كثيرًا ما تتعارض المصالح في طريق الوصول للسلطة والبقاء فيها، وتصل أحيانًا إلى الاختلاف والانقلاب على أصدقاء الأمس، ومقاطعتهم وعزلهم أحيانًا أخرى، لكن بعد أن يفارق أحدهم كرسي الحكم، ويغادر الحياة، يتجاور الخصم والحكم، يجتمعان معًا في مكان واحد، لا أحد يملك من أمره شيئًا. في مدافن القادة والعسكريين والرؤوساء لا صوت يعلو فوق صوت صفارات الشرطة العسكرية، التي تعسكر طوال الوقت على مداخل ومخارج البوابات الحديدية الشاهقة التي تضم من خلفها مدافن تحمل اسم "القوات المسلحة"، حيث تخصص لهم مدافن خاصة مبنية على مساحات واسعة في بلوكات حديثة منعزلة تمامًا عن مقابر المدنيين، يفصل بينهما سور طويل شاهق الارتفاع من جميع الاتجاهات ومجندون في نوبات صباحية ومسائية ودوريات للتفتيش والحراسة. مدفن أسرة السيسي على جانبي محور المشير في طريق القطامية، توجد مدافن أسرة الرئيس عبد الفتاح السيسي داخل بلوك خاص بأفراد وضباط القوات المسلحة، يعسكر على مدخليها مجندون من الشرطة العسكرية يفتشون كل الزائرين للقبور، هناك لا صوت يعلو فوق صوت السكون، الجميع يلتزم مكانه، العدد الأكبر منهم متمركزون عند مدخل المقابر من ناحية البوابة الرئيسية التي تقع مقبرة السيسي على يسارها، على بعد خطوات منها لا يفصل بينها وبين مدافن المدنيين إلا سور طويل لا يستطيع أحد عبوره أو تخطيه إلا بإذن عسكري. مدافن أسرة السيسي تم إقامتها منذ عام 2006 وهي عبارة عن مدفنين، أحدهما مقام على طراز قديم محفور اسم اللواء أركان حرب عبد الفتاح السيسي على لوح سيراميك أبيض معلق على واجهة المقبرة المبنية بالطوب الحراري والتي تعلوها على غير العادة الآية القرآنية "رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والأخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين"، والمقبرة الأخرى تقع في الجوار وهي مقامة على طراز حديث ومدون عليها نفس الآية القرآنية التي يقرّ فيها العبد بنعمة الله عليه من الملك والحكم والعلم والكنف والرعاية، ويجاورها 3 مقابر أخرى لثلاث قيادات عسكرية ومصرفية بارزة. جيران الرئيس جيران الرئيس في الدار الآخرة رفقاؤه في السلطة ورجاله في أجهزة الدولة، حيث يجاوره المصرفي الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزي السابق، الذي تولى خزانة مصر لسنوات طويلة، وفي الجوار توجد مقبرة الفريق حمدي وهيبة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، والمقبرة الثالثة من الناحية الأخرى وعلى بعد أمتار قليلة من مدفن أسرة السيسي يوجد مدفن جانبي مبني بالطوب الحراري خاص بأسرة الفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق. مدفن نجيب 3 لافتات عريضة من الرخام معلقة على واجهة المدافن الواقعة خلف النصب التذكاري لشهداء القوات المسلحة، في نهاية ممر طويل يفصل بين المقابر، إحداها تحمل اسم اللواء أركان حرب محمد نجيب، أول رئيس جمهورية لمصر بعد إزاحة الملكية، ومطبوع عليها تاريخ الوفاة 28 أغسطس 1984، ويجاوره المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية الأسبق والعقل المدبر لحرب أكتوبر 1973، ويرافقهما المشير أحمد بدوي وزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق، ومطبوع على مدخل المقبرة الآية القرآنية "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي." ضريح ناصر في منطقة كوبري القبة بالقاهرة يقع ضريح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي يحرص القادة والحزبيون والمواطنون على زيارته يوم 28 سبتمبر من كل عام، ويجاوره قبر زوجته تحية عبد الناصر، هناك يعسكر حارس على بوابة الضريح للاهتمام بنظافة الحوش وقاعة الزيارات الكبرى الملحقة بالمسجد، لاستقبال الضيوف من الوزراء والقادة والسفراء الذين يأتون باستمرار لزيارة قبر ناصر، الذي توفي عام 1970. وداخل الضريح كتب الخطاط على اللوحة الرخامية المعلقة على جانبيه سورة الفاتحة والمعوذتين "الفلق، والناس" وفي الجوار كتب أيضًا رثاء للرئيس الراحل "في رحاب الله، عاش واستشهد من أجل خدمة الوطن". الجندي المجهول على بعد خطوات من ميدان رابعة العدوية يقع النصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة نصر، ويجاوره قبر الرئيس الراحل أنور السادات الذي لا يبعد كثيرًا عن ضريح ناصر، السادات اغتيل في نفس المكان أثناء الاحتفالات السنوية بذكرى السادس من أكتوبر في حادث المنصة الشهير عام 1981، وهناك لا أحد يمرّ إلا بأمر عسكري وبإذن من العساكر المرابطين عند النصب التذكاري للزيارة من على الخط الموجود على منتصف الممر، ولا يسمحون بالتصوير أو التقاط الصور التذكارية مع مقبرة الرئيس الذي كتبوا على مقبرته "الرئيس المؤمن محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام عاش من أجل السلام، واستشهد من أجل المبادئ"، وعلى جانبي المقبرة المشيدة على طراز فخيم محفورة الآية القرآنية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون".