا كشباب في الاستصلاح الزراعي، وقد جلسنا وعدد من الشركات الأخرى مع مسؤولي الريف المصري لبحث تخفيف تلك الأعباء، خاصة أنه لا يمكن محاسبة من استصلح وبدأ العمل فعليا كالذي لم يبدأ، كما أننا وفرنا على الشركة عمل الآبار والمواسير والعديد من الخطوات التي ستقوم بها الشركة للمستفيدة الجديد بمشروع المليون ونصف فدان". وعن تجربته في الدخول بشركة مساهمة هو وعدد من الشباب، قال الحامد، إن تطبيق الشباب للفكرة مازال صعبا جدا، فهناك مشكلات لا تكون في الحسبان تقع من حين لآخر تهدد الاستمرارية، والشركات الكبرى هي الأقدر على الاستمرار، مضيفا: الأثمان التي حددتها الدولة لكل فدان في الظهير الصحراوي والتي وصل بعضها إلى 48 ألف جنيه حاليا، تجعل الاستثمار للمقتدرين وليس للمجتهدين حتى ولو كانوا مهندسين زراعيين، فالخوف من الوقوع في مشكلات مالية أمر صعب. وعن النظام الجديد المتبع للري في المشروعات الزراعية الكثيرة، قال إنه يتم إجبار المستثمرين على العمل به، حيث تمنع القوانين الحالية عملنا في زراعة المحاصيل المستهلكة للمياه بشكل كبير، ويُحدد لنا 6 متر مكعب من المياه لكل فدان يوميا، متمنيا منح المستثمرين مزيدا من التسهيلات حتى لا تلحق تلك المشروعات القديمة بما حدث لمشروعات شباب الخريجين في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وترك الشباب للأراضي وفشل المشروع. وقال محي صلاح، أحد الذين كونوا شركة مساهمة مع بعض الشباب للزراعة في أسيوط، إن فكرة الشركات المساهمة رغم أنها محفوفة بالمخاطر، فبعد أن قرروا خوض التجربة لاستغلال خبراتهم في الزراعة طامحين في تحسين أوضاعن من خلال تعمير الصحراء، كانت أولى العقبات هي مواجهة "العربان" لهم وإجبارهم على دفع إتاوات من حين لآخر، إلى أن تم تقنين أوضاعهم لدى المحافظة، ولكن ظهرت العديد من المشكلات من جديد على رأسها صعوبة التسويق، وضعف التيار الكهربائي. ويرى عماد عبيد، رئيس اتحاد الفلاحين المصري، أن فكرة الشركات المساهمة هي الحل الأفضل للشباب، لأنها تساهم في تعمير الصحراء، وتوفير المحاصيل وتصديرها والقضاء على البطالة، مطالبا بتقديم التسهيلات لهم، موضحا: ليس من العيب أن تأخذ الدولة حقها، ولكن في نفس الوقت لا يمكن أن نعامل مجموعة من الشباب بإمكانيات محدودة وحصلوا على مساحات بسيطة لكسب الرزق مثلما نعامل الشركات الكبيرة التي استحوذت على أراضي مساحتها عشرات الآلاف من الأفدنة، متمنيًا تقديم مزيد من التسهيلات للشباب لاستمرار مشروعاتهم في تعمير الصحراء والاستصلاح الزراعي.