إحالة المحامي الذي يحدث "تشويشا" داخل المحكمة، للنيابة العامة لإجراء التحقيق معه واحتجازه إذا تطلب الأمر، وإلغاء الأحكام الغيابية سواء في الجنايات أو الجنح.. مواد من قانون الإجراءات الجنائية الذي يتضمن ما يقرب من 600 مادة، لازالت تثير الجدل تحت قبة مجلس النواب. وعلل بعض النواب المعارضين بأن القانون يتضمن موادا تخالف الدستور، بينما يرى آخرون أنها مهمة لعدم تضارب الأحكام والسيطرة على الأوضاع داخل المحاكم. وتشمل التعديلات التي تعمل اللجنة التشريعية على إعدادها نحو 268 مادة من أصل 600، حيث سيكون هناك استبدال ل99 مادة، وتعديل 150 مادة خاصة بالتحقيقات ودور النيابة العامة في القضايا وقاضي التحقيقات، وكذلك من المقترح إلغاء 21 مادة من القانون واقترح استحداث 44 مادة أخرى، حيث ستكون جملة التعديلات 270 مادة من أصل 600، هي إجمالي مواد القانون حسب ما ذكره المتحدث الرسمي للبرلمان، النائب صلاح حسب الله. ووافق أعضاء لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس النواب، أمس الأحد، على المادة المتعلقة بآليات إعلان المتهمين، رقم 234 بمشروع قانون الإجراءات الجنائية، والتي سيترتب عليها إلغاء الأحكام الغيابية. وتنص المادة رقم 234، بأنه في غير الأحوال المنصوص عليها فى المادة 73 من هذا القانون تعلن ورقة التكليف بالحضور لشخص المعلن إليه أو في موطنه المثبت ببطاقة رقمه القومي، وإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله، أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من القاطنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار، وإذا لم يكن للمتهم محل إقامة ثابت، يسلم الإعلان للسلطة الإدارية التابع لها آخر محل إقامة للمتهم ما لم يثبت خلاف ذلك، ويجوز في مواد الجنح إعلان ورقة التكليف بالحضور بواسطة رجال السلطة العامة. المستشار بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أكد أن المادة 234 بشأن الأحكام الغيابية، العالم أجمع على ضرورة إلغائها سواء فى الجنايات أو الجنح، لكن لابد من وضع ضمانات قبل الإلغاء، وأن استخدام الأحكام الغيابية بشكل سيئ، مشيرًا إلى أن الأحكام الغيابية أحدثت حالة من تضارب الأحكام في العديد من القضايا، ولكل من هم في مراكز قانونية واحدة، وهذا ليس عدلاً. وقال أبو شقة إنه يتم استغلال الأحكام الغيابية بشكل سيئ من قبل المتهمين؛ على سبيل المثال يهرب المتهم حتى صدور أحكام بعينها، وبعد ذلك يُعيد الإجراءات من أجل مد أمد القضية والتي يترتب عليها سقوط الدعاوى المدنية، ومن ثم صدور أحكام مختلفة لنفس ذات المتهم في القضية الواحدة، مؤكدًا أنه ستوفر كثيرًا من الجهد والوقت ونظر القضايا داخل المحاكم. وأما عن المادة رقم 245 من تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، الذي تم وضعه منذ أكثر من 60 عامًا، بشأن ضبط النظام داخل المحكمة ويترتب عليه إحالة المحامى الذي يقوم بالتشويش للنيابة العامة لإجراء التحقيق معه، قال النائب عبد المنعم العليمي، إنها تخالف الدستور الذي ذكر في نص بإحدى مواده على عدم القبض على المحامى إلا في حالة التلبس، وإن كلمة "التشويش" مطاطية ومفتوحة دون أي ضوابط. والمادة رقم 245 ، تنص على أنه مع مراعاة أحكام قانون المحاماة إذا وقع من المحامى أثناء قيامه بواجبه في الجلسة، وبسببه ما يجوز اعتباره تشويشًا مخلا بالنظام أو ما يستدعى مؤاخذته جنائيًا، يحرر رئيس الجلسة محضرًا بما حدث، وللمحكمة أن تقرر إحالة المحامى إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق إذا كان ما وقع منه يستدعى مؤاخذته جنائيًا، وإلى رئيس المحكمة إذا كان ما وقع منه يستدعى مؤاخذته تأديبيا، وفى الحالتين لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة التي وقع فيها الحادث أو أحد أعضائها عضوا في الهيئة التي تنظر الدعوى. وأضاف العليمي ل"البديل"، أنه غير معقول أن يقوم محامي بعمله داخل المحكمة، وقد يجادل أو يناقش قاضي في أمر ما بالقضية، فينفعل دون قصد، فيتم إحالته للنيابة، ويتم التحفظ عليه، ثم احتجازه، بالمخالفة للدستور، الذي أعطى للدفاع الحرية دون قيود، حتى يتحدث بحرية عن قضيته وما يطرحه، ووضع ضمانة للمحامين في عدم القبض عليهم أثناء القيام بعملهم، متابعا أن إحالة المحامين للنيابة، تعد إهانة لمهنة المحاماة. وقال النائب البرلماني سامي رمضان، إن إحداث التشويش في الجلسة، مسألة نسبية، وسيتم تحديدها بالمزاج، فمن الوارد أن يعتبر القاضي حديث محامى لزميله تشويشا، وأيضا رفع صوت المحامي تشويشا، ومن ثم نكون فتحنا الباب لنسبية القرار دون أي ضوابط. وتحدث رمضان منفعلاً خلال مناقشة المادة، قائلا: "النص غير منضبط، وعلينا أن نعى هذه المادة بشكل حاسم"، متابعا: "كدة المحامين هيدخلوا خايفيين من المرافعة أمام القضاة، وإزاي يقدر يخش المحكمة تاني لو تم إحالته للنيابة للتحقيق؟"، مطالبا بضرورة أن تكون إحالة مذكرة تجاه المحامى وليس إحالة المحامي للنيابة. وعقب الجدل الواسع الذي أحدثته المناقشة حول المادة، قرر المستشار بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة، تأجيل حسم المادة؛ لحين الانتهاء من جميع المواد، والإطلاع على قانون المحاماة، لتفعيل الضمانات اللازمة لحفظ الأمن والهدوء بالجلسات والمحاكمات.