مخالفات عديدة ترصدها الأعين بمجرد الدخول إلى أحد مكاتب الشهر العقاري لتحرير توكيل لأحد المرشحين للانتخابات الرئاسية. شكاوي بالجملة من عدم وجود أسماء بعض المرشحين على التوكيلات، بالإضافة إلى امتناع بعض المكاتب عن تحرير توكيلات بدعوى أن المواطن له محل إقامة خارج المحافظة التي يوجد بها مقر المكتب، وامتناع البعض الآخر عن تذييل التوكيلات بخاتم شعار الجمهورية، وذلك بخلاف المضايقات والتهكمات التي يتعرض لها بعض المواطنين الراغبين في تحرير توكيلات لأحد المرشحين المنافسين للرئيس عبد الفتاح السيسي. في مكتب الشهر العقاري بعمارات العرائس، رصد "البديل" طوابير مصطفة من الناس، وعلى رأس كل منها شخص يمسك بعدد كبير من البطاقات، لتتعالى الصيحات بين المصطفين مطالبة بإنهاء توكيلاتهم لمغادرة المكان.. سيدة خمسينية تدعى "أم مصطفى" أجابت على سؤال "البديل" حول حرصها على تحرير توكيل، قائلة: "قالوا اللى هيروح يعمل توكيل للرئيس هياخد 50 جنيه، وانا بيتي قريب من هنا ولقيت الجيران رايحين". كانت إجابتها كافية لتشرح تحمل هؤلاء المصطفين في الطوابير معاناة الزحام والانتظار. وقال جمال سيد، شاب ثلاثيني، يعمل محاميا، اصطحب زوجته لتحرير توكيل للمرشح المحتمل خالد علي: بعدما علم موظف الشهر العقاري رغبتنا في تحرير توكيلات لخالد علي، وليس السيسي، بدت على ملامحه الدهشة والتعجب، وعلى الفور يبدو أن جميع من كانوا بالشهر العقاري علموا بهذه الجريمة التي أقبلنا على فعلها، وبدأت النظرات والتهكمات والعبارات الاستفزازية، مضيفا أن هناك العديد من المواطنين حملتهم أتوبيسات خاصة الى الشهر العقاري وتم حشدهم خصيصا لتحرير توكيلات للرئيس. وكانت حملة خالد علي، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، قد تقدمت بشكوى إلى الهيئة الوطنية للانتخابات بسبب ما وصفته بالعراقيل التي تعرض لها المواطنون أثناء تحرير التوكيلات بعدد من مكاتب الشهر العقاري، حيث رصدت غرفة العمليات والمتابعة بالحملة امتناع بعض مكاتب الشهر العقاري عن تحرير توكيلات بدعوى أن المواطن له محل إقامة خارج المحافظة التي يوجد بها مقر المكتب، وامتناع البعض الآخر عن ختم التوكيلات بخاتم شعار الجمهورية. وطالبت الحملة في بيان لها، بإزالة الدعاية المخالفة للمرشح المحتمل عبد الفتاح السيسي المنتشرة بعدد من الميادين والأماكن العامة والحكومية بالمخالفة لقرارات اللجنة والجدول الزمني الخاص ببدء الدعاية الانتخابية، كما تقدمت الحملة بشكوى بخصوص التعرض لحرمة الحياة الخاصة لخالد علي والتجاوزات الإعلامية في حقه بالمخالفة لقرارات اللجنة والقواعد المنظمة للانتخابات الرئاسية. ومن جانبه، أفاد أحد أعضاء الهيئة الوطنية للانتخابات بأنه لا صحة لما تثيره بعض مكاتب الشهر العقاري من عدم اختصاصها بتحرير توكيلات التأييد للمواطنين المقيمين خارج نطاقها، مؤكدا أن اختصاص تلك المكاتب هو اختصاص عام لكل مواطني الجمهورية، كما أمر ببدء التحقيق في تلك الشكاوى وأصدر أوامره لقطاع الدعم الفني بالهيئة الوطنية للانتخابات بسرعة تدارك بعض المعوقات الإدارية في تحرير التوكيلات والتحقيق فيها. فيما رصد أحمد عبد اللطيف، المحامي الحقوقي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، العديد من التجاوزات بمكتب الشهر العقاري بمنطقة المعادي، حيث قام رئيس المكتب بتوجيه المواطنين لعمل توكيلات للرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى قيام عضو مجلس الشعب عن الدائرة بجمع البطاقات الشخصية من المواطنين مقابل 50 جنيه للتوكيل الواحد، حسب قول عبد اللطيف. وأكد عبد اللطيف أن تأثير هذه التجاوزات على العملية الانتخابية قد يجعلها أشبه بالاستفتاء على مرشح واحد هو الرئيس السيسي، وذلك بعد فشل الراغبين في خوض السباق الرئاسي في جمع التوكيلات المطلوبة خلال المدة المحددة، بسبب العراقيل التي يواجهونها والمضايقات التي يتعرض لها الراغبون في تحرير توكيلات لهم. وأضاف المحامي بالشبكة العربية: "حتى في حالة نجاح أحد المرشحين المحتملين في جمع التوكيلات المطلوبة، فهذه التجاوزات تشير إلى تجاوزات أكبر ستحدث خلال العملية الانتخابية، مؤكدا أن المال السياسي سيلعب خلالها دورا كبير".